بالأمس ظلت العيون شاخصةً نحو 《جيبوتي》التي إحتضنت قِمة استثنائية للإيغاد تتعلق بالشأن السوداني ومنعطفه الخطير الذي ظل يؤرق الجميع.
رغم قناعتنا بضعف القوى الأفريقية -(الإيغاد والإتحاد الأفريقي)- في معالجة قضايا الصراعات الداخلية في بعض الدول الأفريقية-“الصراع الأثيوبي الأثيوبي والصراع في جنوب السودان، والصراعات في السودان بين حركتي الحلو ونور”- وفقدانها المقدرة على رفع العصا وتقديم الجزرة لأطراف الصراع من أجل تقريب وجهات النظر بينهما تمهيداً للوصل إلى حلول ترضي الجميع، إلاَّ أننا نلاحظ إهتمام الدول الأفريقية بالشأن السوداني ومحاولة الدول الكُبرى إرجاع نهايات الحسم إلى مهدها الأفريقي كما شاهدنا ذلك في إتفاقية نيفاشا المشؤمة التي قسمت السودان وعمقت الصراعات في كردفان ودارفور والنيل الأزرق.
حرب ١٥أبريل التي أشعل فتيلها عصابة الكيزان الذين سرقوا إسم الجيش ،تُعد من حروب التحولات التاريخية العظيمة التي شكلت واقع سوداني جديد رغم مرارتها وآلامها التي تجسدت في نفوس الشعب السوداني الذي فقد فلذات أكباده وفارق دياره وعاش بين مشردٍ ولاجئ يبحث عن مأوى وسُترة حال.
هذه الحرب وضعت السودان بين مفترق طُرق تحتاج إلى بصيرة وعقلية ثاقبة النظر تهتم بمستقبل السودان السياسي والإقتصادي الذي تتزحلق حوله الأحزاب والكُتل السياسية التي تحاول جاهدة الإستثمار في ضعف القوتين العسكريتين المتقاتلتين،ومحاولة التكويش على جميع المزايا السياسية والإقتصادية ،وإبعاد العسكريين وفرض قيود تحصرهم في الجوانب العسكرية وتجردهم من المشاركة السياسية والإقتصادية،بينما تتعامل عصابة الكيزان المتسيطرة على الجيش بصلف القوة الباطشة ضد المدنيين وحصد أرواحهم بقنابل الطائرات والبراميل الحارقة ،إنتقاماً وحِقداً دون المرعاة للقيم المجتمعية وحقوق الإنسان.
السودان ما بعد ١٥أبريل لن يكون هو ذاته السودان ما قبلها ،فقد تغيرت موازين القوى ولم يعد هناك مجال لتدجين النُخب كالسابق وممارسة الإستهبال السياسي.
آن الآوان ليجلس الجميع إلى طاولة واحدة لكتابة تاريخ جديد لدولة جديدة يسودها القانون وتقوم على المؤسسية لا الشُللية،وتختفي فيها مظاهر التمييز والتمايز المقرون بالسلطة وتُجرم خطابات الكراهية ،وينعم الريف السوداني بالتنمية والتطور وتتعافى المجتمعات لتتحول بصورة سلسة من الإيمان بالقبلية إلى مجتمعات مدنية تؤمن بسيادة القانون،وتبقى القبيلة للتعارف لا سواه
يبقى السؤال :هل نستطع الأمل والحُلم بمستقبل سياسي إقتصادي في السودان؟أم أن كابوس التزحلق السياسي والصلف الكيزاني العسكري سيسلبان حلمنا ونعيش مرتجفين من تكرار ذات المظاهر العدائية السابقة؟!
ولنا عودة بإذن الله