لنا مهدي تكتب: قائد الأشاوس يعلنها بصرامة••الشمال المحصن بالدين المسيس تحت نيراننا والجيش الإرهابي يتهاوى أمام قواتنا

 

قائد الأشاوس يعلنها بصرامة••الشمال المحصن بالدين المسيس تحت نيراننا والجيش الإرهابي يتهاوى أمام قواتنا

 

{رؤية تحليلية} لنا مهدي

 

الخطاب السياسي الأخير لقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو ليس تهديداً عابراً ؛ هو إشارة استراتيجية حادة إلى قلب الصراع في السودان فقد أعاد تعريف العدو بطريقة تعكس تحولاً عميقاً في الوعي القتالي والسياسي فالشمال الذي يستهدفه ليس حدوداً جغرافية ولا كتلة سكانية مدنية بل هو شمال سياسي مركزي يرتبط مباشرة بفلول الإسلاميين وبقايا النظام السابق والجيش الذي تمكن عبر تحالفاته العقائدية مع الإسلام السياسي من احتكار مفاصل الدولة لعقود هذا الشمال السياسي هو الذي مكن الانقلاب ووأد التجربة المدنية وأعاد تدوير رموز النظام القديم بوجوه عسكرية جديدة

 مرتبطة بالإسلام السياسي والمتحالفين مع قيادة الجيش التي يمثلها البرهان هذا الشمال هو الذي وفر الغطاء للفلول ودعم بقاء الدولة العميقة في قبضة تحالف عسكري أمني أيديولوجي أدخل البلاد في أزمات متتالية منذ سقوط نظام البشير

ومن هنا جاءت رسائل حميدتي بنبرة مباشرة وغير قابلة للتأويل

 

حميدتي حرص في خطابه على نزع الشرعية عن أي اتهامات تتعلق باستهداف المدنيين كما أن الدليل على أنه لا يستهدف مدنيي الشمال أنه دعا سكان الولاية الشمالية وسكان الأبيض إلى التزام منازلهم وأكد أن قواته لا تستهدف الأبرياء بل من الفلول والإسلاميين المتعاونين مع الجيش وأجهزة الإرهاب وأوضح أنهم يملكون قوائم دقيقة بالمطلوبين هذا التصريح يؤكد مبدأه الدائم والتزامه بحماية المدنيين و يضع خطاً فاصلاً بين الشمال السياسي المتورط والشمال المجتمعي الذي يريد النأي بنفسه عن حروب السلطة والأيديولوجيا ما يعزز سردية أن الدعم السريع يخوض حرباً ضد منظومة سياسية لا مجتمعاً ولا جغرافيا؛ كما يوضح أن العمليات العسكرية لقوات الدعم السريع موجهة بدقة وأنها لا تهدف إلى العقاب الجماعي ولا تستهدف الهوية والمناطقية أو الإثنية بقدر ما تستهدف البنية السياسية القديمة المرتبطة بالإسلام السياسي

 

هذه الاستراتيجية الميدانية تتجلى في الإنجازات العسكرية التي حققتها وتحققها قواته في جبهات حساسة ففي قلب كردفان قضت قوات الدعم السريع على سبعين في المئة من متحرك الصياد وهو واحد من أبرز التشكيلات القتالية التابعة للجيش هذه العملية لا تمثل مكسباً عسكرياً ضخماً و تحولًا في توازن القوة على الأرض حيث باتت قوات الدعم السريع تمسك بزمام المبادرة وتخترق عمق التشكيلات العسكرية التقليدية للجيش وبهذا تعيد فرض معادلة جديدة على الصراع مفادها أن التفوق بات رهين قدرة ميدانية تتقن المناورة وتضرب في العمق وهذا الحسم العسكري ليس منفصلًا عن موقف سياسي محسوم تجاه مستقبل المعركة وصيغتها

 

في تعليقه الشهير (جدة بالطريقة القديمة مافي) صفق قائد الدعم السريع باب التفاوض بالأسلوب الذي يريده البرهان بقوة وأغلقه نهائياً  في وجهه ومن معه؛ رسالة القائد لم تكن موجهة فقط للداخل بل للمجتمعين الإقليمي والدولي ومفادها ألا سلام البتة مع بقايا الإسلام السياسي ولا هدنة مع جيش ما زال رهينة التحالفات الأيديولوجية والأجهزة العميقة وهذا بمثابة إعلان صارم أن المسار لن يكون حواراً بل صراعاً مفتوحاً حتى تفكيك المنظومة التي أطاحت بالثورة وأعادت إنتاج الاستبداد بثوب جديد؛ إنه موقف مبدئي لا يهادن ولا يناور

 

ولفهم أعمق لدوافع هذه المواجهة لا بد من التوقف عند طبيعة هذا المشروع السياسي الذي يرفضه حميدتي؛ فالإسلام السياسي في السودان خرج من محدودية كونه مجرد تيار فكري وأصبح مشروعاً سلطوياً متكاملاً استغل الدين لتأسيس شبكة مصالح اخترقت الجيش والقضاء والاقتصاد والإعلام واستخدموا شعارات الشريعة لبناء دولة أمنية ومليشياوية تشرعن القمع وتدير السلطة باسم الدين تحالفوا مع العسكر لضمان بقاءهم في الحكم وعندما سقطوا حاولوا إعادة التموضع عبر الانقلابات والتحالفات الجديدة هذا المشروع هو ما يعتبره حميدتي العدو الأول لأنه يمثل الخطر الأكبر على الدولة المدنية وعلى إمكانيات التغيير الحقيقي بعد أن اعتمد بناء شبكات مصالح داخل مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية وهو المسؤول الأول عن إجهاض التحول الديمقراطي في السودان عبر تحالفاته القديمة والجديدة

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.