تزايد الوفيات بسوء التغذية .. أطفال السودان عرضة لخطر الجوع
بورتسودان – اسكاي سودان
يوم بعد يوم يزداد الأمر سوء وتعقيد، ويخيم الجوع والموت على عدد من المناطق في السودان، وإزاء ذلك قالت منظمات أممية ان (3.7) مليون طفل دون سن الخامسة متوقع ان يعانوا من سوء التغذية الحاد هذا العام وحده، وهم في حاجة ماسة إلى علاج منقذ للحياة، وإذا لم يتم الوصول إليهم في أقرب وقت، فإنهم عرضة للوفاة جراء أمراض يمكن الوقاية منها.
فيما لازالت وفيات الأطفال بسوء التغذية في تزايد مستمر، ويعاني ما يقرب من (2.5) مليون طفل دون سن الخمس سنوات من سوء التغذية سنويًا في السودان، ومن بين هؤلاء هناك (700،000) طفل يعانون من سوء التغذية الحاد والوخيم، وبحسب المختصين فإن الوقاية من سوء التغذية هي أمر ممكن.
وفي السياق دعا بيان مشترك صادر عن مساعد المفوض السامي للعمليات بمفوضية شؤون اللاجئين (رؤوف مازو) ونائب المدير التنفيذي لليونيسف (تيد شيبان) إلى إعادة إنشاء مكاتب الأمم المتحدة في زالنجي بوسط دارفور وكادقلي بجنوب كردفان، كما ناشد تبسيط وتسريع إجراءات الموافقة على شحنات المساعدات والعاملين فيها، بما في ذلك تيسير الوصول عبر خطوط النزاع. وحذر البيان الأممي من تفاقم الأزمة في السودان مع تعرض المدنيين لمخاطر جسيمة وتزايد خطر المجاعة.
فيما قالت نائبة مدير صندوق النقد الدولي لشؤون أفريقيا كاثرين باتيلو لوكالة فرانس برس إن حرب السودان ستتسبب في أضرار اقتصادية جسيمة على الإقليم والبلدان المجاورة الهشة، وتوقع تقرير صندوق النقد الدولي أن تتأثر جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان بشكل خاص بالصراع الدائر في السودان، بخلاف تأثر هذه البلدان بالصراعات الخارجية الأخرى، مثل الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وانعكاساتها على أسعار المواد الغذائية والأسمدة وتكاليف الطاقة.
وفي السياق قالت منظمة إنقاذ الطفولة، الاسبوع الماضي إن أكثر من مليوني طفل سوداني وُلدوا خلال النزاع القائم، معرضون للخطر بسبب نظام الرعاية الصحية المدمر والجوع، وقالت منظمة إنقاذ الطفولة، في تقرير صادر عنها إن (أكثر من مليوني طفل وُلدوا خلال 18 شهرًا من النزاع في السودان، جميعهم معرضون للخطر بسبب نظام الرعاية الصحية المدمر ومستويات الجوع التي وصلت إلى حد الأزمة).
وأشارت إلى أن هذه التقدير يستند إلى بيانات الأمم المتحدة التي تشير إلى أن( 1.3) مليون طفلًا سيولدون في 2024، فيما تؤكد تقديرات منظمة إنقاذ الطفولة إلى أن 4 آلاف يولدون يوميًا في السودان البالغ عدد سكانه 50 مليون نسمة تقريبا، وشدد التقرير الى أن النزاع العنيف، الذي اندلع في 15 أبريل 2023، جعل تقديم الرعاية الصحية بما في الرعاية الإنجابية ورعاية الأطفال حديثي الولادة أكثر صعوبة، مما يعرض حياة الأمهات والأطفال لخطر مضاعفات قد تكون لها عواقب مدى الحياة وربما مميتة.
وأضاف التقرير : (تعتبر أول 28 يومًا في حياة الطفل الفترة الأكثر خطورة وتنطوي على أعلى مخاطر الوفاة وهي كذلك الأكثر خطورة على الأم. وقبل اندلاع النزاع كان معدل وفيات الأمهات في السودان من أعلى المعدلات في العالم) وفي 24 سبتمبر المنصرم، قالت منظمة الصحة العالمية إن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تجاوزت الـ 100 هجومًا، حيث جرى التحقق من 108 حادثة.
وأفادت منظمة الصحة العالمية بتوقف ما يصل إلى 80% من المرافق الصحية في مناطق النزاع مثل الخرطوم والجزيرة ودارفور وكردفان، فيما توقف عمل 45% من المرافق في المناطق الأخرى؛ وذلك من أصل 6.500 منشأة للرعاية الصحية الأولية و300 مستشفى عام.
وبالنسبة لمنظمة إنقاذ الطفولة إن المخاطر التي تهدد الأطفال وأمهاتهم تفاقمت بسبب معدلات الجوع وسوء التغذية المذهل، وتابعت: (الأطفال الذين يولدون لأمهات يعانين من سوء التغذية أكثر عُرضة لعرقلة نمو الجنين، مما يساهم في نتائج صحية أسوأ في وقت لاحق من الحياة وزيادة معدل الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة).
وفي ذات المنحى أكد مدير منظمة إنقاذ الطفولة المؤقت في السودان محمد عبد اللطيف على أن أطفال السودان يولدون في كابوس في واحدة من أسوأ الكوراث الإنسانية في العالم في الوقت الراهن، وأشار إلى أن العديد من النساء يُلدن دون الحصول على الرعاية المنقذة للحياة التي يحتاجن إليها وأطفالهن، في ظل إغلاق 80% من المرافق الصحية وسط انهيار النظام الصحي، وتابع: (أزمة الغذاء في السودان تعني أن الأمهات يفتقدن التغذية التي يحتجن إليها أثناء الحمل والولادة، مع عواقب خطيرة لا رجعة فيها على بقاء أطفالهن ونموهم وتعلمهم).
وكان الناطق الرسمي بإسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين أدم رجال أعلن في وقت سابق عن تفشي سوء التغذية الحاد في معسكرات مكجر، وكشف رجال عن تقرير صادم عن حالات سوء التغذية والوضع الإنساني المزري بمحلية مكجر بولاية وسط دارفور، حيث بلغت حالات سوء التغذية وسط الأطفال والنساء الحمل والأمهات والعجزة والمسنين عدد أكثر من (450) حالة سوء التغذية الحاد.
وفي السادس من أغسطس الماضي بلغ عدد وفيات الأطفال 5 طفل بمكجر شرق نتيجة المجاعة وإنعدام الأمن الغذائي ، مع عدم وصول المساعدات الإنسانية منذ إندلاع الحرب العبثية الا جزء قليل جداً والتي لا تكفي حسب حوجة الناس الكبيرة للغذاء، وفشل الانتاج في الموسم الزراعي الماضي، بحسب ما أفاد أدم رجال، بجانب النزوح وتعطيل الإمدادات الغذائية للمنظمات الإغاثية والخدمات الصحية.
وبحسب أدم رجال فإن سوء التغذية الحاد لايزال يشكل تحديا صحياً حاسماً يتطلب بذل مزيد من الجهود من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لوقف الحرب الدائر بين الجيش والدعم السريع ، وبناء إستراتيجيات فعالة وتدابير وقائية ضرورية للحد من حدوث تفشي المجاعة وسوء التغذية وانقاذ ارواح السكان والنازحيين المتضررين من الحرب، وشدد على ضمان زيادة التمويل والموارد لضمان تخصيص موارد كافية لبرنامج سوء التغذية والاستجابة الطارئة ولا سيما في المناطق عالية الخطورة.
وفي نهاية يونيو الماضي أعلنت وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور عن زيادة عدد الوفيات وسط الأطفال في الفاشر بسبب سوء التغذية، وأفاد المدير العام بوزارة الصحة ابراهيم عبدالله خاطر في تصريحات صحفية بزيادة الوفيات وسط الأطفال في الفاشر بسبب سوء التغذية وقال إنه جارٍ حصرها، خاصة بعد قصف مركز التغذية العلاجية ما أدى إلى تفاقم الوضع للأسوأ.
وفي نهاية مايو الماضي قالت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة إن سوء التغذية عند الأطفال وصل لمستويات الطوارئ، حيث يخاطر السودان بضياع جيل في ظل استمرار النزاع، وتوقعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) في 15 أبريل الماضي، معاناة (4) ملايين طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد هذا العام، بما في ذلك( 730) ألف طفل سيعانون من سوء التغذية الحاد الشديد الذي يهدد حياتهم.
وقالت يونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي، في بيان مشترك صادر في نهاية مايو الماضي إن (سوء التغذية لدي الأطفال في السودان وصل إلى مستويات الطوارئ) وأشار البيان إلى أن تقديرات نسبة سوء التغذية الحاد تبلغ 15.6% بين الأطفال دون سن الخامسة في وسط دارفور، فيما تقترب النسبة من 30% في مخيم زمزم للنازحين بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وأفاد البيان بأن سوء التغذية الحاد يمثل تهديدًا للحياة، حيث يكون الأطفال الذي يعانون منه أكثر عُرضة للوفاة بما يصل إلى 11 مرة مقارنة بالطفل الذي يتمتع بتغذية جيدة، وأفاد بأن لسوء التغذية، حتى عندما يتعافى الأطفال منه، آثار مدى الحياة على النمو البدني والمعرفي، حيث يخاطر السودان بضياع جيل كامل مع ما يترتب على ذلك من خطورة على مستقبل البلاد.
وسلط تحليل حديث، آجرته وكالات الأمم المتحدة الثلاث، الضوء على أن استمرار الحرب يؤدي إلى تفاقم أسباب سوء التغذية لدى الأطفال، حيث تتمثل هذه العوامل في عدم إمكانية الحصول على الغذاء ومياه الشرب المأمون وخدمات الصرف الصحي وزيادة خطر الإصابة.
وقال البيان إن الوضع يتفاقم بسبب النزوح الجماعي ومواجهة السودان للخطر المتزايد للمجاعة الناجمة عن الصراع، حيث ستكون لها عواقب كارثية بما في ذلك فقدان الأرواح خاصة بين الأطفال الصغار، وأضاف: (جميع المؤشرات تشير إلى تدهور كبير في الوضع الغذائي للأطفال والأمهات في السودان، حياة الأطفال في خطر وهناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية جيل كامل من سوء التغذية والمرض والموت).
وحذر صندوق الأمم المتحدة للسكان، في شهر مايو الماضي، من وفاة (7) آلاف أم جديدة و(220) ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في الأسابيع والأشهر المقبلة، مشددًا على أن الوضع قاتم بالنسبة لـ 1.2 مليون امرأة حامل ومرضع سيعانين من سوء التغذية هذا العام، وضاعف البيان التحذيرات من أن وضع النساء والأطفال سيزداد سوءًا خلال الأشهر المقبلة، حيث يعزل موسم الأمطار المجتمعات المحلية ويرفع معدلات الإصابة بالأمراض.
فيما قالت المديرة التنفيذية لليونيسيف (كاثرين راسل) إن (أطفال السودان يعانون من أعمال عنف مروعة ونزوح وصدمات ويواجهون الآن مجاعة محتملة) وطالبت أطراف النزاع بضرورة السماح بوصول المساعدات بشكل عاجل، من أجل حصول الأطفال على الغذاء والماء والرعاية الطبية والمأوى، لكن الأهم ذلك كله أنهم بحاجة إلى السلام.
وفي ذات المنحى أشارت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي (سيندي ماكين) إلى أن (معاناة الأمهات والأطفال في جميع أنحاء السودان من الهزال بسبب سوء التغذية، بعد أن جردتهم الحرب المستمرة من كل ما يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة) وتابعت: (إن حياة الملايين معرضة للخطر، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن وإلا فإننا نخاطر بخسارة جيل كامل من الأطفال) فيما أكد مدير منظمة الصحة العالمية (تيدروس أدهانوم) على أن سوء التعذية ليست أزمة تحدث لمرة واحدة، وإنما يواجه الأطفال الذين يعانون منها تحديات تنموية واعتلال الصحة طوال حياتهم.