مجدي ماكن يكتب: الحكومة المدنية في السودان الجديد.

مجدي ماكن يكتب: الحكومة المدنية في السودان الجديد.

19 فبراير 2025

 

برزت خلال الفترة الماضية، أنباء عن إعتزام بعض القوى السياسية و الإجتماعية، و الثورية، تشكيل حكومة مدنية في المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع. هذه الخطوة تعتبر خطوه جريئة و مطلوبة، تأخرت كثيرا.

و هو تفكير سليم يفرضه واقع الحرب المأساوي الذي يعيشه الشعب السوداني بسبب تعنت الجيش المختطف، و رفضه للسلام.

 

في الواقع قوات الدعم السريع تسيطر على مساحات واسعه من الأرض السودانية، ذات الكثافة السكانية الأعلى.  إذ يسيطر الدعم السريع على ما لا تقل عن 75% من مساحة البلاد. و يعيش في تلك الرقعه الجغرافية حوالي 90% من السكان.

ما يجعل من تأسيس و تكوين حكومة مدنية تنظم العلاقات بين المواطنين و ترعى مصالحهم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، أمر ضروري و واجب حتمي.

 

الدول تتكون من ثلاث عناصر رئيسية هي الشعب ، الأرض، و السلطات. التي تنظم علاقات الشعب و تراعي مصالحه. برغم ان الحاله السودانية حاله معقدة و فريدة، لكن تلك الحاله تجعل من تكوين حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع أمر ضروري و حتمي، يجب إنجازه دون تردد او تلكوء، و ذلك للآتي:

 

أولا : الحرب القائمة هي نتيجه للإعتداء الغاشم على قوات الدعم السريع ، ذلك الإعتداء الذي قامت به عصابات الحركة الإسلامية التي تسيطر على الجيش. و إعتداء يهدف إلى القضاء على قوات الدعم السريع، التى تؤيد الحكم المدني، و تؤمن به، تعتبره ترياق ضروري لوقف الحروب و بناء دولة المواطنة المتساوية. و بسبب موقف الدعم السريع من الحكم المدني تعرضت قواته للغدر و الإعتداء.

قيام الحرب ترتبت عليه فقدان الحكومة الانتقالية التوافقية التي كانت قائمة لشرعيتها. و هي شرعيه كانت مستمدة من الثورة السودانية التي أطاحت بحكم الرئيس المخلوع عمر البشير، تحت شعار حرية سلام و عدالة. الجيش الذي يسيطر عليه الإسلاميين و الجهويين و العنصريين، ظل هو مخلب القط في تخريب الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في السودان. ذلك بقيامه بانقلابات عسكرية تكرس لحكم الفرد، و تكرس للفساد و الحروب. الجيش ليس له شرعيه للحكم سوى شرعيه الأمر الواقع.

هذا بالضبط ما يفرض و يحتم على الدعم السريع تكوين حكومة مدنية لتدير مناطق سيطرته الواسعه ،

فلا شرعيه للجيش في تلك المناطق، و لا تستطيع حكومة الجيش في بورتسودان الوصول الى تلك المناطق او تقديم اي خدمات او أي شيء لها. و لا يجب أن يحرم المواطنين السودانيين من الخدمات نتيجه تعنت الجيش و إصراره على إستمرار الحرب رغم عجزه الظاهر.

 

ثانيا: الشعب هو أساس السلطه و صاحبها، و هو الذي تقوم الحكومة بخدمته و رعايه مصالحه.

المناطق التي تخضع لسيطرة الدعم السريع هي المناطق الأكثر كثافه بالسكان، إذ يعيش حوالي 90% من السودانيين في تلك المناطق.

تشكيل حكومة مدنية في تلك المناطق سيسهم في مساعدة المواطنين السودانيين هناك في الحصول على حقوقهم الأساسية في الصحة و التعليم، و حقهم في الحصول على جواز سفر، و حقهم في الحصول على الإغاثة. و حقهم في فتح الحدود لتلقي المساعدات الإنسانية. كل تلك الحقوق هم محرومون منها بسبب الأمر الواقع ، و تعنت الجيش. فلا تستطيع حكومه الأمر الواقع التي يديرها  الجيش من بورتسودان تقديم شيء المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع و لا يهمها شيء سوى القصف الجوي العشوائي و براميل الحمم بحجه محاربة الد.عم السر.يع.

 

ثالثا : تشكيل الحكومة المدنية سيفتح الباب لتنظيم شؤون المواطنين، من أمن و إقتصاد و تبادل تجاري بين المناطق، و بينها و بين دول الجوار.

كما ستعمل الحكومة المدنية على بناء علاقات سياسية و دبلوماسية و تجارية مع العالم ، بما يخدم المنتجين السودانيين و يمكنهم من الوصول الى أسواق جديده تسهم في كسر الجمود و التضخم ، و تحرك عجلة الاقتصاد، و تحسين ظروفهم المعيشية.

 

رابعا : تشكيل حكومة مدنية يسحب البساط من تحت أقدام حكومة الأقلية في بورتسودان، و ينهي  إدعاءها المزور بتمثيل السودان و السودانيين.

فالحكومة المدنية بلا شك  ستعمل على الحصول على الإعتراف الدولي ، وعلى توضيح و شرح  حقيقة المشكلة السودانية في كافه المنابر و المحافل الدولية.

كما ستعمل على توضيح و كشف و فضح  تغول الجيش على الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية. و دوره في تسميم العلاقات بين المواطنين و المجتمعات.

و الأهم من هذا و ذاك كشف تاريخه الدموي و ممارسته للجرائم ضد الإنسانية و جرائم الابادة الجماعيه، في كل حروبه التي خاضها ضد الشعوب السودانية، و إستماتته في حمايه مجرمي الحرب.

 

في كل الاحوال فإن تشكيل حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع يعد تطور مهم في المشهد السوداني و في مسيرة النضال نحو التحرر و نحو السودان الجديد المدني الديمقراطي الفيدرالي.

 

مجدي محمد مصطفى ماكن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.