د. عمر عطية حمدون يكتب: جيش الكلية وجيش الكل

أحد أبناء الهامش النابهين، أطلق مصطلحاً عميقاً صنف به القوات المسلحة السودانية إلى جيشين: (جيش الكلية وجيش الكل)، ويقصد أن جيش الكلية 90% منه يتكون من ولايتي الشمالية ونهر النيل، والـ 10% المتبقية من كل أقاليم السودان(كملح لحلة الجلابة).
أما جيش الكل، فهو متاح لجميع قبائل وأعراق وأقاليم السودان، ويمكن لأي سوداني لائق طبياً أن يكون جندياً في القوات المسلحة، حيث تفتح لهم المعسكرات في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ودارفور وكردفان وجبيت وكسلا والقضارف. أما جيش الكلية فمعسكره في كرري، وطلابه من الشمالية الكبرى. هذا التوصيف قطع قول كل خطيب، وربما كان سبباً في قيام الحرب الدائرة الآن.
أتذكرون ورقة الدعم السريع التي تلاها قائده حميدتي في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي نظمتها القوى الموقعة على الاتفاق الاطاري بقاعة الصداقة، وقاطعتها القوات المسلحة والشرطة والأمن؟ فقد طالبت الورقة بأن يكون الدخول للكلية الحربية وكلية الشرطة والأكاديميات الأمنية، حسب الثقل السكاني لأقاليم السودان، ومن حق أي سوداني أن يدخل هذه الكليات، لا يمنعه شيء سوى اللياقة الطبية ودرجة نتيجته في الشهادة السودانية، أو الجامعية. فمثلاً إذا كان عدد الدفعة من الطلاب الحربيين في الكلية 340 طالباً، وعدد سكان السودان 45 مليون نسمة، سيكون نصيب كل إقليم كما يلي:
الإقليم الشمالي عدد سكانه مليونان، تكون نسبته 5% = 17 طالباً
ولاية الخرطوم 10 مليون = 22% =75طالباً
الإقليم الأوسط عدد سكانه 9 مليون = 20% = 68 طالباً
الإقليم الشرقي 4 مليون = 9% = 31 طالباً
إقليم كردفان7 مليون = 15% = 51 طالباً
إقليم دارفور 13 مليون = 29% = 98 طالباً
المجموع 45/100%/340، وبذلك يكون الجيش كله جيش كل.
ولكن عصابة الولاية الشمالية تريد أن تظل القيادة العليا للجيش والشرطة والأمن وقفاً عليهم، وبهذه القيادة، تستمر هيمنتهم على الحكم إلى أبد الآبدين. ولكن (قندول حميدتي شنقل ريكتهم)، وجعل من 15 أبريل/2023، الحد الفاصل بين دولة الجلابة(دولة 1956)، وبين السودان الجديد الذي يسع الجميع، ويعيش الناس فيه بسلام وعدالة ومسواة ـ دولة مدنية ديمقراطية تقوم على المواطنة المتساوية، ولا شيء غيرها.
إن التخطيط للتخلص من الدعم السريع وقادته، بدأ عند لحظة خروج الفريق حميدتي من اجتماع اللجنة الأمنية بقصر الضيافة مع الرئيس المعزول عمر البشير(9/4/2019)، حيث ذكر لهم فتوى ربيب السلاطين شيخ الأبالسة عبد الحي يوسف، بأن المالكية جوَّزوا قتل ثلث السكان، ليعيش الثلثان في أمان وسلام، وهذا ما أنكره حميدتي، وخرج مغاضباً، وأمر قواته بالإحاطة بمكان الاعتصام لحماية المعتصمين. وقد تم تسريب تسجيل صوتي لرئيس هيئة الأركان الأسبق؛ الفريق أول كمال عبد المعروف، يقول فيه أنهم كانوا ينوون دك محيط القيادة العامة بمن فيها، ولكن رفض حميدتي لهذه الفكرة، والتحرك لحراسة الاعتصام أفشل هذه الخطة. بل إن البرهان حين التقى(بلدياته) بنيامين نتنياهو في عنتبي بيوغندا، طلب منه المساعدة في التخلص من حميدتي ودعمه السريع، وقد زوده بوصفه، لو عمل بها في حينه، لاستطاع التخلص منه بكل سهولة، ولكن الخوف والطمع ألجما البرهان، فلم يستطع تنفيذ الوصفة الخبيثة.
إذاً؛ فهذا جيش الكلية، جيش الأحجار الكريمة، الذي لا يرعى لأحد في السودان إلاً ولا ذمة، لأن اعتصام القيادة يضم جميع شباب وشابات البلد، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً ووسطاً.
والسؤال الذي يجب أن يطرح الآن: هل تؤيد هذا الجيش الجبان الهارب(المصيج) اللاجئ إلى دول الجوار، كأول حالة في تاريخ الجيوش في العالم، المستسلم من أول طلقة، حتى أن أشاوس الدعم السريع يسخرون منهم فيقولون(خزنة ثبات وخزنة شتات، وخزنة جوة الخور مع النبات)، هل تؤيد أن يكون فلول وأسرى وبقايا هذا الجيش، من ضمن جيش المستقبل؟
الحمدلله الذي كشف لنا عبر هذه الحرب(الداخلية) بأننا (قاعدين أم فكو) بلا جيش يحمينا من غدر الدول الطامعة،
والحمدلله الذي كشف لنا أيضاً، أن أشاوس الدعم السريع هم حماة مستقبل هذا الوطن، ولن تستطيع أي قوة في الأرض أن تهزم هؤلاء الشبالي الذين يحاربون وهم وقوف(قنقر)، حتى أن الموت نفسه ظل يهرب من أمامهم، لأنهم لا يخافونه.
فقط هناك تحذير وتنبيه للأشاوس، ولقيادة الدعم السريع، ويجب أن يعوه ويفقهوه.
إن القوم يأتمرون بكم بكل طرائق الخبث والخبائث، واستطاعوا بخبثهم هذا أن يدمغوكم بالانتهاكات الجسيمة لحقوق المواطنين، حتى أن بعض المؤيدين لكم يقولون: نحن مع الأشاوس، ولكنهم لا يتوقفون عن الانتهاكات.. ومهما قال العارفون ببواطن الأمور، بأن الكيزان وفلولهم واستخباراتهم العسكرية، وجهاز أمنهم العميل للدولة المصرية قد افرغوا كل السجون عند بداية الحرب(15 ألف سجين)، والبسوهم زي الدعم السريع، واطلقوا ايديهم ليعيثوا في الخرطوم فسادا، والصاق التهمة بالدعم السريع. رغم كل هذا، فإن الفرية قد انطلت على كثير من الشعب السوداني، فالدعم السريع هو الذي:
ـ يكسر البنوك ويسرق أموال المودعين.
ـ يسرق بيوت وممتلكات المواطنين من عربات وأثاثات وغيرها.
ـ يغتصب الحرائر.
ـ يهين كبار السن، ويحتجز الأطفال.
ـ يدفن الأسرى والمواطنين وهم أحياء.
ـ أحرق الجنينة وقتل واليها السابق خميس أبكر.
ـ طرد المواطنين من بيوتهم، حتى أن فلول جيش الكيزان، جعلوا الخروج من بيوت المواطنين شرطاً أساسياً في أجندة التفاوض في جدة، وكأن الجيش لا يتخذ بيوت المواطنين مخابئ للقناصة، وأن بيوت المواطنين التي هجروها، أغلى من أرواحهم، وأهم من الكباري والخزانات التي دمروها.
ـ وما من رزية إلا وكان لها في جسم الدعم السريع ندب.
نحن مقتنعون أن 99% من هذه المسالب ملفقة، واحتيالية، وأن أي حرب لها تبعاتها، ولكن من(يقنع الديك)؟!!
ولذلك يجب أن يركز إعلام و(لايفاتية) الدعم السريع بياناً بالعمل، وعرض جميع المتفلتين الذين يحدثون هذه الإنتهاكات، ولو كانوا من التابعين للدعم السريع، عرضهم على المواطنين بكل شفافية، لأن هذه الجزئية من إعلام الحرب، خصمت كثيراً من رصيد إنتصارات الدعم السريع، وقد نجح البلابسة وجهاز الأمن والاستخبارات العسكرية في تغذية عقول الناس بهذه الترهات. وعلى قيادة الدعم السريع التعامل مع هكذا أمور، بالجدية والحسم، لأنها أثرت على قناعات بعض أبناء الهامش أنفسهم. فمن سرقت عربته ونهب بيته، وأهين أبواه وأسرته، لن يرضى عنكم، ولو قطرتهم في فمه العسل والشكولاتة، فقد تم تغبيش وعي الناس، وهذا أكبر انتصار حققته دولة 56 على الدعم السريع، فانتبهوا يا أشاوس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.