أمين محمد يونس يكتب…جحيم الحواكير في دارفور
أمين محمد يونس يكتب…جحيم الحواكير في دارفور
كانت دارفور تخضع لنظام السلطان أو الملوك منذ أكثر من مائة قرن تقريباً وأول سلطنة حُظيت بالكتابة أو التأريخ لها هي سلطنة الداجو التي قويت شوكتها في ذلك العهد والذي أرخ له الكثير في العام 1100م تقريبا وكانت تتمركز في جبل مرة وجنوبه وكانت قد توسعت إلى مناطق النيل الأبيض شرقاً والعمق التشادي غرباً وشمالاً حتى حدود دولة ليبيا، وبسبب عدم رؤيتها السياسية وطريقة حكمها التقليدية بدأت تتلاشى، بينما ظهرت في الجانب الآخر سلطنة التُنجر التي تبعت لاحقا لمملكة كانم العريضة ومنها سلطنة وداي التي أطاحت بالتُنحر
وأخيراً ظهرت سلطنة الفور التي أسسها سليمان العربي أو (سليمان سولونق) بلغة الفور منذ 1445 وتوالى حكامها على الحكم حتى في عهد السلطان علي دينار الذي قتله الإنجليز غدراً في العام 1916م .
إذن دارفور لم تكن بهذا الاسم إلا في العهد القريب ولم تكن موزعة إلى قبائل بعينها حتى جاء الإنجليز الذي قسموا أرض السودان على القبائل بصورة تمكنهم من التحصيل وضمان الولاء فكثير من الحواكير منحت إلى قبائل أو عائلات بسبب عمالتهم وولائهم إلى الحاكم الإنجليزي حتى أن التاريخ القريب كتب عن الشخص الذي تسبب في مقتل السلطان علي دينار وكان جزاؤه على هذا العمل الشنيع أن يُعطى أرضا بإسمه وينصب حاكماً فيها على حساب الحاكم الأول للمنطقة وبهذه الصورة تم توزيع الأرضي لأقليات ومجموعات حديثة الوجود في البلاد فكان عطاء من لا يملك إلى من لا يستحق .
فالإنجليز ليسو أصحاب أرض حتى يتسلطوا فيها يهبون بعضها ويبعيون الباقي ولكنهم يريدون الولاء والكسب الحالي وخراب البلاد في المستقبل .
والآن قد نجد عائلات منذ أكثر من قرن في بقعة ما في السودان .. يتم قتلهم وتهجيرهم وتصنيفهم على أنهم ليسوا من أهل الحاكورة أو الأرض وقد تجد القاتل مولود في دولة مجاورة والمُهجر أصيل في الدار بالميلاد هو وجده، وقد يتم توظيف شخص ما دون أدنى مؤهل علمي بسبب انتمائه لقبيلة ما ويُستبعد آخر أكثر أهلية وخبرة وقد يحمل شهادات ما فوق الماجستير مما تسبب في خلق أزمات أخلاقية وضغائن وأحقاد بين أبناء البلد الواحد وإنهيار النظام التشغيلي والتنفيذي في المنطقة والكثير من التراكمات التي تعود إلى أسباب التفرقة وتقسيم المجتمع إلى مواطن درجة أولى و درجة ثانية بصورة تحمل “البرغماتية المطلقة” في التعامل مع الناس.
لا يمكن أن تستقيم البلاد بهكذا مفهوم أي مفهوم الدولة داخل أخرى.
النظام المدني نظام يكفل للناس حقوقهم بغض النظر عن اللون والعرق والدين كما في عهد (النبي صلى الله عليه وسلم)
وكلما شرعنت الدولة لنظام القبيلة والحاكورة كلما أزداد الوضع سوءًا، حاضراً ومستقبلاً وسيفتقد الإنسان كرامته وبالتالي ولاءه لوطنه.
إذا حكم سيصبح لصاً وظالماً و إذا فشل سيصبح مُخرباً ومجرماً ولن تجد مواطنا صالحا ولا نسيجا إجتماعيا بين مكونات المجتمع وسيكون الرصاص هو الأعلى من صوتا من المآذن وستكون أيادي الغدر أكثر تمكنا من أيادي العون والسلام.