د.حسن ادريس يكتب.. الدستورية الانتقالي المرتقب

دكتور حسن إدريس يكتب…….. الدستور الانتقالي السوداني المرتقب

 

الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.

طرحت مكونات نداء أهل السودان مسودة دستور للفترة الانتقالية ومن جهة وأخرى طرحت تسييرية المحامين المحلولة مسودة لجنة نقابة المحامين.

ومن هنا نجد أنفسنا أمام مسودتين من طرفين متباينين ومن الضرورة بمكان أن يعرف الشعب السودانى محتوى هاتين المسودتين ذلك من حقوقه التي كفلتها له الأعراف والتقاليد والقوانين الدولية والمحلية. عليه فإن من واجب الذين يقدمون هذه النصوص انابة عن الشعب التعريف بها إلزاما دون إقصاء وتجاهل لأجل الحوار و التوافق حولها وصولاً علي مسودة تحفظ الحقوق وتبين الواجبات بين الشعب والسلطات في الدولة. وإن جاءت هذه الخطوة مستضعفة لأنها لم تصدر من جميع مكونات المجتمع السياسي في السودان ممثلة في كل القوى السياسية والأحزاب ولكنها افضل من ان لا تاتي .

،المسودات المطروحة في إعلان الدستور السوداني يجب أن تشمل جميع قطاع الشعب السوداني وتصادق عليها مجالس التشريع الإنتقالي كي تتميز بانها صناعة سودانية خالصة لا يد للاجنبي فيها البتة مراعاة لمصلحة الشعب السوداني.

وفي مقارنتنا بين مسودة دستور لجنة المحامين ومسودة نداء أهل السودان نجد الكثير من المتناقضات حيث لاجدوي في تكريس الجهود والتعب كثيراً في استيراد المعاني القانونية ونصوصها لأن جل مصادر الدساتير السابقة في تأسيس دولة السودان بينت الحق والواجب منذ العام 1956م ، واقواها دستور 2005 م الذي أفصح بجلاء عن احترام التباين والتنوع الثقافي والمجتمعي والدين والدولة ومصادر تشريع السلطات التنفيذية بالدولة. فإذن نحن لسنا في جدال وإثارة نقاشات في غنى عنها عبر مسودتي دستور لجنة المحامين ونداء أهل السودان. اذ أن الشعب السوداني أصبح يائسا من ضجيج القوى السياسية والمبادرات الإقليمية والمحلية بالسودان ممل يشير إلى عدم استيعاب كثير من الشعب بالدولة عن لأهمية إعداد دستور دائم للسودان يعبر فيه السودانيون عن رغباتهم واشواقهم

وهذا ينبغي أن يتم عبر اختصاصين قانونين ولجنة مختصة يوافق عليها جميع الشعب، دون أن تأتي كل مبادرة بإعلانات دستورية للبلاد عبر كتل محدودة وهذا ممايوقعنا في متاهات عدم النضج السياسي والفوضي السياسية.. على سبيل المثال جدل اللغة والهوية ومصادر التشريع للسلطات بالبلاد وغيرها، وعطفا علي هذه الميزات فاننا بحاجة عاجلة وحاسمة لإنهاء هذا الجدل في مراحل التحول الديموقراطي وتوافق الفرقاء على دستور شامل .

رغم أن السودان حالياً ليس بحاجة ملحة إلى وضع دستور لأنه في الأصل موجودة من قبل وان لم تكن كامل الدسم فانه في حاجة إلى القدر الكافي من التدقيق والتمحيص ومراعاة الوضع الراهن ولتطمين الشعب بأنه مصدر قوته وسلطته ويتم ذلك عبر مجلسي البرلمان والتشريع علي اختلاف مشاربهم وبالتالي التوعية به وسرعة الحسم فيه وانزاله إلى الواقع المعاش لهم ، وفي رائ علي المستوي الشخصي ان لاضير علي الاجماع حول هذه النصوص طالما أنها لم تكن كتاب منزل من خالق البشر. الشعب فقط يريد تغيير حقيقي ملحوظ في سلوكه وحياته اليومية يحترمه .

من الملاحظ أن ثورة التغيير التي حدثت في البلاد لم تتلمس الكلمات والمعاني وإنما كانت تعمل بسرعة لاحداث تغييرات جذرية في ملامح الدولة ومجالاتها الاقتصادية والسياسية والرياضية والفكرية والثقافية والعمرانية وغيرها. كيف ولا وان هذه الثورة لا بد ان تتجاوز سلبيات الثورات السابقة حتى تتمكن من سد او وقف الحلقة الشريرة التي لازمتنا منذ الاستقلال واقعدتنا عن التطور،،،ثورة تعقبها ديموقراطية كي تحمل من الديموقراطية أسمى معانيها وتجاربها .

عموماً من (الملاحيظ ) أن المسودتين المذكورتين لم تذكر بإذهاب عن مجهودات الشباب والنساء وسائر قطاعات الشعب وتطلعاتهم نحو غد أفضل، علي سبيل المثال بعض موادها اغفلت جوانب ذكر تفكيك النظام السابق وازالة تمكينه،كما خلت عن ذكر الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بعد الثورة وقبلها، ناهيك عن العدالة الانتقالية للجرائم المرتكبة خلال النزاع المسلح في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ، فأري أن توكل لمؤتمر محاكم أجاويد AJAWEED COURTS التي ذكرتها بمقالات سابقة ترسي علي قرار محاكم الغاغا الرواندية كمبادرة تقضي بفض النزاعات واعتراف الجميع باخطائهم تجاه بعضهم البعض والاعتذار لبعض البعض وبالتالي التسامح الكامل،وفتح صفحة جديدة، علي ان تقوم المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة الانتقالية علي قاعدتي التغافر أو العفو وجبر الضر،وفي حالات اثبات الجرم علي شخص بعينه يعمل بالاعراف الكريمة والتجارب النبيلة التي تحقق التعافي والعدل وبكل نزاهة ووجدان سليم لأطراف النزاع.

ومن غرائب المسودة نداء أهل السودان انها تميل للعسكريين مما يطلبه ويطمح اليه العساكر انفسهم، مع أن العسكر وافقوا علي الانسحاب من الحكم تماما ودهاليزه السيادية والتنفيذية والتشريعية والنداء يرغمهم بالبقاء في الحكم ليست شكلاً وتشريفا بل يمكنهم من السلطة المطلقة وهذا امر عجيب يحتاج علي الاقل لوجهات نظر موضوعية.

ارادة الشعب والسلطة الدستورية العليا وأعمال السيادة التي ينبغي أن تمنحها الدستور الانتقالي واتفاقية جوبا لسلام السودان تحتاج إلى أنظار فاحصة ملمة بقضايا المجتمع الماضي و الحاضر والمستقبل .

يجب أن تعلم المؤسسات الدستورية والتنفيذية في الحكومة المرتقبة وتضع في الإعتبار بأن الشعب السوداني لن ينتظر حلمه المكتوم في الصدور طويلا…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.