إعلان المجاعة رسمياً في شمال دارفور.. هل سيعجل بنجاح مفاوضات جنيف..؟
بورتسودان – اسكاي سودان
منذ فترة بدأت تتزايد دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى (13) من أصل (18) ولاية.. فيما يؤكد الواقع الماثل من خلال استمرار الحرب التي اندلعت منذ منتصف أبريل 2023 والتي تدور بين الجيش والدعم السريع، وأسفرت عن نحو 15 ألف قتيل وحوالي 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة، والتي بسببها تزايد أعداد النازحين الفارين من جحيم الحرب وتعطلت عجلة الإنتاج تماما الأمر الذي يشير إلى إن هناك كارثة إنسانية تلوح في الأفق.
وفي اليومين الماضيين، أصدرت لجنة مراجعة المجاعة إعلاناً رسمياً بحدوث مجاعة في معسكر زمزم للنازحين بالفاشر، مهددة أرواح مئات الآلاف من قاطنيه مع تأكيد الأنباء احتمالية تمدد المجاعة لمعسكري أبوشوك والسلام للنازحين، وقرعت المنظمات الانسانية العالمية والمحلية والقوى المدنية السودانية الأجراس محذرة من انزلاق البلاد نحو هوة المجاعة، وسط إنكار أطراف تستخدم الجوع كسلاح في معركتها فاقدة الشرعية، ليأتي هذا الاعلان مؤكداً هذه الحقيقة، ومذكراً الجميع ببشاعة هذه الحرب وآثارها الكارثية على البلاد والعباد.
وأكدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في بيان صادر عنها إن هذه المجاعة نتاج لتصاعد الصراع بين طرفي القتال، ولإعاقة وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وهو ما يجب أن ينتهي الآن ودون تأخير، وقالت إن الحل الشامل لهذه الكارثة هو ايقاف الحرب فوراً ودون تأخير
ودعت الشعب السوداني لرفع صوته عالياً ضد الحرب ومن يقف خلف استمرارها، وطالبت طرفي الصراع بانجاح مفاوضات جنيف المنتظر عقدها منتصف أغسطس الجاري، ودعت الاسرة الدولية والاقليمية لحشد الموارد اللازمة لتوفير العون الانساني وضمان وصوله لمستحقيه بصورة عاجلة وفورية.
وفي الفترة الماضية تفاقمت الأزمة الإنسانية وارتفع معدلات المجاعة، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة وتأكيد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) وتم الإعلان رسميًا عن وجود مجاعة في شمال دارفور ويبدو إن هذه هي المرة الثالثة التي يُعلن فيها عن المجاعة من قِبل الـ IPC خلال العقدين الماضيين في الوقت الذي تتنكر فيه حكومة بورتسودان وتنفي وجود أي احتمالات لوجود مجاعة.
وتفيد المتابعات أن بعض السودانيين اضطروا لتناول أوراق الشجر والتراب للبقاء على قيد الحياة في مناطق مثل دارفور وكردفان، مع اشتداد معاناة الجزيرة والخرطوم وولاية سنار بسبب منع وصول المنتجات الغذائية ومعاقبة كل من يفكر في مزاولة مهنة التجارة في تلك الأقاليم، في ظل إصرار الجيش، من خلال مفوضية العون الإنساني، على رفض السماح بدخول المساعدات الإنسانية استجابة لضغوط الأجهزة الأمنية التي جعلت من التجويع سلاحًا من أسلحة الحرب.
فيما يؤكد الواقع وجود حوالي ( 11) مليون شخص نازح، بينما يعاني حوالي نصف سكان السودان من مستويات مختلفة من أزمة المجاعة، وحوالي 750 ألف شخص على وشك المجاعة الحادة. وتشير التوقعات إلى موت 2.5 مليون شخص آخر بسبب الظروف المرتبطة بالصراع الدائر في السودان.
وفي السياق أعلنت الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية التابعة لقوات الدعم السريع إنها ستبذل قصارى جهدها في التواصل مع قوات الدعم السريع ومنظمات الأمم المتحدة، خاصة برنامج الغذاء العالمي، لإيجاد حلول موضوعية لحماية وضمان تسهيل حركة مرور الإغاثات للمجتمعات المتأثرة، وقالت الوكالة انها نجحت في هذا الصدد في تحويل اتجاه 25 شاحنة كان من المقرر أن تتجه إلى مناطق أخرى تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع في دارفور إلى معسكر زمزم للنازحين في ولاية شمال دارفور، إيمانًا منها أن حوجة أهل معسكر زمزم مقدمة على كل الحاجات الأخرى رغم شح المعينات الإنسانية وندرتها.
وأكدت الوكالة في بيان صادر عنها أنها ستقاسم السودانيين المتاح فالجود بالموجود، وستواصل العمل مع الأمم المتحدة وقوات الدعم السريع لضمان توفير الحماية الكافية حتى تصل هذه الشاحنات إلى وجهتها الأخيرة، وقالت إن التعنت واستخدام المساعدات الإنسانية والتجويع كسلاح لمعاقبة المواطنين الأبرياء الذين هم خارج مناطق سيطرة القوات المسلحة يعتبر جريمة إنسانية بكل المقاييس.
وقالت إنها ستواصل العمل لضمان تفعيل معابر أخرى غير التي تفرضها حكومة جيش بورتسودان للتحكم في مصائر الشعوب كنتاج للغطرسة والصلف والعنجهية التي تنم عن حقد مرضي متأصل في الأجهزة الأمنية ضد المواطنين الأحرار. وحتى لا يكون المواطنون هم الضحايا، علينا التأكيد على أن معبر أدرى هو الطريق المثالي لوصول تدفقات المساعدات الإنسانية، خاصة مع تفاقم الأوضاع مع تزايد معدلات هطول الأمطار وانقطاع الطرق.
وأعلنت عن استعدادها لفتح كافة المعابر الدولية التي يمكن أن تكون منفذًا ومتنفسًا لإنقاذ الأرواح التي باتت على حافة الموت، وقالت انها ستعمل مع الجميع لضمان توفير الحماية اللازمة التي تعزز من وصول المساعدات الإنسانية وسلامة العاملين في المجال الإنساني، َدعت الطرفين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، التي من شأنها أن تكون بارقة أمل لصالح المواطنين الأبرياء الذين كانوا المتضرر الأكبر من توسع هذه الحرب وامتداداتها.
وجددت الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية التزامها الراسخ بضمان توفير الحماية اللازمة التي تعزز من توصيل المساعدات الإنسانية وسلامة العاملين في المجال الإنساني، مؤكدة إنها ستسعى لتشييد طرق الأمل والمرونة وسط هذه الأوقات العصيبة.. ولكن بعد إعلان المجاعة رسميا في شمال دارفور هل سيعجل هذا الواقع بنجاح مفاوضات جنيف؟ وفيما يبدو أن الإجابة على هذا السؤال ستحددها مشاركة الجيش الذي ظل يتعنت في كل المفاوضات السابقة.