تصاعد الدعوات لتصنيف الحركة الإسلامية في السودان منظمة إرهابية

 

🔺يمتلك التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وأذرعه المختلفة في عدة دول، سجلًا موثّقًا في الترويج للأيديولوجيات المتطرفة، ونشر مناخ الكراهية بين الشعوب، إلى جانب دعم الأنشطة الإرهابية.

وعلى مدى عقدين من الزمن، تم حظر الجماعة وعدد من فروعها واعتبارها منظمة إرهابية عابرة للحدود في عدد من الدول، من بينها: روسيا، كازاخستان، مصر، دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، الأردن، والنمسا، فضلًا عن اتخاذ دول عديدة أخرى إجراءات صارمة ومشددة بحق الجماعة وأنشطتها.

وفي الولايات المتحدة، تزايدت مؤخرًا الأصوات داخل الكونغرس المطالبة بتصنيف الجماعة كـ “منظمة إرهابية”، كان آخرها الرسالة التي وجّهها عضو الكونغرس جاريد موسكوفيتز، الديمقراطي عن ولاية فلوريدا، يوم الثلاثاء 3 يونيو، إلى الرئيس دونالد ترامب، حيث حثّه على إجراء تحقيق شامل بموجب القوانين الأميركية بشأن أنشطة الجماعة، تمهيدًا لتصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية. وأشار موسكوفيتز إلى أن عددًا من حلفاء الولايات المتحدة وشركائها الاستراتيجيين قد اتخذوا بالفعل هذه الخطوة.

🔺الفرع السوداني للإخوان: دعم الإرهاب العالمي والحرب الأهلية

بينما تُعرف فروع عديدة تابعة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين على مستوى العالم، مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وتنظيمي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، تبرز الحركة الإسلامية السودانية، المعروفة محليًا في السودان بـ”الكيزان”، كأقوى وأخطر فروع التنظيم الدولي منذ تأسيس الجماعة الأم في عام 1928 على يد حسن البنا في مصر.

ويُعدّ الفرع السوداني أول فرع خارجي للتنظيم الدولي يتمكن من الاستيلاء على السلطة في دولة سنية، وقد امتدت تجربته في الحكم لأكثر من ثلاثين عامًا، بعدما نفذ انقلابًا عسكريًا ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا في 30 يونيو 1989، وظل ممسكًا بالسلطة عبر أدوات القمع والعنف حتى إسقاطه بثورة شعبية عارمة في أبريل 2019.


وكانت هذه الفترة كافية لتطبيق مشروع الجماعة على أرض الواقع، بما كشف بوضوح عن طبيعة هذا المشروع، فكريًا وعمليًا.

وشهدت فترة حكم الحركة الإسلامية السودانية فظائع واسعة النطاق، شملت تعذيبًا واغتيالات استهدفت عددًا كبيرًا من السياسيين والنقابيين، إلى جانب استضافة قيادات إرهابية بارزة، من بينهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري بين عامي 1992 و1996. كما تم في السودان التخطيط لهجمات السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998. كذلك، نفّذت الحركة محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995. وشارك عدد من عناصرها في القتال إلى جانب تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق.

وفي سياق الحرب الدائرة حاليًا في السودان، تشارك عشرات الكتائب التابعة للحركة الإسلامية في القتال، من بينها: كتيبة البراء بن مالك، والبرق الخاطف، والبنيان المرصوص، وغيرها. وقد ارتكبت هذه الكتائب جرائم بشعة ضد مدنيين عزل، وثّقتها مقاطع فيديو منتشرة على نطاق واسع، تُظهر أفرادًا من تلك الكتائب وهم يقومون بقطع رؤوس المدنيين وشق بطونهم في مشاهد صادمة.

🔺مطالبات سياسية ومدنية بتصنيف الحركة الإسلامية السودانية منظمة إرهابية:

تتصاعد مطالبات الأحزاب السياسية والقوى المدنية السودانية بحظر الحركة الإسلامية السودانية من ممارسة العمل السياسي وتصنيفها كمنظمة إرهابية عابرة للحدود، في ظل تصاعد المخاطر الأمنية المرتبطة بأنشطتها.

وفي تصريح خاص لـ«سودان بيس تراكر»، قال خالد عمر يوسف، الوزير السابق لشؤون مجلس الوزراء خلال الفترة الانتقالية التي سبقت الانقلاب العسكري على الحكومة المدنية، والقيادي الحالي في تحالف «صمود» الذي يقوده رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك:
تزامن تصاعد الأصوات داخل الكونغرس الأميركي مؤخرًا، من قِبل عدد من النواب المطالبين بإصدار تشريع يصنّف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، مع التقرير الصادر مؤخرًا عن الحكومة الفرنسية، والذي حذّر من أن هذه الجماعة تمثل تهديدًا للتلاحم الوطني. كما حظرت الأردن نشاط الجماعة في أواخر أبريل الماضي، وقد سبقتها إلى ذلك دول عدة، منها السعودية، والإمارات، ومصر التي صنّفت الجماعة كمنظمة إرهابية، بالإضافة إلى دول أخرى قلّصت من أنشطتها التخريبية.”

وأضاف خالد عمر يوسف:


مشروع الحركة الإسلامية السودانية فجّر السودان داخليًا بالتقسيم والإبادة الجماعية، وها هو اليوم يلاحق البلاد بإشعال حرب 15 أبريل، والعمل على إطالة أمدها، ما تسبب في أكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم اليوم.”

وأعرب عن دعمه الكامل لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية عابرة للحدود، مؤكدًا أن:


تكثيف الضغوط على هذه الجماعة الإرهابية ومحاصرتها أمر في غاية الأهمية من أجل تحقيق الاستقرار في العديد من المناطق التي تضرّر أمنها بشدة نتيجة لأنشطة هذا التنظيم. ونأمل أن تُشكل هذه الاستفاقة مدخلاً نحو جهد دولي وإقليمي منسّق لمواجهة خطر الإرهاب ومحاصرته بشكل فعّال، بما يسهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بأسرها.”

وفي السياق ذاته، قال بابكر فيصل، رئيس المكتب التنفيذي لتحالف الاتحاديين وقيادي في تحالف «صمود»، بعد أن أورد العديد من المواقف الموثقة لجرائم الحركة الإسلامية السودانية:
في رأيي الشخصي، تُعد الحركة الإسلامية جماعة متطرفة تمجّد العنف وتدعو إلى الإقصاء الجسدي للخصوم السياسيين. ولذلك، يصبح من الضروري تصنيفها كمنظمة إرهابية”.

من جانبه، قال عبد المنعم الجاك، الباحث في العلوم الاجتماعية والمجتمع المدني، في تصريح لـ سودان بيس تراكر:


تراخت القوى السياسية بعد ثورة ديسمبر في اجتثاث الحركة الإسلامية، الفرع السوداني للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين. وكان من الضروري تفكيك هذه الحركة من جذورها، عبر إنهاء وجودها داخل المنظومة الأمنية والعسكرية، والإعلام، وهيمنتها على الموارد المالية والاقتصادية، وهي الأدوات التي مارست من خلالها الإرهاب داخل السودان طوال ثلاثة عقود، وسعت إلى تصديره إلى دول الجوار والمحيط الإقليمي في عدة مناسبات. كان على الثورة منذ لحظة انتصارها أن تصنف الحركة الإسلامية والتيارات الإسلاموية المرتبطة بها كتنظيمات إرهابية، بما يتيح تجفيف منابعها وقطع صلاتها بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين”.

وأضاف: “لقد عادت الحركة الإسلامية وأعادت تنظيم صفوفها، سواء من خلال التحضير لحرب 15 أبريل 2023 أو في إشعالها. وهي الآن تقف بقوة ضد أي جهود لإخماد هذه الحرب، في محاولة لاستعادة موطئ قدم آمن لها في السلطة، كما كان عليه الحال قبل اقتلاعها إثر نجاح الثورة السودانية في عام 2019”.

وقال الدكتور نصر الدين عبد الباري، وزير العدل في الحكومة الانتقالية السابقة، في تصريح لـ سودان بيس تراكر:

يجب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات التابعة لها في السودان كمنظمات إرهابية، نظراً لتورطها المستمر، ولسنوات طويلة، في تنظيم أعمال العنف والارهاب، وتقويض مسارات التحول الديمقراطي بالعنف، والترويج للتطرف الديني، والجهوي، والعرقي”.

وأضاف عبد الباري: “لقد لعبت هذه الجماعة دورًا محوريًا في تشكيل الأجهزة الأمنية القمعية، وساهمت في تنفيذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، كما كانت من المحرّضين الرئيسيين على إشعال حرب 15 أبريل المدمّرة. ولا تزال تمارس أنشطة علنية وسرّية تستهدف زعزعة استقرار السودان وتهديد مستقبله”.

وختم بالقول: “نظرًا لارتباطها بعلاقات تاريخية مع شبكات جهادية عالمية، ولسجلها الحافل بالتحريض على الطائفية والعنف المسلّح، فإن تصنيفها كمنظمة إرهابية يُعد خطوة ضرورية لتفكيك النفوذ المتطرف، وتحقيق العدالة، وتمهيد الطريق نحو سلام حقيقي، وديمقراطية راسخة، واستقرار مستدام في السودان”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.