عادل إبراهيم مصطفى يكتب: البرهان ليس جزءًا من الحل.. بل أصل الأزمة السودانية
البرهان ليس جزءًا من الحل.. بل أصل الأزمة السودانية
عادل إبراهيم مصطفى
“من يشعل الحريق لا يمكن أن يكون رجل إطفاء”
منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، انزلق السودان إلى نفقٍ عميق من الانسداد السياسي والانهيار المؤسسي، توّجته الحرب الشاملة التي اندلعت في أبريل 2023، ولا تزال تحصد الأرواح وتُفكك ما تبقّى من الدولة.
ورغم هول الكارثة، لا تزال بعض الأطراف المحلية والإقليمية تراهن على عبدالفتاح البرهان كجزءٍ من الحل، وكأن من أشعل الحريق يمكنه أن يكون رجل الإطفاء!
الحقيقة أن البرهان لا يمثل جزءًا من أيّ حل ممكن، بل هو تجسيد لأصل الأزمة. وانقلابه في 2021 لم يكن مجرد “خطأ في التقدير،” بل خطوة مقصودة لإجهاض الانتقال الديمقراطي، والانقلاب على الوثيقة الدستورية، وفتح الطريق أمام عودة دولة الإخوان المسلمين التي خرج ضدها الشعب السوداني بالملايين، وهتف في وجهها “سلمية، سلمية، ضد الحرامية” و”الجوع، الجوع، ولا الكيزان.”
ولا يمكن، في هذا السياق، فصل انقلاب البرهان عن جريمة فض اعتصام القيادة العامة في يونيو 2019. فالحدثان يشكّلان حلقتين متتاليتين في سلسلة واحدة، هدفها الإجهاز على ثورة ديسمبر ومكتسباتها. والبرهان، بصفته رئيسًا للمجلس العسكري الانتقالي آنذاك، وقائدًا عامًا للقوات المسلحة، يتحمّل المسؤولية القانونية والأخلاقية المباشرة عن كلتا الجريمتين.
الحديث عن بقاء البرهان في المشهد، خصوصًا في قيادة الجيش، يعني ببساطة الإبقاء على التحالف العضوي بين المؤسسة العسكرية وجماعة الإخوان المسلمين. هذا التحالف، الذي كان أحد أعمدة نظام البشير، لا يزال فاعلًا عبر الامتدادات السياسية والأمنية للحركة الإسلامية داخل الدولة. ومن ثم، فإن أيّ حديث عن “إصلاح المؤسسة العسكرية” في ظل استمرار البرهان على رأسها، هو محض وهم.
أما تعيين رئيس وزراء أو تشكيل حكومة تحت هيمنة الانقلاب، فلا يعدو كونه مناورة تجميلية لا تغيّر من واقع السلطة المفروضة بالبندقية، والتي تفتقر إلى أيّ شرعية سياسية أو أخلاقية. فالحكم الذي يُنتج عبر فوّهات البنادق لا يؤسّس لديمقراطية، ولا يصلح قاعدة لبناء سلامٍ دائم.
كذلك، فإن تفكيك تغلغل الإسلاميين في مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش، يظل مستحيلًا طالما بقي البرهان في موقع القيادة. فتطهير هذه المؤسسات من الاختراق الأيديولوجي يتطلب إزاحة من صنعوا هذا التحالف ورعوه لعقود.
أما العدالة، التي يُراد تأجيلها باسم “الواقعية السياسية”، فليست ترفًا. إنها حجر الزاوية في أيّ مشروع لبناء دولة القانون والمؤسسات. فلا سلام بلا مساءلة، ولا تحول ديمقراطيا دون محاكمة من خانوا الثورة، وداسوا على تطلعات الشعب السوداني.