برغم مأسوية الواقع العسكري السوداني ، إلا إن ما يشخصه واقع و سلوك قيادات الجيش السوداني ، هو توليفة غريبة بين المسرح الكوميدي و بين مسرح العبث!!.. واقع يجعلك تضحك بجنون و أنت تحدق في بؤرة المأساة..
هل رأيت و سمعت (خطبة) قائد اللواء ٩٢ مشاة “الفولة” الذي افتتح خطبته بحمد الله الذي “وفقه” و من تبقى من ضباطه و جنوده ، في الفرار من بأس صبيان الدعم السريع و الفوز بالنجاة و نعمة الأمان في كنف دولة جنوب السودان “الشقيقة”؟؟.. هل سمعت الرجل، حين نسي فجأة أنه قائد عسكري هارب بجنوده من الحرب ، و انتحل شخصية “دبلوماسي” مبعوث في مهمة رسمية ، و راح يجتر أحلاماً رومانسية قديمة ، معتبرا هروبه إلى دولة الجنوب توفيقاً من الله ، و بشرى بوحدة شطري دولة السودان مرة أخرى!!!..
صحيح أن إخواننا الجنوبيين كانوا نبلاء مع (شبه الرجل) حين لم يذكروه بجرائم (إخوانه في الله) في الجنوب.. لم يقولوا له إنك أحد الذين جعلوا الإنفصال خيارا جاذبا لشعب جنوب السودان الذي تتباكى عليه الآن بمذلة تليق بك ، مذلة جبان يخشى أن يطرده مضيفوه إلى حيث أتى ، إلى نار حرب أشعلها ثم جبن عن خوضها!!!..
لو أنني كنت واحداً من جنود الرجل الذين وقفوا مطأطئي الرؤوس مستمعين إلى خطبة قائدهم في التغزل بدولة الجنوب التي أصبحت ملاذاً لهم من فتكات جنود الدعم السريع (المتوحشين) .. لو كنت واحداً منهم لأسرعت و الله بإغلاق فم القائد بالبوت (و مع أنهم دخلوا دولة الجنوب منتعلين “سفنجات”، إلا إن السفنجة كانت تكفي لإغلاق فم القائد المرتجف المداهن)، درءا للفضيحة ، فإن فضيحة الفرار وحدها ، و الاحتماء بدولة جارة تكفي، فما الداعي لإردافها بفضيحة “الفخر” بالهروب و اعتبار النجاة توفيقاً من الله!!!.. ألا يفرق هؤلاء الكيزان الحمقى يبن (التوفيق الرباني) و بين الخزي و العار و الفضائح ؟!!!..
كنت أظن ما حكاه لي أحد الأصدقاء عن ضابط عظيم بالجيش السوداني ممن فروا مع بداية الحرب إلى مصر ، كنت أظن ما حكاه صديقي مجرد تنكيت و سخرية ، و لكنني الآن أصدق الرواية بحذافيرها..
قال الرجل إنه سأل الضابط العظيم عن سبب وجوده في مصر ، فكان رد الضابط:
– إنت ما متابع الأخبار ولا شنو ؟ السودان ما فيهو حرب!!!!…
و كان أول يوم للحرب الكيزانية العبثية قد شهد فرار أكثر من ثمانمائة ضابط من ضباط القوات المسلحة – معظمهم من الكيزان – إلى مصر ، بينهم ذلك الضابط المسخرة الذي اعتادت عدد من الفضائيات استضافته بلقب “خبير عسكري استراتيجي” لا لشيء إلا للسخرية من تلعثمه و فأفأته و “كلام الطير في الباقير” الذي يجعل مذيعي تلك الفضائيات يغرقون في الضحك!!…
هل يستطيع سوداني سمع خطبة قائد اللواء ٩٢ أن يفخر بجيش هؤلاء قادته ؟؟!! هل يستطيع سوداني معافى في عقله ، بريئا من الداء النفسي المسمى (متلازمة البلبسة) أن يرفع رأسه بين أجانب سمعوا خطبة (سعادة اللواء) ؟؟. خصوصاً و أن هذا “القائد” نفسه كان قد ألقى، قبل هروبه بأيام ، خطبة عصماء أمام جماهير ولايته ، أقسم خلالها أنه و جنوده لا يهابون الموت ، و أن خنادقهم ستكون قبورهم!!!!!..
لو أنني تمكنت من إيجاد طريقة لإعدام هذا الفيديو الذي أصبح مادة دسمة للسخرية و (التريقة) علينا كسودانيين ، لو استطعت مسحه من جميع منصات التواصل الاجتماعي ، مقابل كل ما أملكه من مال ، لفعلت ، فإن حماقات البرهان و أركان حربه تكفي.. لا يستحق السودانيون أن تمرمط سمعتهم بفعل قادة حمقى عاجزين!!!