مفاوضات (جنيف) .. بداية متعثرة واهتمام دولي لافت..!!

تبحث المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في السودان

جنيف – (إسكاي سودان)
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار السودانيين إلى مدينة (جنيف) العاصمة السويسرية أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن قلقهم البالغ بشأن الوضع الإنساني الصعب وانعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان، بجانب قلقهم الشديد إزاء استمرار انتهاكات القانون الدولي والأثر الفادح الذي خلفه الصراع الحالي على المدنيين ورحب أعضاء مجلس الأمن الدولي بعقد المبعوث الشخصي للأمين العام (رمطان لعمامرة) محادثات غير مباشرة في جنيف بين طرفي الصراع في السودان الجيش والدعم السريع، وحث أعضاء مجلس الأمن في بيان صادر عنهم (الجمعة)الطرفين على تهدئة التصعيد ووقف الأعمال القتالية وضمان حماية المدنيين بما في ذلك في الفاشر، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

ودعا أعضاء مجلس الأمن الطرفين إلى استغلال فرصة المحادثات للاتفاق على خطوات لتنفيذ تلك الأهداف بشكل عاجل والعمل باتجاه الإنهاء المستدام للأزمة في السودان، كما دعا أعضاء مجلس الأمن الدولي الطرفين إلى الاتفاق على مزيد من الخطوات للسماح وتيسير الوصول الإنساني الآمن وبدون عوائق إلى السودان وفي أنحائه. ودعوا جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يثير الصراع وعدم الاستقرار، وأن تدعم بدلا من ذلك جهود الوساطة من أجل السلام المستدام.

وفي وقت سابق أرسل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان(رمطان لعمامرة) خطابا إلى القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في 26 يونيو – الماضي، مقترحا بإرسال وفد محدود رفيع المستوى إلى جنيف، في 10 يوليو/ الجاري، لبدء نقاشات مع قوات الدعم السريع برعاية الأمم المتحدة، ويركز التفاوض على الإجراءات التي يتعيّن اتخاذها لضمان توزيع المساعدات الإنسانية على جميع السكان السودانيين المحتاجين، إلى جانب بحث الخيارات لضمان حماية المدنيين، بحسب الخطاب، وأضاف الخطاب أن (الهدف من هذه المناقشات، هو تحديد سبل التقدم في التدابير الإنسانية المحددة وحماية المدنيين من خلال وقف إطلاق النار المحتمل).

وأعلنت الأمم المتحدة أمس الأول (الجمعة) أن وفدين يمثلان الطرفين المتحاربين في السودان يتواجدان حاليا في جنيف لإجراء محادثات مع مبعوث أممي، لكن أحدهما لم يحضر بعد للمشاركة في الاجتماعات، وقالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة (أليساندرا فيلوتشي) في مؤتمر صحافي إن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى السودان (رمطان لعمامرة) دعا وفدين يمثلان الجيش وقوات الدعم السريع لإجراء محادثات في جنيف تتمحور حول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، لكن على الرغم من تواجد الوفدين في مدينة (جنيف) السويسرية، فإن أحدهما لم يحضر مناقشات كانت مقررة (الخميس) وفق فيلوتشي التي لم تحدد الجهة المقصودة.

ويذكر أن محادثات (جنيف) يفترض أن تجرى في إطار ما يسمى صيغة تقارب يعقد خلالها لعمامرة اجتماعات منفصلة مع كل من الوفدين على حدة، في قاعات منفصلة،وليس مقررا عقد لقاء مباشر بين الوفدين، وتعقد المحادثات في جنيف، وجزء منها في مقر الأمم المتحدة، ولم يحدد أي موعد لانتهائها، وتأتي المحادثات على خلفية قرارين لمجلس الأمن الدولي بشأن السودان صدرا في وقت سابق من العام الحالي، وأشارة فيلوتشي إلى أن الجهود تبذل استنادا إلى القرارات وترمي إلى اتّخاذ تدابير لضمان توزيع المساعدات الإنسانية على جميع السكان السودانيين المحتاجين، وخيارات ضمان حماية المدنيين في جميع أنحاء السودان، وقالت فيلوتشي إن الوفدين يضمان ممثلين رفيعي المستوى للطرفين المتحاربين، بينهم خبراء في المجال الإنساني والأمني والعسكري.

وتأتي خطوة لعمامرة بدعوة الطرفين المتقاتلين استنادًا إلى تكليفه من مجلس الأمن، وفقًا للقرار (2724) باستعمال مساعيه الحميدة لوقف القتال في السودان، كما حث مجلس الأمن في قراره رقم (2736) الأطراف على وقف التصعيد في الفاشر، والسماح بتيسير وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق في جميع أنحاء البلاد، وضمان حماية المدنيين.

وفي وقت مبكر أعلنت قوات الدعم السريع في عن ترحيبها، بدعوة الأمم المتحدة، لإجراء محادثات بالعاصمة السويسرية جنيف، مع وفد الجيش السوداني للتشاور حول تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، في ظل الحرب الدائرة في البلاد، وأكد بيان صادرعن الدعم السريع تحصلت (إسكاي سودان) على نسخة منه وصول وفدها إلى جنيف لبدء المحادثات من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية، التي تواجه الشعب السوداني بسبب الحرب، وكانت قوات الدعم السريع أعلنت في بيان الخميس وصول وفدها الى جنيف استجابة لدعوة المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة وتماشيا مع ما أسمته ( الموقف المبدئي والمعلن) الداعي إلى وقف الحرب وتحقيق السلام ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب.

وفي الضفة الاخرى قالت الحكومة السودانية إن وفدها لمشاورات (جنيف) حول الأوضاع الإنسانية في السودان وافق على بدء نقاشات غير مباشرة مع قوات الدعم السريع تحت رعاية الأمم المتحدة في حنيف لبحث القضايا الإنسانية، وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية وزير الإعلام، جراهام عبد القادر، في بيان صحفي إن الحكومة وافقت على المشاركة في مداولات غير مباشرة بمدينة جنيف السويسرية بشأن الأوضاع الإنسانية، استجابةً لمبادرة الممثل الشخصي للأمين العام، وأشار إلى أنه (رغم طبيعة الدعوة المقدمة من المبعوث الشخصي التي تشير إلى مناقشات غير مباشرة وليس عملية تفاوض، لم يتلق وفد حكومة السودان بعد بضعة أيام من وصوله إلى جنيف أية أجندة أو برنامج لهذه المداولات) وأوضح الوزير أن الحكومة لا ترى داعياً لإنشاء منبر جديد للوساطة، وتتمسك بمنبر جدة وتعهداته، وضرورة تنفيذ تلك التعهدات التي أُبرمت.

وشدد جراهام على أن الحكومة السودانية ترفض التعامل مع أي جسم بديل أو موازٍ بشأن الإغاثة الإنسانية، خلافاً للكيان الحكومي المختص بذلك، وهو مفوضية العون الإنساني واللجنة العليا للطوارئ الإنسانية، وجدد تأكيد التزام السودان بالتعاون الإيجابي مع الأمم المتحدة في كل ما من شأنه تخفيف المعاناة عن الشعب السوداني، والتوصل إلى رؤية مشتركة بشأن توصيل الإغاثة للمحتاجين والنازحين في المناطق التي تضررت بسبب مباشر من الاعتداءات المتكررة والمتعمدة لمليشيا الدعم السريع، وأشار إلى حرص الحكومة السودانية على توصيل المساعدات الإنسانية إلى المواطنين السودانيين في المناطق التي تتواجد بها قوات الدعم السريع

وفي سياق تعليقه على اجتماع جنيف قال القائد ياسر سعيد عرمان رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي أن أهمية اجتماع جنيف تكمن في انه أتى بناءً على قرارين صدرا من مجلس الأمن الدولي وهي قرارات نادرة وغاية في الأهمية في ظل الانقسام الحالي في المجلس، كما ان الاجتماع يشهد مشاركة ربما تكون الأخيرة من الولايات المتحدة الامريكية قبل دخولها انتخابات معقدة، مشيرا الى ان الأهمية الأخرى للاجتماع انه يبدأ بداية صحيحة بالشعار الرئيسي للقوى المدنية الديمقراطية وهو وقف الحرب ومخاطبة الكارثة الانسانية وحماية المدنيين، إذ لا يمكن معالجة أسباب المرض قبل وقف نزيف المريض الذي يعطى الأولوية.
وبالنسبة لعرمان فانه رغم ان مسار جنيف مسار عسكري لم يتم ربطه بالمسار المدني وقضية العلاقة بين العملية السياسية المدنية والعملية العسكرية لوقف الحرب قضية حقيقية ويجب الا تهدف لإنتاج شراكة بائسة جديدة كما في الماضي على حساب الحلول المستدامة وثورة ديسمبر، وقد اتى الاجتماع في ظل تحركات اقليمية هامة ويخاطب قضايا الملايين المتضررين بدلاً عن قضايا النخب ويهدف لتحقيق هدف رئيسي هو وقف الحرب بعيداً عن تقاسم السلطة والموز والحالمين بما اسموه حقهم في توزيع السلاح والسلطة!

ويرى عرمان ان اجتماع جنيف هام وعلى القائمين بتنظيمه ان لا يكتفوا بجولة واحدة لان الرصاص وأصوات المدافع في الارض تؤثر سلباً وعليهم عقد سلسلة جولات بدعم من مجلس الامن والمنظمات الاقليمية والدولية وحشد طاقات كافة المنابر الأخرى للدفع بالاطراف في سلسلة اجتماعات متقاربة زمنياً حتى لا يتم فقدان قوة الدفع واذا فشلت الجولة الحالية على الوسيط تحديد اقرب وقت للجولة الثانية بدعم من مجلس الامن الدولي والأفريقي والجامعة العربية، وبالنسبة لعرمان فان اي وقف اطلاق نار يحتاج ان يكون طويل الأمد وبرقابة اقليمية على الارض، وطرفي الحرب يحتاجان هذا الوقف لاسباب تكتيكيه واستراتيجية في مقدمتها اعادة تنظيم صفوفهم والسيطرة على قواتهم والأهم من ذلك حل الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين وعليهم تغليب الافق الاستراتيجي في وقف وانهاء الحرب وبناء السودان الجديد.

وطالب عرمان القوى المدنية والديمقراطية ان تهتم بما يجري في جنيف وحشد الطاقات داخلياً وخارجياً في دعمه وانتقاد نواقصه، ان وقف الحرب يفتح الطريق للعملية السياسية الحقيقية التي بدون وقف الحرب ستتحول لمجرد تظاهره ومناسبة لاخذ الصور التذكارية وتسلل الفلول على حساب الضحايا وثورة ديسمبر وترتيب الاولويات والسلام المستدام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.