ما من شخص يجعلني إرتجُ وإهتزُ ضحِكاً مثل مالك عقّار؛ الشهير بمالكٍ الحزين، رغم أن الحزن البادئ على محياه يضفي عليه جرعة من الكوميديا والسخرية التي تجعلك تُغيِّر المزاج و تجعله أكثر تكيّفاً مع الأحزان والآلام التي تسببت بها الحرب الكيزانية اللعينة.
مالكاً هذا أيها السادة، لا يمتلك زمام أمره – كما تعملون – فقد تحوّل إلى أُلعوبة و (أُسخورة) وهذه الكلمة ألفتها من عندي، واشتققتها من (سخرية)، وهل من سخرية أكثر من وجود شخص أجوف وباهت مثله في حياة الشعب السوداني؟.
تحوّل الرجل إلى (أٌسخورة) بين يدى الكيزان وعسكرهم؛ فيما كانت الفرصة متاحة له من قبل بأن يتحول إلى (أُسطورة)، لكنه خيب ظننا كعادته، فقد ظهر في مقطع فيديو عبارة عن فاصلٍ كوميدي جديد وهو يضع قبعة تشبه تلك التي كان يضعها “البرهان” عندما كان يخرج من قبوه خمسة أمتار ليلتقط الصور ويتحدث عن أنه سيحسم الحرب في غضون أيام .. ظهر عقار وهو يخاطب جنوده وجنود القوات المسلحة ومليشيات الكيزان في النيل الأزرق، حيث بدأ وهو يحاول حثّهم على الثبات وعدم الفرار من مواجهة الدعم السريع، على طريقة (الجفلن خلهِن، أقرع الواقفات)، فقد قال لهم: ( يقولوا الناس بعملوا .. الناس ديل بعملوا .. لأنه الحرب بقى إعلام، يقولوا الدعم السريع جاي سنار ؛ تلقى سنار فضت، يقولوا جاي سنجة، تلقى سنجة فاضت، إنتو ماشين وين؟ طيب ما الحبشة قربت الحدود قرب، ناس ماشين الحبشة ولا ماشين وين؟ مافي حاجة اسمه الناس ديل قويين، ماف قوة فوقو، ديل بشر زيك واحد، ديل ناس مولودين من أم وأب زيك، فيهم دم ولحم زيك، شنو البخلي ناس تجري منهم، كدي وروني القوات المسلحة الموجودين هنا دي، شنو البخليك تجري منهم وتفضي المدن) – انتهى حديث مالك الحزين.
ياله من اعتراف استثنائي من الحزين وهو يلحق مليشياته ومليشيات حلفاؤه الكيزان على الحدود الإثيوبية، بعد أن (عرّدت) من سنجة وسنار وولت هاربة نحو الحدود الإثيوبية، خائفة مفزوعة القلب خشية الدعم السريع. لكن مشهد الرجل وهو يخاطب جنوداً خائفين ومرعوبين مثل قائدهم الذي بدأ بكل ما فيه من خسة وضِعة وجبناً وغدراً، كان مثيراً للشفقة والرثاء.
خلاصة القول، إن تلك الكلمات المفككة المشحونة بالخوف والفزع والرعب التي خاطبت بها (الكتلة البشرية) المعروفة بمالك عقار ؛ الجنود المرعوبين الهاربين إلى حدود “الحبشة”، تُفسِّر لنا الموقف الميداني العملياتي للحرب، بعيداً عن الدعاية الإعلامية الكيزانية، فلا يمكن أن يحث (قائد) جنوده وجنود مليشيات الكيزان (القوات المسلحة) على الثبات وعدم الخوف من الدعم السريع، إذا كانوا بالفعل منتصرين و(مصنددين)، فالرجل لحق بهم على تخوم الحبشة، وخاطبهم قائلاً: ” الحدود قربت، ناس ماشين الحبشة ولا ماشين وين، كدى وروني؟”، فماذا يعني ذلك؟
إنه يعني ببساطة شديدة أن القائد (الأُسخورة) والرجل المسخرة، يحاول محاولته الأخيرة لإثناء جُنده المهزومين عن الهروب إلى الحبشة والثبات أمام من وصفهم بطريقة كوميدية مضحكة: ” ديل ناس مولودين من أم وأب زيك، فيهم دم ولحم زيك، شنو البخلي ناس بجْري منهم، كدي وروني القوات المسلحة الموجودين هنا، ده شنو البخليك تجري منهم وتفضي المدن”.
ومالك يعلم ما هو السبب الذي يجعل قواته ومليشيات الكيزان “تجري وتفضي المدن”، لأنه السبب الذي جعله هو والبرهان والكباشي وجابر وقيادة الحركات “تجري وتفضي المدن” التي تدور فيها الحرب، لتعلن عن عنترياتها وتُبرز عضلاتها من (بورت كيزان) على ساحل البحر الأحمر، وطالما هرب القادة إلى الحدود البحرية، فلماذا يحرمون على الجنود الهروب إلى الحدود البرية صوب الحبشة:
” أَحرامٌ على بلابِلِه الدوح .. حلالٌ لِلطيرِ مِن كل جِنسِ؟!”.
الإخوة الجنود :
أهربوا .. إنّ في أرض الحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد.