قلناها وسنقولها ألف مرة : ليست هنالك حرب توزع فيها الورود وتتنزل للناس من خلالها البركة؛ إن أسوأ ما يمكن أن يحدث للانسان هو الموت ، و كل ما هو دون الموت من مصائب هو أدنى و وارد احتماله و تجاوزه.
الحرب لا تجلب غير الدمار والخراب ونشر البغضاء والكراهية والسرقة والاغتصاب. إن الحياة الدنيا تفسد وتفقد معناها بالحروب .. لذلك النفس السوية والمنطق يقولان عندما تقع على الشعوب كوارث الموت الناجم عن الحروب فإن أولى الأولويات، قبل كل شيء، هو العمل على إيقاف الحرب .
ومن البلاهة و العبط ، بل الجنون، أن تطالب بوقف السرقة والنهب والانتهاكات.. وتدعو لاستمرار الحرب !! ..
وهذا ما يفعله الفلول الآن، في مخالفة ومغالطة لكل نواميس الكون ومنطق الاشياء .. قوات الدعم السريع ليست مكونة من الملائكة أو الخلفاء الراشدين ، بل هي قوات ممتدة كبيرة العدد والعتاد منهم من يخطيء ومنهم من يسيء التصرف ، لكن هذا ليس منهج أو غاية القيادة و إنما هي أحداث معزولة ومدانة ومحاربة من كل دوائر اتخاذ القرار والقادة، و قد ظلوا يحسمون كل التفلتات حالما تبينوها.. لكن ما يجب الوقوف عليه جيدا أن قوات الدعم السريع بعيدة كل البعد عن أي حالات اغتصاب وهذه القوات و بالاحصائيات الحقيقية بعيدة كل البعد عن هذا السلوك . و لقد فشل الفلول ، بكل أكاذيبهم وتحشيدهم للمواطنين بنشر مثل هذه الاكاذيب ، فشلوا فقط في إثبات حالتي اغتصاب، بل جاؤا ببنت واحدة وكانوا يملون عليها ماذا تقول على مرأى ومسمع كل العالم ..
ظلت قوات الدعم السريع ماكثة منذ بداية الحرب في منطقة عموم الريف الجنوبي (صالحات) و لم يتم توثيق حالة اغتصاب واحدة ، وكذلك الفتيحاب وجميع أحياء أمدرمان القديمة وشرق النيل والكلاكلات والشجرة وجبرة والصحافات ….
حتي عندما دخلت هذه القوات منطقة الجزيرة رغم عمليات النهب الواسعة من قبل المتفلتين لكن حتي كتابة هذه الأحرف لم يتم تسجيل حالة اغتصاب واحدة …
هذه الحرب في الحقيقة أخرجت أسوأ ما عندنا وهكذا حال الحروب .. سرقنا بعضنا وقتلنا بعضنا واستغلينا بعضنا والقوات المسلحة والفلول يساعدون في استمرار هذه المأساة بخطابات الكراهية ونشر الأكاذيب بانتهاك الحرمات ..
لعلكم تابعتم ذلك الخفير الذي كان يخدم طبيبتين سنين عددا، وعندما قامت الحرب قتلهما ودفنهما في دارهن ونهب ممتلكاتهن وهرب …
وهنالك قصة مشهورة عن الجار الذي استأمن جاره علي بيته وذهب إلى إحدى الولايات هو وزوجته واولاده وعندما طالت الحرب كلمته زوجته بضرورة شراء سراير إضافية حتى لا يضايقوا أهل الدار أكثر من ذلك، وقامت ببيع ذهبها وعندما ذهبوا الي السوق وجدوا الاسعار فوق اي تصور ..فاقترح عليهم صاحب المنزل أن ينتظروا يوم الجمعة لأنه يوم الدلالة وستكون الاشياء بأسعار محتملة ..وعندما ذهبوا “يوم الدلالة”رأوا دفارا مليئا بالأسرة والدواليب فذهبوا اليه مسرعين ، ليتفاجأ الرجل بأن كل الأثاث الموجود هو أثاث منزله الذي تركه في الخرطوم واستأمن عليه جاره !!..
وعندما رفع راسه ليسأل الذي أعلى الدفار ويستفسره عن مصدر هذا الاثاث وجده هو جاره نفسه، بشحمه ولحمه .فما كان من الجار الخائن إلا أن قفز من أعلى الدفار وهرب مخلفا وراءه فضيحته وعاره وخيانته …
وأظنكم جميعا تعلمون أنه قد تم سرقة سوق مدني قبل دخول قوات الدعم السريع بساعات ..
ولا أنسي ما حكاه لي أحد ابناء المناقل:
مجموعة من أبناء المنطقة ظلوا ينتظرون على أحر من الجمر سماع صوت الرصاص ليهجموا على محلات تجارية وأشخاص ومصانع أعدوا قائمتها مسبقا وكانوا في ضيق من أمرهم لأن الدعم السريع لم يأت لاجتياح المناقل ..هذا غير استغلال بعضنا في ايجار المنازل والشقق بصورة بشعة ومقرفة
حتى بلغ الأمر بشماتة البعض في أهل مدني عندما اجتاح الدعم السريع ود مدني … والآن يشهد الله أن أشد اعداء الدعم السريع يتمنون دخولهم مدينة بورتسودان بسبب ما يعانونه من جشع أصحاب الايجار واستغلالهم لظروف النازحين .
هذه هي الصورة الكلية للحرب فهي دمرت الجميع و أخرجت اسوأ ما في النفوس.