جسر شمبات و(نيرون) السودان..!!

تقرير: خالد عبد الفراج

لبى الجيش السوداني صباح  السبت مناشدات الداعمين للحرب (البلابسة) المستمرة بتفجير جسر (شمبات) الرابط بين مدينتي بحري وأمدرمان والذي سيطرت عليه قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى للحرب واستغلته في نقل آلياتها الحربية وجنودها القادمين من غرب السودان لكل المواقع التي بيدها في مدن الخرطوم الثلاث، كما أنها من خلال الجسر ذاته أفسدت عدداً من هجمات الجيش ومنعت تقدمه من أمدرمان القديمة نحو بحري التي تسيطر قوات الدعم السريع على الجزء الأكبر منها.
وسارع عبدالرحمن (عمسيب) بتهنئة الجيش بتفجير جسر (شمبات) وكتب (بوستاً) على صفحته بـ(الفيسبوك) أكد فيه ذلك بقوله (عقبال كبري المنشية) وفيما سارعت كتيبة البراء بن مالك بشكر دولة جارة على تنفيذها الهجوم على الجسر ، وزع قيادات بالحركة الاسلامية وحزبها المؤتمر الوطني (الخبر) وزفوا البشريات وما أن أصدر المتحدث باسم الجيش تعميماً قال فيه إنه “في إطار مشروعها التدميري لمقدرات البلاد وبنيتها التحية، ونتيجة للتقدم الذي بدأت تحرزه قواتنا في الميدان خاصة في محور امدرمان، قامت المليشيا المتمردة فجر اليوم بتدمير كوبري شمبات الرابط بين مدينتي أمدرمان وبحري، حتى وتبنوا ماورد في التعميم ونسوا أنهم أول من شهد على الجيش وحلفائه بأنهم وراء تدمير هذا الجسر الهام..
والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يستفيد الدعم السريع من تدمير الجسر، من المؤكد أن قوات (حميدتي) ليس لها مصلحة ، وماحدث هو استجابة من الجيش للناشطين (اللايفاتية) اللذين ظلوا يكثرون من المناشدات لقياداته بضرب الجسر باعتبار أنه يمثل الشريان الحيوي لإمداد قوات الدعم السريع إلا أن هذه الخطوة جاءت متأخرة وتوفر مبررات لقوات الدعم السريع لاقتحام مناطق مدنية كانت قد حذرت الولايات المتحدة من ضربها.
صحيح فقدت قوات الدعم السريع خط إمداد مهم بالنسبة لها لكن هل يؤثر ذلك عليها؟ والاجابة كانت ستكون نعم في وقت سابق ولكن الآن لا..فقوات الدعم السريع المنتشرة وصلت إلى تخوم عاصمة ولاية الجزيرة ود مدني واستقطبت بعض المكونات المحلية.. ويعتبر (كيكل) صمام أمانها في شرق النيل أما (قجة) فهو الظهير الخلفي لها بالنسبة لجنوب الخرطوم ، في وقت تزحف فيه جحافلها نحو كوستي وأخرى تتأهب لخوض معارك شمالاً ، وبالتالي لن يستفيد الجيش شيئاً حتى ولو دمر كل الجسور الرابطة بين المدن الثلاث (الخرطوم – امدرمان – بحري).
قوات الدعم السريع بنهاية خريف هذا العام تستطيع تحريك 100 ألف مقاتل نحو الخرطوم وإذا كان الجيش يظن أنه يستطيع المناورة وكسب الوقت والزج بالمستنفرين والمجاهدين لحين استجماع قواه لن يسعفه الوقت لذلك، لأن سقوط حامياته في دارفور أغرى كثير من الأهالي بالانخراط في صفوف الدعم السريع الذي لن يتواني في بذل كل قواة للسيطرة على الخرطوم ونقل الحرب إلى ولايتي نهر النيل والشمالية.
هذه الخطوة بتدمير هذا الجسر الحيوي لم تأت من فراغ ويبدو أنها ناتج زيارات البرهان الفاشلة فمصر تدعمه على حياء وجوبا رفضت منحه قرضاً لتسيير دولاب العمل وأريتريا مغلوبة على أمرها والسعودية تصوب أعينها نحو جدة ولا تنظر لغير ذلك ، أما الأوضاع في الداخل بلغت حدها في المعاناة فالجنيه تهاوى أمام العملات الأجنبية ووزير المالية لا يجد غير شماعته التي إعتاد تعليق أزمات البلاد عليها وهي زيادة الدولار الجمركي وهذا يفتح المجال واسعاً أمام الكساد وهروب رجال الأعمال ، أما الوضع الصحي سيزداد سوء فالكلويرا صارت وباء والحمى النزفية تفتك بالآلاف وسوء التغذية يلوح من على البعد كاشفاً فشل الموسم الزراعي هذا العام.
وكما تناقضت الروايات في أن نيرون حاكم حرق روما وجلس على تلتها وهو يعزف لحناً مستمتعاً بالخراب الذي أحدثه الحريق هاهو البرهان يؤكد اليوم بأنه نيرون الخرطوم الذي أحرقها دون تناقض للروايات فالرجل أصبح ألعوبة في يد من يدفعونه إلى مزبلة التأريخ ، والغريب أنه فعل فعلته هذه وهو عائد للتو من (أرض الله الحرام).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.