الطاهر أبوجوهرة: من يوصل هذا الهاشتاق للسادة # في مجاعة #
في المناطق البعيدة بدارفور خطيب المسجد شيخ تجاوز التسعين تعوّد أن يختم خطبة الجمعة بدعاء مختصر حفظه الناس ( اللّهم أحفظنا من مرفعين وأسد ) .. نضحك .. وشر البلية مايضحك .. فالذاكرة المحاصرة يمكن أن ترجع للأيام الخوالي .. أيام الوحش والسباع تهاجم القرى .. وعند الضيق دائما تتعالى الأصوات مبتهلة في حضرة رب رحيم .. هذا هو الأمل الذي يتكئ عليه الآن شعب السودان .. الله .. إلاهي .. نعم .. الأوضاع ببلادي تسوء كل يوم .. والمواطن السوداني يبلور على الأرض مثله الشعبي القائل 🙁 الرجال تناجر ما عناقر ) .. فالرجل التُنجرة : هو الذي يحمل في دواخلة كمية أو (رزمَا) من الصعاب والمبكيات والعناء ولكنه يصبر لايشكو ولايزرف الدمع .. والشكية لغير الله مزلة ، وهذا مبدأ عقدي يمارسه الآن الكثيرون من أهل بلدي .. هذا هو حال شعبنا في هذه الأيام الذي يعيش معظمه ظروف إقتصادية صعبة ترتقي لحد المجاعة غير المعلنة .. ففي هذا التوقيت الذي تغيب فيه الحكومة عن المشهد الخاص بمعاناة الناس ، يتحمل المواطن لوحده كل التبعات ، حيث غابت عنه كل المؤسسات والواجهات ذات الصلة بالدّعم ، حتى ديوان الزكاة غاص في نوم عميق ( وطناش ) كأنه آمن ببند العاملين عليها فقط .. في أطراف بلادي وعاصمتي ، الناس تعيش الآن حالة أشبه بالمجاعة إن لم تكن هي ذاتها بشحمها ولحمها .. علي مسؤوليتي أُفعِّل هذا الهشاتق #في مجاعة# .. قف .. للموقف حكاية .. .. ذكر لي أحدهم إنه في إحدى كافتريات المحطة الوسطى بحري قام أحد الشباب بخطف ساندوتش من يد إحدى الفتيات مباشرة أمام أعين الجميع ولم يهرب به بعيدا بل جلس على الكرسي المجاور وبدأ ينهشه قائلاً 🙁 جيعان والله ) .. على المستوى الشخصي أعرف أسر الآن تعيش على وجبة واحدة في اليوم ، وأسر تأكل الثرى ، أين ديوان الزكاة ؟! بل أين الذين اذا عثرت بغلة فهم المسؤولون عنها لأنهم لم يسووا لها الطريق .. ماتت الضمائر ياسيدي يارسول الله .. لقد خبرتنا عن أشراط الساعة .. إماتة الصلاة ، وإتباع الشهوات ، وظهور أمراء خونة ووزراء فسقة .. نعم .. تعثر الحال وهام الناس على وجوههم .. الآن .. كل المواطنين اتجهوا للسوق وعلى بركة الله .. فالأسواق عندنا رمزاً للتعايش والكد فهي قدح النبي بالتأكيد .. سألنا أحدهم على قارعة المكان وعلى رجليه معالم الزحف المعفر بالتراب ، كيف تعيش أو عايش أجاب 🙁 بالخبرة ) .. مؤسف .. الحكومة تغيب عن موائد الفقراء .. هي الرواية التي يقرأ فصولها الجميع في حضرة الشتاء .. نعم .. #في مجاعة# ومن يكذب ذلك فاليذهب الي مدارس الأساس في أطراف وقلب ولاية الخرطوم في ساعة وجبة الفطور ليرى كم تلميذ يملك حق الفطور ؟ وكم منهم منحه والده مئة جنيه ليدبر حاله؟!! ، من يخبر هؤلاء المتشاكسون إن أمر الآخرة لعسير ودخول الجنة ليس بالسهل الميسور .. نعم في حضرة المعاناة تتعدد الحكايات ولاغرابة .. وحكايتنا .. في السوق الشعبي أمدرمان أحضر أحد المواطنين أطفاله للمسجد وذكر إنه صناعي ولكنه عاد للبيت فارغ اليدين ووجد حال أطفاله كما تركهم جياع فجاء بهم الي هذا المسجد ليجد من يقم بالواجب .. هذا يحدث في قلب الخرطوم .. ولكن من يلحق المتعففين الذين لايسألون الناس تحسبهم أغنياء من التعفف ؟ .. مؤسف .. بينما المواطن المغلوب على أمره يجتهد مصابراً على تقصير الحكومة ، نجد الحكومة في غرفها تستعد بولاية الخرطوم لمزيد من مضايقة المواطنين خاصة في الأسواق التي توقفت فيها حركتا البيع والشراء وعم الكساد ، تستعد الحكومة تحت مسمى محاربة الأسواق العشوائية لطرد هؤلاء الغلابة الذين يذهبون منذ الصباح الباكر ويعودون ليلاً وحصادهم طماطم وكيس دكوة ورغيفات بمعدل لكل فرد رغيفتان والمحزن بوزن الريشة .. آه .. في هذه الأيام تسمع همساً صار عادياً في أزقة الأسواق يقول 🙁 الجماعة رجعوا ) ويقصدون ( ناس المؤتمر الوطني ) الذين اشتهروا وقتها بالتحصيل المسترسل والرسوم المتعسفة والايصالات التي لاتنقطع والتشريد والمطاردة للباعة الفقراء في سوق الله أكبر .. اللهم من ضيّق على أمتي ضيِّق عليه هذا دعاء من حبيبنا مستجاب الدعوة .. بالله عليكم .. بإسم تنظيم الأسواق لاتطعنوا الفقراء في مقتل ، فأتركوهم على الأقل في هذه الأيام الصعبة التي يعيشون فيها ظروفاً استثنائية ، يعلمها العلي القدير .. سيادة الفريق البرهان سيادة النائب قائد قوات الدعم السريع ارجو أن تتدخلا لحماية فقراء المواطنين في الأسواق من هذه الحملة المسعورة ، التي تهدف فقط الي التضييق على المواطن ليهيج ويخرج ويتفلت .. اوقفوا حملة تنظيم الأسواق ولو مؤقتاً لحين الفرج ، هذه الحملة التي ستشرد الكثير من المواطنين خاصة نموذج الذين يعيشون بالخبرة .. كيف .. الإجابة مساحة بالسوق كان يعيش تحت رحمتها المئات ، يتلاصقون بمنتهى الحنان يتقاسمون الرزق فتأتي عملية التنظيم ليطرد الجميع لتُشيَّد عشرون مظلة صغيرة والبقية على أسنة المطاردة والمنع هذا ملخص مخلفات حملة تنظيم الأسواق .. كلنا مع التنظيم ولكن الآن المواطن يعيش في حالة تتطلب تركه ليدبر أمره كل حسب خبرته لحين انتهاء التسوية وعودة الأمور لحالها الأيسر .. السيرة تقول إن سيدنا عمر في وضع ( يكاد أن يكون مشابهاَ ) قد أوقف أو عطل بعض الحدود .. ولنا في ابن الخطاب إسوة حسنة .. وأخيراً لايسعنا إلا أن نقول .. الجماعة عادوا .. اللهم أجرنا من شر مرفعين وأسد ..
ودق :
ماذا تقول لافراخ بذي مرخ زغب الحواصل لاظل ولاشجر
رعد :
عادوا ياسادتي
وتنادوا
وبرجوعهم عاد العناء
وبوادر الجوع الرهيب
يامهيب
من يبطل السحر العجيب
في حضرة الرُقية الصراخ
والجن يتحدث
عيانا
رافضا أمر الخروج
ماذا دهاكي ياسروج
فالليل وحتى الخيل
والبيداء أنكرت المكان
يازمان
خبرنا كيف تراجع الناس البطاح