شريف عبدالشافع ادريس المحامى يكتب: على السلام المزعوم السلام(13)
شريف عبدالشافع ادريس
المحامى يكتب: على السلام المزعوم السلام(13)
……………………………..
استهل مقالى بسؤال جرئ يحتاج الاجابة عليها الى شجاعة وتجرد ويأتى فى هذا السياق : هل إتفاق سلام جوبا كتاب مقدس مبرأ من كل عيب ويسود فوق كل المواثيق والوثائق والدساتير ومن يأتى للمنصب عبره يظل خالدا مخلدا فيه وعلى الكافة اداء فروض الطاعة له سمعا وطاعة ولو رأى فى المنام انه يذبحنا جميعا ما لنا الا ان نقول له افعل ما تؤمر طالما تستمد شرعيتك من الاتفاق؟
فى آخر حلقة تحدثت عن ان عدوى الاقتتال سوف ينتشر ولا سيما المناطق التى خرجت لتوها من النزاعات المسلحة . فقد تجددت الاشتباكات وبصورة وحشية فى النيل الازرق حصدت ارواح بريئة من الطرفين وإثر الاحداث تم تبادل الاتهامات حول المتسبب فى الاحداث ولم يسلم حاكم الاقليم وعضو مجلس السيادى عقار من تلك الاتهامات بل طالب البعض بضرورة مغادرة الحاكم للموقع بعد ان عجز عن توفير الامن .
واقصى ما فعله حاكم الاقليم ان اعلن الطوارى لمدة شهر فى الاقليم طالبا يد العون والتدخل من الجهات ذات الصلة لاغاثة المنكوبين خلال تلاوته للمرسوم.
لا يختلف اثنان فى ان النزاع اخذ طابعا قبليا بإستهداف الهوسا كطرف ووصل حد وصفهم بانهم اجانب اتوا من نيجريا وعلى الهواء مباشرة ومن خلال فضائية يشاهدها الملايين وقد استضافت الفضائية من داخل استديوهاتها من عرف نفسه انه مسؤول الاعلام فى اللجنة العليا للهوسا كما اتهم الاخر هذه اللجنة بانها سبب الازمة وللأسف تمر هذه المشاهد مرور الكرام دون وقفة او مساءلة كأن ما يحدث فى عالم اخر غير دولتنا.
كيف يجرؤ لمواطن اى كان موقعه ان يستغل ظهوره او مداخلته فى فضائية ويبث من خلالها سمومه ويلهب مشاعر البغض والكراهية ليصب الزيت على النار التى لم تخمد بعد .
وكيف للدولة ان تتراخى وهى ترى نار القبلية تقضى على ما تبقى من النسيج الاجتماعى.
الى متى تظل يد الدولة مغلولة لوضع حد لهذا الاحتراب وممدودة لاستقطاب الاغاثة وإنتشال الجثث المتفحمة و تضميد الجراح بعد كل حادث . اما كان الاجدى بها وأد الفتنة فى مهدها والاخذ بتلابيب من يضعون أياديهم على الزناد و بترها قبل الضغط عليها.
المطلوب من الدولة فى مثل هذه الاحداث وفى ظل تبادل الاتهامات التى طالت حتى القيادات العليا ان تقوم بتعيين حاكم محاييد يضطلع بدوره دون الالتفات الى خلفية الحاكم ففى سبيل حقن الدماء وحفظ الأنفس فلتذهب الاتفاقيات التى لم تستطع حفظ الامن وتوفيرها للجحيم فرفقا بهذا الشعب .
المعلوم ان النيل الازرق من الولايات الانتاجية وخيرها وفير وخاصة الحبوب والفواكه والخضروات فكون ان يستجدى حاكم الاقليم لاغاثة هؤلاء المنتجين فهذا هو الفشل بعينه .
على الدولة التزام اخلاقى ومسؤولية تجاه كافة المواطنين وتوفير الامن والحماية للمنكوبين بصفة خاصة وان تضع من التدابير ما تحول دون إراقة الدماء وفقد الممتلكات .
ان خروج اماكن النزاعات من دائرة الانتاج تنذر بكارثة إقتصادية وستنعكس آثارها السالبة على جميع مناحى الحياة .
كما تقف هذه الصراعات حائلا دون تدفق الاستثمارات وخاصة الاجنبية فضلا عن الاثار الاجتماعية التى تخلفها النزوح .
خلاصة القول لابد من التسليم بأن اتفاقية جوبا لم تعالج معظم القضايا بل خلقت قبنا لدى الرأى العام اولا لسيادتها فوق الوثائق الدستورية اجماع الشعب ثانيا تمترس الموقعين عليها خلف القيادة العليا لإيمانها بأن بيدها المن والسلوى وانها الضامن لتنفيذ الاتفاق وتجلى ذلك فى وقفتهم الصلبة مع إنقلاب 25 اكتوبر ومحاولة تكوين حاضنة سياسية مشابهة للحاضنة السياسية الموجودة اصلا فى الإسم مخالفة لها فى الفكر وهذا المسلك قطع الطريق امام مدنية الدولة وحتى بعد قناعة العسكر لحتمية الرجوع وتسليم السلطة للمدنيين وقفوا حجر عثرة بتمترسهم خلف اتفاق جوبا والتمسك بالمكاسب التى تحققت لهم .
ان لقيام الدولة المدنية إشتراطات اهمها وجود دستور يتوافق عليه الجميع يساوى بين الجميع فى الحقوق والواجبات ويمهد للجميع المشاركة فى الحياة السياسية والمساهمة فى السلطة بجميع مستوياتها عندها سينال الجميع الرضا ويسود الامن والاطمئنان والا على بلادنا السلام