أسامة سعيد يكتب .. قطع العلاقات مع دولة الإمارات: قرار باطل ومنعدم الاختصاص ويهدد مصالح السودان العليا

قطع العلاقات مع دولة الإمارات: قرار باطل ومنعدم الاختصاص ويهدد مصالح السودان العليا

 

بقلم: أسامة سعيد

 

في تطور ينذر بخطورة الانفلات الدستوري الذي تعيشه البلاد، أقدمت جهات غير شرعية وغير مختصة على إعلان “قطع العلاقات الدبلوماسية” مع دولة الإمارات العربية المتحدة. وهو قرار صدر عن ما يُسمى بـ”مجلس الأمن والدفاع”، ويُعد منعدم الأثر القانوني، ويناقض بصورة صارخة قواعد الاختصاص الدستوري والسياسي. كما أنه فعل متهور يهدد المصالح العليا للدولة، ويخدم بصورة مكشوفة أجندات تنظيم المؤتمر الوطني، الذي لفظه الشعب السوداني بثورته المجيدة.

 

تنص الوثيقة الدستورية المعدلة لعام 2020، في المادة (11/2/ط)، على أن اختصاص اعتماد إنشاء أو قطع العلاقات الدبلوماسية ينعقد لمجلس السيادة بناءً على توصية من مجلس الوزراء، في حين منحت المادة (16/2/و) مجلس الوزراء سلطة “اقتراح” إنشاء أو قطع تلك العلاقات. وبالتالي، فإن أي قرار في هذا الصدد يتطلب تلازم الاقتراح من مجلس الوزراء مع الاعتماد من مجلس السيادة. وهذان الكيانان غائبان تماماً عن المشهد السياسي بفعل الانقلاب.

 

وحتى في ضوء التعديلات التي أجراها البرهان   منفرداً على الوثيقة الدستورية في عام 2025، والتي وسعت من سلطات رئيس مجلس السيادة، فإنها لم تمنح مجلس الأمن والدفاع أي تفويض يتعلق بالسياسة الخارجية أو بالعلاقات الدبلوماسية، ولم تغيّر من طبيعته كجهاز تنسيقي أمني صرف.

 

وعليه، فإن صدور القرار عن مجلس الأمن والدفاع يُعد خرقاً صريحاً لمبدأ الاختصاص، ويفتقر لأي سند دستوري أو قانوني، مما يجرده من أية مشروعية أو أثر. كما أن غياب المؤسسات الشرعية المخوّلة يعني أن هذا القرار منعدم في أصله، ويُجسد عبثاً تمارسه سلطات بورتسودان عبر هياكل لا تملك أي شرعية دستورية أو تفويض شعبي.

 

لكن الأخطر من هذا التجاوز الدستوري أن القرار يُلحق أضراراً بالغة بمصالح السودان الاقتصادية والدبلوماسية. فالإمارات تُعد من أهم شركاء السودان، حيث:

  • تستضيف مئات الآلاف من السودانيين الذين تمثل تحويلاتهم مصدراً أساسياً لدخل الأسر وللاقتصاد الوطني؛
  • تُعتبر من أكبر الدول المانحة في المجال الإنساني؛
  • ترتبط بشراكات استراتيجية في مجالات الطاقة، الموانئ، والبنية التحتية؛
  • وتلعب دوراً محورياً في جهود الوساطة الإقليمية والدولية بشأن الأزمة السودانية.

 

في المقابل، فإن حكومة السلام المدنية المرتقبة، المنبثقة عن التوافق السياسي العريض ومشروع استعادة الثورة، لن تعترف بهذا القرار ولن تتعامل معه بأي شكل. بل ستعمل، من منطلق المسؤولية الوطنية، على إعادة بناء وتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلاقاً من مبدأ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وبما يخدم تطلعات الشعبين الشقيقين.

 

إن القرار الصادر بقطع العلاقات مع الإمارات يُمثل سابقة خطيرة في توظيف اسم الدولة لخدمة أجندات حزبية معزولة. وهو قرار باطل من حيث الشكل والمضمون، ومجافٍ للدستور والمصلحة الوطنية. وعليه، فإن الواجب الوطني يقتضي من جميع قوى الثورة والتغيير التصدي لهذا العبث، وتسريع الخطى نحو إعادة بناء مؤسسات الحكم المدني الشرعي، حمايةً لمكانة السودان، وصوناً لمصالح شعبه، وقطعاً للطريق أمام قوى الردة والتخريب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.