عروة الصادق يكتب .. “حريق الكلمات … في وجه علي كرتي : لا دارفور تُفصل، ولا السودان يُختطف مرتين”
“حريق الكلمات… في وجه علي كرتي: لا دارفور تُفصل، ولا السودان يُختطف مرتين”
- أيها العائد من رماد “الإنقاذ”، يا من تقمصت جلد الحية بعد أن سلخت البلاد، وخرجت من تحت أقدام الخراب حاملاً نارك في يد، وغُصّة مشروع فاشي في اليد الأخرى، اسمعها الآن صريحة، لا تورية فيها ولا مداراة: دارفور ليست جنوب السودان، ولن تكون، والسودان ليس ورقة في جيب الحركة الإسلامية لتمزقها ساعة تشاء.
لقد خرج علينا علي كرتي، رأس الحربة في مشروع الإبادة والتجريف والتخويف والتجفيف، ليطرح بلغة الفجّار “سيناريو الجنوب” كـ”حلٍّ بالحسنى” لمشكلة دارفور، وهذا ليس مقترحًا سياسيًا، بل تهديدًا علنيًا بتفكيك السودان، من ذات الواجهة التي أحرقت شبابه وأكلت خيراته، واستباحت دمه، ووضعت مصيره في يد نيران اللهب، وهو ما ظللنا نشير إليه منذ اندلاع هذه الحرب أنها مخطط الأبالسة بامتياز.
ما قاله كرتي ليس رأيًا، بل جريمة سياسية موثقة.
دارفور ليست بضاعة في سوق الحركة الإسلامية ولمن نسي، نعيد التذكير:
أنتم من غذّى النعرات.
أنتم من جلب الموت والقصابين.
أنتم من ربى القتلة والمغتصبين.
أنتم من عبث بالآى الأعلى ونصوص الدين.
أنتم من غرس الفتنة في المزارع والفرقان.
أنتم من أعاد تعريف المواطن الدارفوري كـ”مشكلة” بدلاً من كونه أساس السودان.
والآن، بعد أن خربتم الأرض، وسرقتم الذهب، وأحرقتم القرى، تأتون لتحاضرونا عن الحل بالحسنى؟!
فما الحركة الإسلامية إلا تنظيم الموت المؤجل، والتي لم تعرف الحياة إلا بقتل الآخر وتجربتهم في كل المنطقة والعالم، خير شاهد ودليل.
يا علي كرتي، مشروعكم لم يكن دولة.
كان عباءة دينية فوق جسد من النيوليبرالية الوحشية، ملأت الجيوب وخوّفت النفوس وأعدمت الضمائر.
تريدون تفكيك ما تبقى من السودان، لا حبًا في السلام، بل تهربًا من الحساب. لماذا دارفور ليست الجنوب؟ 1. الجنوب طالب بالانفصال كشعب له هوية تاريخية مغايرة، نشأ في ظل استعمار ثنائي بفوارق دينية وثقافية معلومة.
- دارفور جزء لا يتجزأ من عمق السودان التاريخي، وهي التي رفدت المركز بالملوك والفقهاء والثوار، من السلطان علي دينار إلى الفكي أحمد صالح.
- سكان دارفور لم يطالبوا بالانفصال يومًا، بل طالبوا بالعدل والمواطنة والتنمية – فكيف ترد عليهم بالتقسيم؟ 4. حتى الحركات المسلحة لم تكن انفصالية، بل مطالبها كانت فدرالية وعدالة في قسمة السلطة والثروة. فمن أنتم لتقرروا نيابة عن دارفور؟
ومن منحكم تفويض اقتطاع أرض وطنية باسمكم؟
أنتم أرباب الخطاب العنصري في عباءة الإسلام السياسي، وأنتم حمالوا حطب الحرب في أعناقكم، دعونا نقولها دون مواربة:
الحركة الإسلامية تنظيم عرقي مغلف بالدين.
مشروعها يقوم على تكريس الهيمنة الجهوية، لا على فكرة الإسلام العادل. هي تحارب عندما يُهدد مركز سيطرتها، وتعرض “التقسيم” عندما تفشل في استرداد مواقعها.
دارفور ليست مشكلتكم، بل مرآة جريمتكم. رسالة إلى كل مشفق على السودان أيها السودانيون في كل الجهات وشباب الثورة والشابات أنتم من هتفتم يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور، ها هو العنصري المقيت يمد لسانه لهتافكم ويرفع اصبعه الأوسط بكل بذاءات التاريخ ليقول لكم اخبطوا راسكم بالحيط وبلو شعاركم بالدم وأشربوه:
إذا كان علي كرتي يتحدث باسم السودان، فليصمت السودان. إذا كانت دارفور قابلة للفصل، فكل السودان مهدد بالتبديد. الآن، لا يكفي الرفض الهادئ، بل نحتاج لرفض يُرعد: نرفض هذا الطرح بوصفه خيانة وطنية. ونطالب بمحاكمة علي كرتي على تحريضه بتقسيم البلاد.
ونحذّر من استخدام دارفور كورقة تفاوضية في صراعات مراكز القوى.
— ختاما: من يقفز فوق دارفور، يسقط في حفرة التاريخ يا كرتي، دارفور ليست جائزة ترضية في مائدة مقسّمة.
لن تكون جنوبًا جديدًا، ولا عاصمة للعار. وإن كانت حروبكم قد أنهكتها، فإن جذورها في تربة السودان أعمق من مخالبكم. قولوا لكرتي:
إن دارفور لا تُفصل، بل تُسترد لحضن السودان وتسترد مجدها الذي تسرده نصوص التاريخ أنها أم وأب لهذا الوطن.
وإن السودان لا يُختطف، بل ينهض من بين أنيابكم.
وإن من أشعل النار، لا يحق له أن يعظ الناس عن الحرائق.