أكتب هذا المقال بعد إتصال هاتفي من إحدى الريفيات-(عضوه في قروب تحالف نساء الريف السوداني)- وأخبرتني بأن هناك مُذكرة إحتجاج نسويه ستُّرفع لتنسيقية القوى المدنية “تقدم”،إحتجاجا على ضُعف تمثيل النساء داخل التنسيقية ،وتحجيم مشاركتهن.
أولاً:دعوني أرفع القُبعة تحية إجلال وتقدير للفريق أول :محمد حمدان دقلو/قائد قوات الدعم السريع -(نصير طيييرات الجنة)-الذي إحترم عقلية المرأة وقدر مجهوداتها ،في أول سابقة عبر التاريخ الممتد ،عندما أعلن( لجنة الاتصال بالقوى السياسية وحركات الكفاح المسلح ومنظمات المجتمع المدني،والتي جاءت مكونة من الآتي: رئاسة المستشار السياسي لقوات الدعم السريع أ.يوسف عزت،وعضوية كل من لنا مهدي ،وبلة السيد ،وفاطمة لقاوة)،فكان نصيب النساء في هذة اللجنة ٥٠%،وهذا دلالة على نظرة القائد “حميدتي” التقدمية الثاقبة،والتي لم نجدها من قبل .
مقياس الأمم وتحضرها يُقاس بنظرتهم للمرأة ،والإسلام كرم المرأة وثمن دورها ،وكذا الحضارات الأممية ،والدول المتقدمة اليوم تعطي المرأة الأولوية في تراتبية الأشياء،فنجدها تتقلد أعلى المناصب وأكثرها حساسية ودقة ،وقد نجحن في تنفيذ التكليف وأثبتن مقدراتهن العقلية والجسدية ،وبراعتهن في العمل.
كثير ما أردد مع محيطي النسوي ،بأن المرأة يجب أن تكون عنيدة صانعة الحدث ولا تنتظر إستحسان من أحد ،وعلينا كنساء ،فرض واقع جديد مُغاير تماماً عن نظرة الإستعطاف من الأخرين، وأننا قادرات على كسر طوق أنانية الرجل السوداني، وتجاوز عقبة غيرته من نجاحات النساء من حوله.
فالمرأة في نظري هي التي ساعدات في تكوين عقلية المثقف السوداني نحوها ،وخنعت إلى سلوكياته وطباعه المتعالي،ومنحته السيطرة وتحجيم دورها،فإختارت هي طواعية الإنزواء بعيداً وإنتظار هِبة ما منه وعطاءه المغلول.
النخب السياسية إستمرأوا هذة الطباع وطفقوا يتعاملوا مع المطالب النسوية بإنانية مُفرطة ،وقليل ما نجد اللائي يخرجن عبر نفاجة التزكية كزوجة أو أخت أو عشيقة أو إبنة ،لواحد من المؤثرين في الكيانات السياسية فيزكيها أو يمهد لها الطريق نحو الظهور وهي لا تمتلك مؤهلات تجعلها تفرض واقع أفضل،فتظل رهينة عنده لا تستطع تجاوز توجيهاته.
المرأة السودانية القوية التي شاركت في البرلمان السوداني في الخمسينيات،وكانت منارة للمرأة العربية والأفريقية ،أمثال (فاطمة السمحة)و (ماما خديجة حسين)رحمهن الله وأحسن مثواهن ،و(ماما فاطمة القدال)و (بخيتة الجبوري)أطال الله أعمارهن ومتعهن بالصحة والعافية،لم تعد هي ذاتها ،بقوتها وإمكانياتها العقلية والمنطقية ،فقد تبدلت الحال ،وأصبح مقياس التزكية هو العلاقات الأُسرية والعاطفية والمعرفية فجاء خنوع المرأة لمن منحها فضل الظهور والمشاركة،وتحاول جاهدة إرضاء غروره وأنانيته ولا تستطع أن تعصي له أمراً ،فتظهر بمظهر الرياء الكاذب والبقاء في هامش المساحة التي مُنحت لها،وهي لا تدري :أنَّ صانعات التاريخ فرضن واقعهن بالعناد والإجتهاد والإيمان بالمبادئ والتمسك بها.
صحيح أن بعض النُخب السياسية السودانية لديهم أنانية ،وغيرة مفرطة من النجاحات النسوية وسرعان ما تنكشف حقيقتهم وينتكسوا عن المبادئ التي تنادوا بها ،ولكن إصرار المرأة وتضافر جهود جميع النساء وتمسكهن بحقوقهن ورفع أصواتهن عالية ،وصناعتهن للأحداث ،وعنادهن المستمر من أجل تثبيت مشاركتهن النسوية في كافة المستويات سيجعلهن يعودن لسيرتهن الأولى قويات فاعلات متفاعلات مع قضايا الوطن دون خنوع.
كُنَّ قويات عنيدات ستجدن واقع أفضل.
ولنا عودة بإذن الله.