ابراهيم مطر يكتب: في الذكرى الثانية للحرب .. تحية لأبطال الجاهزية
من كان يصدق، أن حرب الخامس عشر من أبريل، ستكمل عامها الثاني دون أن تتمكن الحركة الإسلامية من العودة للسلطة في السودان على الجثث والجماجم؟ خاصة بعد ما تبين حجم ما تستعين به في حربها من غدر وخساسة، ومن غرف إعلامية رصدت لها المليارات من أجل نشر الأكاذيب، وتجيير الواقع لصالحها. واستعان الدواعش بالدول المارقة من لدن إيران. فُتحت لإخوان الشياطين خزائن قطر، وعاونهم طيران المستعمر المصري بضرب البنية التحتيةللبلاد، حينما استدعاه الخونة لتدمير الديار، بلعابهم الذي يسيل طمعاً في أن يصيبوا شيئاً من ريع “إعادة الإعمار” دون اعتبار للدماء المسفوكة، ولا بتلك الملايين التي تقسمت ما بين نازح ولاجئ، واستثمر صبية “علي كرتي” في “الحطام”، حين بلغ حقدهم على بني السودان أشده، شات الله شملهم، وبدد سعيهم.
لكنك وبعد عامين من الحرب تنظر وتطيل النظر، فتجد أن الحركة الإسلامية تعيش أسوأ كوابيسها، وتتيقن أنها في طريقها لتصبح أثراً بعد عين.
في الخامس عشر من أبريل قبل عامين، تحركت كتيبة من الجيش كانت متواجدة في معسكر “الباقير” بتعليمات مباشرة من الحركة الإسلامية، لتحاصر قوات الدعم السريع في “المدينة الرياضية”، ولما استفسر قادة الدعم السريع المتواجدين في المعسكر عن سبب تواجد هذه القوات بالقرب من معسكرهم، لم يجدوا إجابة واضحة. وسرعان ما فتحت هذه القوات النار عليهم في عملية غدر راح ضحيتها العشرات، قبل أن تمتص قوات الدعم السريع الصدمة، وتصد الهجوم، وتأسر عدداً من جنود القوة المهاجمة.
كان جنود الدعم السريع يسألون أسراهم في دهشة: “ضربتونا لييه؟”، كانوا يريدون أن يفهمو “ما الذي يحدث”! والفيديوهات لا زالت موجودة على الوسائط، تقف دليلاً دامغاً على خيانة الحركة الإسلامية العظمى للسودان، حين أدخلوه في حرب لم تكن ضرورية، بل كان من الممكن تجنبها بسهولة، لولا أن الغرور استبد بإخوان الشياطين، فذهلوا عن رؤية حقيقة كونية ثابتة، وهي أن السودان، وعلى مر تاريخه، لا يسقط قبل أن يستنفذ كامل قدرته على المقاومة، وكامل قدرته على الاحتمال.
وفي معسكر “سركاب” ضرب سلاح طيران الحركة الإسلامية منتسبي الدعم السريع وهم نيام، في أبشع جريمة موثقة تشهدها البلاد. كانوا من “المستجدين” حديثي التخرج، ولم يكن معهم سوى جوازات سفرهم، باعتبار اقتراب تفويجهم للمملكة العربية السعودية. فسفك الدواعش دمائهم دون ذنب ولا جريرة، وتطايرت الأشلاء، وتفحمت الجثث، وتفرق من نجا منهم هائماً على وجهه لا يلوي على شيء، والله وكيل الغافلين.
وما إن امتص مقاتلو الدعم السريع الأشاوس الصدمة، وبدأوا في رد الهجوم، حتى تساقطت مواقع الجيش الأكثر أهمية في العاصمة كقطع الدومينو أمام الأبطال، وانكشفت عورة جيش الحركة الإسلامية فبانت سوءاته للجميع، بعد أن رأوا بأم عينيهم أن هذه المؤسسة التي بنيت على جملة أخطاء قبل أن يتم تسييسها لتصبح أحد أذرع إخوان الشياطين الباطشة، لا تعدوا أن تكون نمراً من ورق. فالمجد والخلود لشهداء الدعم السريع الذين دفعوا حياتهم ثمناً لكي لا يجور باطل إخوان الشياطين على حقنا، “ويا سلام مليون تحية/ لي أبطال الجاهزية” أولئك الغر الميامين، قوى الله سواعدهم وسدد رميهم.
واليوم، وبعد عامين من عبث إخوان الشياطين بمقدرات البلاد، يهتدي العقل الجماعي للسودانيين إلى حتمية المقاومة. فيتم التوقيع على ميثاق السودان التأسيسي من أجل إعادة الأمر إلى نصابه.
توحد نفر من الريف والمدن، قوى سياسية وأحزاب وحركات مسلحة ومنظمات مجتمع مدني، ووطنيون من المشهود لهم بالعفة والكفاءة. والتأم شمل السودانيين بعد طول فرقة، وغنى المغني: “اتوحد شعبنا المقهور/ واتجمع عقدنا المنثور/ واتبين حقنا المهدور”، وتجلت عبقرية هذا الشعب الذي لم ولن يعدم من يقول لا في وجه العيب والمنقصة، وأن يشهر لاءاته هذه، في وجه الظلم والطغيان، مهما علا وتجبر.
وبعد عامين من الحرب يزداد السودانيون ثقة في النصر المؤزر وهم يأخذون بالأسباب – وأولها الوحدة – في مواجهة هذا المسخ الكيزاني البغيض، يستمدون عزيمتهم من أرواح الشهداء التي تحلق في حواصل طير خضر في أرض السودان، ذلك الوطن الذي لم تتوقف نسائه يوماً عن إنجاب الأبطال. فالتحية لأمهات الأشاوس وهن يضربن المثل في الصبر والثبات عند النوازل والاختبارات الكبيرة.
قالت أم الشهيد “عبد المنعم شيريا” تعزي رفاقه الذين جاءوا لتعزيتها: “أبشروا أبشروا”، وانزعجت لما رأتهم مطرقين من الحزن فاستدركت متساءلة: “واللا شيريا رجع لي ورا؟”، ولما اجابوها بالنفي انطلقت أساريرها وقالت: “ها أبشروا”. رضي الله عن أمهات الشهداء، وعطر ذكرهن في العالمين، والخزي والعار لإخوان الشياطين.