تدفق الإغاثة للمحتاجين، واتهامات للجيش بعرقلة وصول المساعدات.

هل ستحسم الأمم المتحدة شبهات الفساد؟

بورتسودان – اسكاي سودان

بدأت الإغاثة تتدفق بشكل جيد إلى المحتاجين، وفي السياق قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن (38) شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية عبرت إلى إقليم دارفور عبر معبر (أدري) الرابط بين تشاد والسودان، وأضاف المكتب الأممي في بيان، أن الشاحنات تتبع إلى مفوضية شؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية ومنظمة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي.

وفي غضون ذلك قال (11) مصدرا مطلعا إن برنامج الأغذية العالمي يحقق مع اثنين من كبار مسؤوليه بالسودان بشأن اتهامات تشمل الاحتيال وإخفاء معلومات عن المانحين حول قدرته على توصيل المساعدات الغذائية للمدنيين وسط أزمة الجوع الشديدة التي تشهدها البلاد.

َويأتي التحقيق الذي يجريه مكتب المفتش العام التابع لبرنامج الأغذية العالمي في الوقت الذي تعمل فيه الوكالة المعنية بالمساعدات الغذائية التابعة للأمم المتحدة جاهدة لتوفير المواد الغذائية لملايين الأشخاص في السودان الذي تمزقه الحرب والذي يعاني في الوقت الراهن من واحدة من أكثر أزمات نقص الغذاء حدة في العالم منذ سنوات.

وقالت (5) مصادر لـ(رويترز) إن المحققين يبحثون بشأن ما إذا كان موظفو البرنامج سعوا للتستر على دور مشتبه به للجيش السوداني في عرقلة المساعدات في ظل الحرب العنيفة المستمرة منذ 16 شهرا مع قوات الدعم السريع.

وردا على سؤال من الوكالة عن التحقيق قال برنامج الأغذية العالمي إن اتهامات لأفراد بسوء السلوك فيما يتصل بمخالفات في العمليات بالسودان تخضع لمراجعة عاجلة من جانب مكتب المفتش العام، ورفض التعليق على طبيعة المخالفات أو وضع موظفين بعينهم.

وأدى تردي الأوضاع الإنسانية في معسكرات النازحين بدارفور إلى تفشي سوء التغذية والمجاعة، وهو الأمر الذي أدى إرتفاع حالات الموت يوميا بمتوسط ما بين (20 إلى 25) نازح من بينهم الأطفال والنساء الحمل والأمهات والعجزة والمسنين وذوي الإحتياجات الخاصة بحسب ما أفاد الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين أدم رجال، وبالنسبة له ان كل هذا بسبب سوء التغذية الحاد وشح الغذاء وإنعدام الدواء والعلاج.

ويؤكد الواقع ان الإغاثة لم تصل إلى معظم معسكرات النازحين منذ إندلاع الحرب العبثية في 15 ابريل من العام الماضي حتى الآن إلا جزء يسير جداً وفي حالات نادرة، كما لا يوجد طعام في كل المعسكرات ولا حتي في المجتمعات المضيفة، وهذا الوضع المزري ليس فقط في دارفور بل في أغلب مناطق السودان، وبحسب ما أفاد أدم رجال فإن الأكل استنفد والطرق والممرات لعبور المساعدات الإنسانية مغلقة، والناس لم تزرع في الموسم الماضي بسبب التعقيدات الأمنية، وحتي جزء بسيط من المواد المتوفرة في الأسواق المحلية أسعارها أصبحت غالية جداً، كما أن أغلبية الناس ليس لديهم سيولة نقدية ولا يستطيعون الشراء.

وفي ظل هذا الواقع المرير أعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مبادرة تضم عدداً من الشركاء منها وكالات الأمم المتحدة، في مطلع أغسطس الجاري عن مجاعة في معسكر زمزم الذي يأوي قرابة نصف مليون نازح، وفقًا لشبكة أنظمة الإنذار المبكر للجماعة، ويعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن المجاعة عندما يعاني واحد على الأقل من كل خمسة أشخاص أو 20% من الأشخاص أو الأسر من نقص شديد في الغذاء ويواجهون المجاعة والفقر، مما يؤدي إلى مستويات حرجة للغاية من سوء التغذية الحاد والوفاة.

وذكر تقرير للجنة خبراء المجاعة ان هذه هي المرة الثالثة فقط التي يتم فيها إعلان المجاعة منذ إنشاء المعيار المعترف به دوليا، قبل عشرين عاما، والمعروف باسم (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي). ويرتبط عمل لجنة الخبراء بهذا المعيار، ونقلت وكالة رويترز عن خبراء ومسؤولين في الأمم المتحدة إن تصنيف البلاد على أنها دولة مجاعة قد يؤدي إلى صدور قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يمنح الوكالات القدرة على توصيل الإغاثة عبر الحدود إلى المحتاجين.

وأشار التقرير إلى أن عدد سكان معسكر زمزم، في شمال دارفور، يبلغ زهاء نصف مليون نازح، وأضاف(ربما كانت هناك مجاعة ايضا في معسكري أبو شوك والسلام، ولكن الأدلة المحدودة المتاحة تحول دون تأكيد المسألة) فيما أكدت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة في تقريرها أن الأدلة المعقولة تشير إلى تجاوز عتبات المجاعة -المرحلة الخامسة من معيار التصنيف المرحلي المتكامل- في معسكر زمزم للنازحين، دون أن تجزم قطعيا بحدوثها في مناطق اخرى.

وفي المقابل نفت مفوضية العون الإنساني في السودان، تفشي المجاعة في مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور، مرجعةً نقص الغذاء هناك إلى الحصار المفروض من قوات الدعم السريع، وقالت المفوضية في بيان لها تحصلت عليه منصة (تقيف بس) إن ما ورد من شبكة أنظمة الإنذار المبكر بوجود مجاعة في معسكر زمزم للنازحين ومعسكرات أخرى بولاية شمال دارفور، لا يمت للحقيقة بصلة.

فيما رحبت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بتقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة ووكالاتها بتصنيف معسكر زمزم منطقة مجاعة المرحلة الخامسة من التصنيف، وطالبت المنسقية في بيان صادر عنها لجنة خبراء الأمم المتحدة ان يعمم هذا الوضع الموجود بمخيم زمزم على كافة المخيمات والمناطق الاخرى في دارفور وكردفان وجبال النوبة والنيل الازرق والنيل الأبيض والخرطوم والجزيرة وكسلا وغيرها من مناطق السودان الأخرى.

وطالبت المنسقية طرفي الصراع المميت في هذا الحرب العبثية في السودان وقف هذا الحرب فوراً دون قيد او شرط، ودعا بيان المنسقية الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية ان يعززوا وجودهم في دارفور والسودان لمكافحة المجاعة وإنعدام الأمن الغذائي، وفتح كافة المعابر والممرات لعبور المساعدات الإنسانية وتوسيع نطاق الجهود بسرعة للاستجابة بشكل فعال لانقاذ حياة الملايين من الأرواح في السودان ودارفور.

وفي ذات السياق دعت مفوضية اللاجئين بالسودان ، المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الي التحرك العاجل ، بعد اعلان المجاعة في السودان، ووجه المنسق الإقليمي ومدير المكتب الإقليمي للمفوضية في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي ومنطقة البحيرات العظمى (مامادو ديان بالدي) في بيان صحفي تحصلت عليه المنصة، وجه دعوة للمجتمع الدولي بالتحرك العاجل، وأضاف (ومع تفاقم المجاعة والجوع وسط العنف في السودان، فإن أولئك الذين يعبرون الحدود بحثاً عن الأمان سيصلون وهم في حالة أكثر تردياً).

وأكد المنسق الإقليمي وجود مجاعة في السودان وقال : لدينا الآن تأكيد مؤسف على وجود مجاعة في شمال دارفور في السودان، حيث يموت النازحون من الأطفال والنساء والرجال نتيجة للجوع وسوء التغذية والأمراض، إنه مؤشر واضح على ضعف الأشخاص المجبرين على الفرار، والكثير منهم اضطروا للفرار عدة مرات.

وأشار مامادو ديان في بيانه الي الفظائع المروعة التي تمس حقوق الإنسان، والنزوح القسري لأكثر من (10) ملايين شخص منذ بداية الحرب في العام الماضي، والافتقار إلى الخدمات الأساسية بالنسبة لفئة كبيرة من السكان، فإن الكارثة الإنسانية الأكثر إلحاحاً في العالم تتزايد وتتعمق كل يوم، وتهدد باجتياح المنطقة بأكملها.

وأكد المنسق الإقليمي إن وصول الملايين من اللاجئين والنازحين داخلياً يفرض ضغوطاً على المجتمعات المضيفة لتصل إلى نقطة الانهيار، ومع تفاقم المجاعة والجوع وسط العنف في السودان، فإن أولئك الذين يعبرون الحدود بحثاً عن الأمان سيصلون وهم في حالة أكثر تردياً، وإن الحاجة للتحرك بشكل عاجل أمر حيوي لتجنب المزيد من حالات الوفاة والمعاناة.

وشدد على ضرورة أن تنتهي هذه الحرب الدموية وأن يتمكن العاملون في المجال الإنساني من الوصول للمحتاجين لتقديم المساعدات المنقذة للحياة. كما يتعين على الجهات المانحة الدولية تكثيف دعمها لمعالجة استمرار مشكلة نقص التمويل لهذه الأزمة الإنسانية وغيرها من الأزمات وأضاف (من الأهمية بمكان أن نتضامن مع الأفراد والمجتمعات المحتاجة، فقد عانى الشعب السوداني بما فيه الكفاية).

وفي ذات المنحى أعلن الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين أدم رجال عن توقف كل سبل العيش بما فيها المساعدات الإنسانية والحصص الغذائية التي كانت مخصصة للنازحين في كل شهر والجزء الآخر بعد كل ستة شهور من قبل منظمة برنامج الغذاء العالمي (WFP) مؤكدا فشل الموسم الزراعي في الخريف الماضي بسبب الأوضاع الأمنية إضافة لنهب وحرق المحلات التجارية وتجفيف الأسواق مما أدي لإفلاس فئة كبيرة من التجار وخروجهم من السوق، كما أدى هذا الواقع إلى شح المواد الغذائية الرئيسية في الأسواق وندرتها وإرتفاع أسعارها في الاسواق المحلية.

ورسم أدم رجال في حديثه ل (اسكاي سودان) صورة قاتمة للأوضاع في مدن دارفور ومعسكرات النازحين موضحاً إن الاسعار ارتفعت بشكل كبير وان ملوة الدخن ارتفعت من (10,000) الى (12,000) جنيه، وزجاجة الزيت ارتفعت إلى (2,500) جنيه، ورطل السكر إلى (2,000) جنيه، ورطل البن إلى (8,000) جنيه، وكيلو اللحم ارتفع من (6,000) إلى (8,000) جنيه، ورطل الويكة إلى (4,000) جنيه، ورطل الصلصة إلى (3,000) جنيه سوداني.

وأفاد دم رجال في حديثه للصحيفة بإن الأوضاع الإنسانية الراهنة في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء والمجتمعات المضيفة صعبة ومزرية للغاية، ولا يمكن وصفها بأي صفة سوي إنها كارثية، مؤكداً إن الحالة الإنسانية هي حالة طوارئ ومجاعة بمعنى الكلمة، وقطع أدم رجال بأن أغلبية الأسر لاتستطيع الحصول على وجبة واحدة في اليوم، واحياناً يأكلون وجبة بعد ثلاثة أيام، وأضاف (إنهم محرومين من الحق في الحياة والعيش الكريم وقد أصابهم اليأس والإنهيار النفسي، والخناق يضيق بهم يوماً بعد يوم، والشهور القادمة التي تسمى محلياً ب(السمبرية) تعد من أصعب الشهور في السنة، ومتوقع أن تصل المعاناة ذروتها وصولاً لمرحلة الخطر والموت الجماعي بسبب الجوع ولا حياة لمن تنادي).

وطالب أدم رجال الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية الإقليمية والدولية بإستخدام كافة المعابر لإيصال الغذاء والدواء، وعبر الإسقاط الجوي وفتح معبر شريان الحياة للملايين من المنكوبين من أجل إنقاذ المحتاجين الذين فقدوا طعم الحياة، موضحاً انه بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات قد توقف معبر الطينة لذلك لا بد من إيجاد بدائل للدخول الآمن وبأسرع فرصة.

وشدد على ضرورة أن يضغط مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والإتحاد الأوربي ودول الترويكا ودول جوار السودان على طرفي الصراع بفتح كافة المعابر والممرات لعبور المساعدات الإنسانية للوصول إلى المحتاجين، وعدم إستخدام الغذاء كسلاح للتجويع ضد النازحين والمتاثرين بالحرب،
وأشار إلى الإحتياجات الأساسية للحياة في المعسكرات ومراكز الإيواء والمجتمعات المضيفة الآنية وقال إنها تتمثل في الاتي (الأكل ، الدواء ، مياه الشرب النقية ، مواد الإيواء ، التعليم ، الدعم النفسي لضحايا العنف النوعي).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.