السودان بين لعنة الحرب وتحديات السلام

بقلم نجم الدين دريسة
باحث في شئون التنمية والحكم المحلي
العام يمضي والحرب تتطاول وتشتد.. تتجدد وتتمدد وتأخذ أشكال عديد ومتنوعة .. والأزمة الإنسانية تزداد وطأتها وتسير نحو التعقيد البالغ والتدهور المريع في كل القطاعات .. كوارث صحية لا حد لها واوبئة ..نقص حاد في الغذاء ينذر بمجاعة … تزايد في معدلات اللجوء بشكل مدهش .. والقصف العشوائي للمدنيين وتفاقم وتيرة العنف الذي لا يؤدي إلا لمزيداً من التجاوزات والانتهاكات والفظائع وهي بالطبع تزيد من معاناة المدنيين لا سيما النساء والاطفال والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة.. علاوة علي ضعف وتعطيل الإنتاج وفقدان السواد الأعظم من الشعوب السودانية لسبل كسب المعيشة والتحديات الكبيرة والصعوبات في وصول المعونات الإنسانية الاغاثية من غذاء دواء وايواء الأمر الذي يجعل تداعيات هذه الحرب ربما الأكثر كارثية في تاريخ الحروب.
إزاء هذه الأوضاع المأسوية وفي خضم افزاراتها السالبة .. تظل الآمال معقودة بكل المبادرات والمنابر المطروحة وجُل الشعب السوداني يتطلع لايجاد أرضية لحوار ينهي الحرب البشعة وتحقيق السلام والاستقرار … ولكن يبدو أن الأمر معقد جداً لا سيما وأن التنظيم الإخواني المتحكم بشكل واضح في قرارات الجيش المخترق منذ سبعينيات القرن المنصرم بواسطة الحركة الإسلاموية… هذا بالإضافة إلى الهشاشة الإجتماعية وضعف التكوين القومي التي تعرض لتصدعات حادة بسبب العنصرية وخطاب الكراهية التي غذت الصراع السياسي فحولت الحرب الي حرب أهلية أخذت طابع الثأر خاصة وهنالك ظلامات تاريخية سببها الاستئثار النخبوي على السلطة والثروة علي حساب قوي الريف والهامش .. هي عوامل كثيرة ومتداخلة سياسية واجتماعية واقتصادية ظلت تتسع مع الزمان حتى بلغت حداً أدخل الأزمة السودانية تعقيدات عصية أفرزت حرباً متعددة الأبعاد، مؤكد أنها ستفرض معطيات ربما تتطلب شكل جديد من التعاطي يتجاوز الحلقات الشريرة ويفتح آفاقا أخرى للتفكير خارج الصندوق وتغيير في الأجهزة المفاهيمية والوعي والادراك الجمعي بطريقة تعمل على احتواء ومعالجة الحرب وتداعياتها الصادمة والعمل على تحقيق العدالة الانتقالية لإنصاف ضحايا الحرب وجبرر الأضرار.. والتعويض الحقيقي الذي يرتجيه أبناء السودان هو وضع حد لهذه الحروب، وتأسيس مشروع مدني وعقد اجتماعي جديد ومتراضى عليه لأن فكرة بناء الدولة لم تقم أصلا على عهد متفق عليه بين مكوناته الإجتماعية الأمر الذي خلق الحالة السودانية التي تعاني من الحروب والصراعات … تستطيع هذه الشعوب أن تحول هذه الحرب الكارثية الى فرصة للتغيير وترصف الطريق نحو السلام والاستقرار والحكم الراشد.
حزن الوطن مسموع
طول ما السلاح مرفوع
تبقي البلد صحراء ما فيها غير الجوع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.