الجنرال (كباشي) في متاهته.. !!

علي يس

لا شيء أثقل على النفس السَّوِيَّة من مشهد غبيٍّ يتذاكى..
فبعد أن أعياهم نسج الأكاذيب التي لا طائل وراءها ، إذ لا يصدقها إلا عمي الأبصار و البصائر، و بعد أن تكشَّف لهم أنه لا يمكن خداع كل الناس كل الوقت ، راحوا يتراجعون عن كذبتهم الكارثية خطوة وراء خطوة ، و يراهنون على نسيان الناس خيانتهم العظمى و جريمتهم الفاحشة في تدمير البلاد و قتل العباد و تشريدهم و تجويعهم .. فكل من عافاه الله من الغيبوبة يعلم أنه لا جريمة في حق الأمة و في جق الوطن أعظم من إشعال هذه الحرب المدمرة . و كل من أعتقه الله من الغباء يعلم يقيناً من الذي أطلق الرصاصة الأولى في هذه الحرب..
و لكن “الجنرال” الكباشي و شرذمته المتأسلمة من أيتام المؤتمر الوطني افتتحوا حربهم الفاجرة في الخامس عشر من أبريل 2023 بكذبة بلقاء ، مفادها أن قوات الدعم السريع هي التي أطلقت الرصاصة الأولى في هذه الحرب ، ثم لما تبين لهم أن الآلاف من أبناء هذا الشعب شهدوا مبدأ الحرب و رأوا بأعينهم من أشعلها ، بل زاد عليهم ضباط من القوات المسلحة نفسها بدعم شهادة الشهود و كشف من بدأ الحرب انطلاقاً من معسكر الباقير، تراجعوا خطوة بالقول إنهم ما أطلقوا الرصاصة الأولى إلا ليمنعوا حميدتي من انقلاب كان ينويه !!.. ثم بدا لهم سريعاً سخف تبريرهم ، فحاولوا التذاكي مرة أخرى على الشعب المنكوب بجريمتهم ، فراح الجنرال الكباشي ، في أحد خطاباته الأخيرة يصف من يتساءل عمّن أطلق الرصاصة الأولى بأنه ساذج !!.. فالسؤال عمّن أطلق الرصاصة الأولى في هذه الحرب ينطوي – في ما يرى الكباشي – على جهلٍ فاضح !!..
توقعت بالطبع ، أن يتحفنا الكباشي بمحاضرة في الفلسفة تبين لنا موقع السذاجة و الجهل في من يسأل هذا السؤال البدهي و المشروع ، و انتظرتُ تتمة حديثه الذي كان يبثه أمام مجموعة من جنوده ، فإذا بالرجل يبرر قولته بأبيات من قصيدة الشاعر الأموي نصر بن سيار ، التي مطلعها (أرى تحت الرماد وميض نار ** و أخشى أن يكون لها ضرامُ ** فإن النار بالعودين تُذكى ** و إن الحرب أولها كلامُ) و بالطبع أخطأ في قراءة الأبيات ، كما توقعت تماماً ، أخطاء فاحشة لا نعيبها على من كان في مثل ثقافة الرجل ، و بالطبع هلل جنوده و كبروا كأنهم فهموا دلالة الأبيات ، و كأنهم أدركوا أنها تفسر وصفه لمن يتساءل عمن أطلق الرصاصة الأولى بالسذاجة و الجهل !!.. مع أن الله تعالى ، في كتابه العزيز ، حرَّم “إطلاق الرصاصة الأولى” تحريماً غليظاً ، و لكن أشك شكاً عظيماً في أن الكباشي أو من يأمرونه من عتاة الكيزان يفهمون قول الله تعالى في سورة البقرة : {و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا ، إنّ الله لا يُحبُّ المعتدين} قاتلوا : الذين يقاتلونكم ، أي يبدأُونكم بالعدوان. (و لا تعتدوا) أي لا تبدأُوا أحداً بالعدوان (إن الله لا يُحبُّ المعتدين).. و المعتدي ، لمن يفقه الخطاب القرءاني هو من يطلق السهم الأول ، أو الرصاصة الأولى .
و لكن ، إن كان الكباشي يفقه معنى الأبيات التي قرأها ، فلعلهُ أراد الإشارة إلى قول الشاعر ” و إن الحرب أوَّلها كلامُ”.. فمن، يا تُرى، الذي بدأ هذه الحرب بالكلام؟؟.. أليسوا هُم الذين أشعلوا المنابر و “الإفطارات الجماعية” و من بينها الإفطار الجماعي الذي نظمه الكباشي نفسه و دعا إليه جماعة من الكيزان، أليسوا هم الذين ملأوا الأسافير و المنابر بقسمهم المغلظ أن الاتفاق الإطاري لن ينفذ إلا على جثثهم؟؟.. أليسوا هُم الذين تداعوا (للجهاد) ضد الإطاري الذي إن تم إبرامه لن يكون لمجرمي المؤتمر الوطني موطئ قدم في باحة السياسة السودانية؟؟.. ثم ، أليسوا هُم الذين شفعوا تهديداتهم بإشعال الحرب في المدينة الرياضية بإطلاق أول رصاصاتها؟؟.. لو كان الدعم السريع هو الشيطان نفسه ، فإن أحداً لن يستطيع أن يحرِّم عليه الدفاع عن نفسه..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.