ليس في الأمر عجب.. الأغبياء وحدهم من فوجئوا بهذه الحرب الفاجرة ، و المغيبون وحدهم من يظنون أن ما بعد هذه الحرب سيكون امتداداً لما قبلها.. سنة الله الماضية في الأرض تقول لمن خدعوا الناس باسم الدين: (و إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) .. و من علامات سنة الله فيهم و الخزي الذي ينتظرهم أنهم ما يزالون ماضين في خداعهم و كذبهم و افترائهم على الله.. ما يزالون “يبشرون” الناس بأن الملائكة تتهيأ للقتال إلى جانبهم في ذكرى بدر الكبرى (يخادعون الله و الذين آمنوا و ما يخدعون إلا أنفسهم و ما يشعرون).. هم أنفسهم من أخزاهم الله من قبل حين فقدوا رفيقاً لهم في حرب الجنوب ، ثم عادوا يبشرون أهل بيته بأن ابنهم استشهد و انه عند استشهاده انتشر ريح المسك من جسده الطاهر حتى ملأ الغابة.. ثم فوجئت أسرة الشهيد بابنها يعود إليها ذات يوم ، ليخبرها بأنه كان أسيراً لدى الحركة الشعبية ، و أنهم أطلقوا سراحه!!.. هذه واقعة شهدها و عرف تفاصيلها الملايين ، بينما بقي الكذابون المنافقون حتى اليوم يحدثون الناس عن حروب جهادهم التي تشاركهم فيها الملائكة و تؤازرهم فيها قرود الغابات فتفجر ألغام العدو ، و تأتيهم الغزلان حين يجوعون فتقول لهم: إذبحوني و استمتعوا بلحمي هنيئا مريئا !!..
و كان مكر هؤلاء الخبثاء يسكن خاطر كاتب بريطاني عاش قبل أكثر من قرن من الزمان ، هو الروائي الملهم (جورج أورويل) ، تخايل له كيزان سوداننا ، هؤلاء أنفسهم ، على هيئة “خنازير” فكتب، على “شرفهم” روايته الأشهر (مزرعة الحيوان) .. سوف يأخذك العجب و أنت تقرأ هذه الرواية ، أو تعيد قراءتها مرات ، كيف تسنى لجورج أورويل أن يخترق بحدسه حجب زمان يقارب المائة سنة ، ليصور ما سوف يجري في السودان بدقة تقارب الإعجاز ، باختلاف لا يكاد يخالف الواقع إلا بإحلال الخنازير مكان الكيزان ، و بقية صنوف الحيوان العجماء مكان البلابسة!! .. ثم يكون كل شيء هو هو.. الخنازير هي من يتحكم في (جيش) الحيوانات و يمنح قادته الألقاب الرفيعة ، و يصنع له الشعارات الرنانة!!!..
كم أنتم مخدوعون يا من يظنون أن لبلادنا جيشاً جديرا بالاحترام ، بينما لا يعدو كبار قادته أن يقفوا مثل غلمان مطأطئي الرؤوس أمام “سناء حمد” لتحقق معهم.. و حسبنا هوانا أن ينتدب الكيزان سناء لتحقق مع قيادات جيشنا ، و أن ينتدبوا “ندى القلعة” لتقود إعلامه!!!..