تسألنى ويسألني آخرون عماذا حدث للحركات المسلحة اليوم إذن هو السؤال ذاته هل كانت هناك قضية ..؟؟؟
نعم ولكن من أجل أي قضية أو هدف كانت تقاتل حركة العدل والمساواة (جبريل)، وحركة تحرير السودان (مناوي) وماهو سبب الحرب التى أشعلوها فى دارفور 2003 تحت مسمى- التحرير والعدالة والمساواة – قتل خلالها نحو أكثر من 300 ألف مواطن برئ فى دارفور وفق إحصائيات المنظمات الدولية و(10) ألاآف مواطن طبقاً لما أقرت به الحكومة على لسان الرئيس المخلوع عمر البشير. أعتقد أن جبريل نسى أو حاول أن يتناسى عن عمد أيضا عندما إنحاز بقواته فى جنوب السودان لصفوف قوات الرئيس سلفاكير التى كانت تخوض معارك ضد قوات نائب الرئيس رياك مشار الذى دخلت قواته مدينة بانتيو ثم انتقمت من التجار المنحدرين من دارفور وأغلبهم من أهله الذين احتموا بمسجد بانتيو، وكانت قوات مشار ترى فى جبريل حليف لسفاكير فذهبت لهم فى المسجد، وقتلت أكثر من 500 تاجر كانوا يحتمون به، وقتها كانت الخرطوم تصفق لتلك الجريمة البشعة التى أرتكبت بحق الأبرياء فى بانتيو وإعلامها يصف أولئك الأبرياء بالمتمردين، لكن يبدو أن جبريل عقب إتفاق سلام الجنوبين دخل فى صفقة مع المعارضة وتشير بعض التسريبات بأن الرجل استطاع أن يستحوذ على أسهم بنك جنوب السودان التجاري الذى كان خاص بحاكم بانتيو السابق تعبان دينق قاي وأربعة آخرون ، أضف لذلك أن جبريل ومناوي عندما وصلوا عقب إتفاقية جوبا للسلام التي رفضتها النخب وفرضها حميدتى لم يذهب منهم أحد إلى معسكرات النازحين الذين تجاوزوا (2) مليون نازح ولاجئ فى دارفور بسبب حربهم التى دمرت البنية التحية فى الإقليم، ومزقت النسيج الاجتماعى وضربت التعايش السلمي الذى كان قائما بين السكان .
إذن لماذا كل هذا الدمار إذا كان فى نهاية المطاف تتخلى الحركات المسلحة عن الشعارات والأهداف التى أعلنتها ومات من أجلها كل هذا العدد المهول من الناس..؟!
أنا جد مندهش ومستغرب لأني لم أجد أي تفسير أو مبرر لموقف الحركات المنحازة لقيادة الجيش والفلول الذين كانوا يحاربونهم ويصفونهم بالأجانب والتشاديين والمرتزقة وقطاع الطرق ويستهدفون أهاليهم على أساس عنصري بغيض وشردوا التجار المنحدرين من دارفور من سوق ليبيا .
أما كان الأجدر لهذه الحركات اتخاذ موقف ذات الحركات التي وقفت على الحياد..؟؟؟؛ حينها كان يمكن للناس أن يجدوا لها العذر.
صحيح ياصديقى هو الموقف ذاته الذى إتخذه مالك عقار الذى ظل يحارب المركز فى صفوف الحركة الشعبية لأكثر من (42) عاما، وها هو فى نهاية المطاف تخلى عن الملايين الذين سقطوا فى النيل الأزرق وجبال النوبة وجنوب السودان وإنحاز الى اللا شئ.
ليتجدد السؤال لمالك عقار.. ماذا حدث هل تغيرت القضية أم تغيرت السلطة..؟!.
أذكر أن مالك عقار عندما جاء الخرطوم وفق اتفاقية نيفاشا فى عام 2005 كان أكثر تطرفا بل أن الرجل كان يعتقد أن هذا السودان لا يمكن إصلاحه إلا بعد فترة زمنية طويلة، وكان يعتقد أن كل الصحفيين والإعلامين مؤتمر وطنى حسب إعتقاده لأنهم تعلموا فى سنوات الإنقاذ وبالتالى يجب أن لا يتحدث إليهم ، وأذكر أيضا فى مؤتمر جوبا 2009 الذى شارك فيه رؤساء الأحزاب السياسية “نقد والترابى والصادق” وآخرين كانت هناك جلسة ببرلمان جنوب السودان قدم خلالها الجنوبين مرافعة قوية عن موقفهم وتحدثوا عن الظلم الذى لحق بهم وعدم المساواة، وفى تلك الجلسة قدم مالك عقار خطاب عن النخب النيلية السياسية وهيمنة المركز وعدم المساواة كنت أستمع للرجل وفى إعتقادي أن الذي يتحدث هو نلسون مانديلا أو مالكوم أكس أو الأب فليب عباس غبوش.
لكن من الغرائب أن مالك عقار في نسخته الجديدة يتحدث اليوم عن وحدة السودان، وعن الدولة كما أن جبريل يبرر موقفه من دعم الجيش بأنه من أجل وحدة البلاد، وفى الوقت ذاته نجد قادة الجيش وحواضنهم الإجتماعية يبدون استعدادهم لتقسيم البلاد من أجل الحفاظ على سلطة زائفة.. فهل أدرك قادة الحركات هذه الحقيقة وتجاوزوها وبالتالي تخلوا عن الثورة التي كانوا ينادون بها ..؟؟
التالي