* كلما استمعت إلى هذيان “عجوز الكيزان” في الميديا تذكرت قصة عجوز تميم، التي أشعلت حرباً بين قبيلتي بكر و تغلب دامت أربعين عاماً ..
* و مع أن الكثيرين راحوا ، بُعيد الحرب العبثية ، ينفخون نار الفتنة و يطلقون نتانة العنصرية من عقالها ، من مناصري طرفي الحرب ، من شماليين ينتمون إلى فلول المؤتمر الوطني (صاحب المصلحة المدمرة في الفتنة) يكيلون الشتائم لقبائل دارفور ، و بين دارفوريين يتوعدون قبائل “الجلابة” بالويل و الثبور .. مع أن الأمر هو الآن كذلك ، إلا إن شرارة الفتنة كانت قد انطلقت قبل الحرب ، على لسان تلك العجوز المتصابية ، التي ظلت تدعو في كل منبر إلى (فصل دارفور) بمبرر أن أهلها “لا يشبهوننا” !!!.. و لك أن تعجب أشد العجب إذا تفرست في سحنة تلك الناعبة ، التي لو لقيتها في أي مكان خارج السودان لحسبتها زنجية من مالي أو النيجر ترتدي الثوب السوداني تشبهاً بالسودانيات ، فالنوبيّة حياة عبدالملك ، المولودة أوائل ستينيات القرن الماضي في جزيرة “بدين” في أقاصي الشمال ، بين “كرمة” و “حفير مشو” و التي تفخر بأصلها النوبي تنسى ، أو بالأحرى تجهل، أن قبائل دارفور – بل كل قبائل الدنيا بما فيها العرب الذين تتزلفهم – تنتمي جميعاً إلى الأصل النوبي الذي هو أصل البشر جميعاً ، بل إن معظم قبائل دارفور و كردفان غير العربية هي بالأساس قبائل نوبية هاجرت جنوباً بعد اضمحلال حضارة كوش..
* و لكن الجاهلية – التي لم تنته بإسلام سكان جزيرة العرب – هي مثل أي وباءٍ يكمن زماناً ثم ينفجر في مكان آخر، و ما من خصلة من خصال الجاهلية أسوأ من “العنصرية” التي وصفها نبي الإنسانية عليه الصلاة و السلام بأنها “منتنة” !! و ما من خُلُق أدلّ على الغباء و ضعف العقل من تمييز الإنسان حسب لونه أو لغته أو ثقافته ، هو خُلُقٌ لا نجده عند أحط أنواع الحيوان ما بين البكتيريا و الحوت!!.. و لكنك تستمع إلى “لايفات” حياة عبدالملك فكأنك تستمع إلى عجوز من مشركات قريش تلعن الأحباش!!.
* غير أن ما يلفت الأسماع في صراخ حياة المتفجع هو كثرة ترديدها كلمة (الإسلام) و كثرة مباهاتها بانتمائها إلى (الإسلاميين) و إظهارها فجيعتها بإفلات السلطة في السودان من أيدي اللصوص و القتلة من بني ملتها الفاسدة، فهي من بقية المجانين الذين ينتظرون أن يعود البشير حاكماً على السودان !!..
* قبلها كنت أحاول أن أفهم طبيعة صلة “القونات” بالكيزان و مليشياتهم ، و إن كنت أتفهّم تماماً أنَّ بعضهن كن ذوات رُتب في جهاز أمن البشير الذي جمع بين وظائف “مغتصبين” و بين وظائف “مغصوبات” ، فليس غريباً ، إذاً ، أن تقف واحدة مثل “العقيد في جهاز أمن البشير” ندى القلعة ، مثلاُ ، مدافعة عن الكيزان حتى آخر أنفاسها ، و مثلها بالطبع أخريات ، هذا الواقع يجعلني أتساءل ، ما إذا كانت حياة عبدالملك من ذوات “الرُّتَب” في جهاز أمن البشير؟.. خصوصاً و أن كل ذي عقل يستمع إليها و يستمع إلى ندى القلعة لا يجد فرقاً في مستوى العقل أو مستوى الثقافة بين المرأتين ، برغم أن الأولى تضع أمام اسمها دالاً كبيراً ..
* الغريب أن هذه المرأة ، حسب سيرتها التي حرصت على نشرها في المواقع ، درست الإعلام ، بل تقوم بتدريسه ، بينما تؤكد جميع تسجيلاتها الصوتية و الضوئية أن رصيدها المعرفي في حقل الإعلام صفر كبير، و أنها فوق ذلك تعاني من أمِّيّة سياسية مخجلة.
* وراء كلمات هذه المرأة ، و نبرات صوتها ، و اختلال إيقاعها ، ما يدل على تعرضها لأزمة نفسية عميقة ، تدفع من يستمع إليها إلى الرثاء لها أكثر من الاستنكار.. !!!..