واحدة من أخطر سياسات الكيزان في تضليل الناس و سوقهم إلى حيث يريدون هي سياسة (تعكير الماء) ليتسنى لهم “الصيد في الماء العكر”..
فكيزان المؤتمر الوطني ، الذين سعوا سعياً حثيثاً – قبل ثورة ديسمبر – إلى استرضاء الادارة الاميركية بكل السبل ، كانوا قد بدأوا الترويج لفكرة التطبيع مع إسرائيل ، على ألسن عدد من النافذين فيهم (غندور/ قوش/ معتز موسى ، و آخرون ، فضلاً عن خادمهم الطموح مبارك الفاضل) ، وهي الفكرة التي سارعوا – بعد مسرحية تنحيهم – بتكليف البرهان بإنفاذها جريا إلى أوغندا ، خوف أن يسبقهم إليها المدنيون.. ثم جرى بعدها ما شهده الناس ، من ارتماء كامل في أحضان الصهاينة حد استدعاء وفد من جهاز المخابرات الاسرائيلية “موساد” لزيارة مواقع “التصنيع الحربي”
ما يعني شيئا أخطر مما جرى قبل تسعين عاماً ، حين سلم حفيد المهدي سيف جده لملك بريطانيا.
كان ذلك الانبطاح ، في حقيقته ، ضربا من ضروب الاعتذار الحار عما سبق من تزويد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالسلاح نزولاً عند رغبة إيران ، التي كان شرطها الأساسي لتوطين الصناعات الحربية في السودان (اليرموك ، ثم التصنيع الحربي) هو تزويد حركة حماس بالسلاح.. و قد استثمر المؤتمر الوطني هذا الشرط الإيراني في الترويج و الدعاية لنفسه كداعم لقضية فلسطين العادلة ، فتاجر بها ردحا من الزمان حتى ذاق صفعة إسرائيل حين قصفت صواريخها مصنع اليرموك فدمرته ، في ظروف وصفها وزير دفاع الكيزان آنذاك عبد الرحيم محمد حسين ، مبررا عجزه ، بالقول ( الدنيا كانت ليل ، و الناس مشغولة بصلاة العشاء ، و الطيارة كانت طافية النور.. إلخ) و تلك كانت هي اللحظة العبقرية التي ألهمت وزير دفاع الكيزان نظريته العسكرية الخطيرة التي سماها (نظرية الدفاع بالنظر)..
المهم ، بعد قصف اليرموك فكر الكيزان جدياً في “بيع” القضية الفلسطينية و حماس بأغلى ثمن يستطيعون الحصول عليه ، على أن يتم ذلك وفق سياسة (أكل البيضة و الاحتفاظ بها في ذات الوقت).. فكانت رحلة البرهان الشهيرة إلى العاصمة الأوغندية و التي تمت بتوجيه كيزاني و من وراء ظهر رئيس الوزراء د. حمدوك الذي وجد نفسه بإزاء أمر واقع لا يملك الكثير لمواجهته..
لقد نجح الكيزان، جزئيا ، في سياسة تعكير الماء ، بالنظر إلى المواقف الأورو- أمريكية الداعمة لإسرائيل ، و الوالغة حتى النخاع في سياسة “الفوضى الخلاقة” ، و منها ما جرى أخيراً من اعتقال للعنصر الكيزاني المخرب عبد الباسط احمد حمزة ، ليس بتهمة إشعال حرب السودان التي دمرت حياة الملايين ، و لا بتهمة تقويض الحكم المدني ، و لا بتهمة تدمير الدولة السودانية ،
بل تركوا جميع جرائم الكيزان بالغة الانحطاط ، ليبرروا إعتقال أحد مدمري حياة الشعب السوداني بالتهمة الوحيدة التي يبجلها و يحترمها الشعب السوداني و معظم المسلمين: تمويل حركة المقاومة الإسلامية حماس لمواجهة العدوان الصهيوني!!!..
إنها سياسة الفوضى الخلاقة الأمريكية ، تلك القائمة على تسليط المجرمين على شعوب الدول الآفرو- عربية ، ثم تبرير تدمير هذه الدول و تدمير حياة و ثروات شعوبها بدعوى أن حكامها مجرمون!!!..
في هذا الوقت بالذات ، تتطابق تماماً ، و بشكل مذهل ، سياسة تعكير الماء الكيزانية ، مع سياسة الفوضى الخلاقة الأمريكية..و يبدو واضحاً أن ضربا خفيا من ضروب تبادل المصالح يجري بين الكيزان و بين الامريكان ، فالمصلحة التي يجنيها الكيزان من إعلان عنصرهم عبد الباسط مطلوباً للعدالة الأورو- أمريكية بتهمة تمويل حركة المقاومة الإسلامية حماس ، أكبر كثيراً من الخسارة الناتجة عن هذا الإعلان!!..
يبدو أن تنسيق رجل أمريكا صلاح قوش مع المخابرات الأمريكية يؤتي أكله للطرفين!!..