طارق الأمين يكتب :من أجل (خبز) يموت الانسان
اديبه ليست الأولى التي يسجل اسمها في سجلات الشرطة مفقوده .ولم تكن الوحيدة التي تملأ الأفق السوداني براويات اشبه باساطير ..من منا ونحن جيل السبعينات لم يسمع بحادثه أميرة الحكيم الحسناء التي اختفت في ظروف غامضة لا تكاد تكون بعيده عما حدث لاديبة الا ان فوارق جعلت من أديبة رواية آكثر أسطورية وهي تحدث في زمن غزت فيه العالم وسائل السوشال ميديا بأنواعها المختلفه ولكل رواد ومتصفحون .وصلوا حد الادمان والبراعة في نسج الخياليات التي تجعل من الحبه قبه .
راحت أميرة الحكيم في سبيل تحصيل درس… وراحت خيوط قضيتها مابين متهم انتحر واخذ بين طيات انتحاره الحقيقة… وأصابع اتهام تشير لاخرين….وطوي القضاء صفحتها ومازالت لغز محير هل انتحر القاتل أم قتل… وما اذهب اليه هنا أن مقتل الحسناء اميره الحكيم لو كان الآن لأصبح أكثر تداول لما فيه من غموض… وذهبت بطلة قصتنا متصدر ة المقارئ والصفحات عبر التواصل الاجتماعي..
تلك اختطفت لتحصيل علم وهذه لجلب خبز وكلاهما يشترك في غذاء الأولي للعقل. والثانيه تسد رمق جياع.. ينتظرون وجبه غداء يلتأم فيها شمل أسره. حول صينيه طعام شهي و بعد ارتشاف أكواب من الشاي وهي تستمع حكاوي ابناءها بعد يوم دراسي طويل.. كل منهم ينتظر ليحكي حكاية.. وتستمع أديبة وتعلق احيانا وتضحك اخري وتوجه وتزجر وتزمجر..
الا ان للاقدار سادتي كلمه…تخرج اديبه خائفة علي أبنائها من مصائب الدنيا.. وتخرج متعجلة لتعود تحمل خبزا….. لكن من أجل الخبز تذهب بعيدا… بعيدا..
الي عالم اللاعودة.. الي.. المجهول… .وتعود..ومابين الخبز وعدمه…. أديبة تموت… لأجل الخبز الناس تموت .وليست للخبز وحده نحيا ولابه وحده نموت…
سطر جديد..
هنا كل ماحولنا تفوح منه رائحة الموت والموت سادتي انواع واشكال ..فنموت والاسهالات تملانا وتملا مستشفياتنا ومدارسنا والبيوت.. ونموت…
السرطان واليرقان والمطر يهدم فوق رؤوسنا البيوت ونحن نرهق ثم نزهق فنموت.. وكل الموت موت… الا انك خرجت لطلب الخبز خوفا علي صغارك من الموت…. وتركت خلفك الاف من الضحايا يقتلهم تشابك الخيوط.. ونحن من قال اننا احياء.. لا.. نحن كل يوم نموت مئات المرات… يقتلنا… الفقر… يقتلنا… المطر..
يقتلنا الوطن الممزق وخيانته والصمت الرهيب… تقتلنا حلايب واحتلالها عنوة …نموت غبنا والأسعار …والإمارات ترفض رفع الحصار.. النفايات تقتلنا… وتقتلنا… وتقتلنا…. ماتت اديبه وفي خيالها بعض من اماني للصغار.. ماتت وهي تبحث عن خبز.
تشتهيه نقي طيب.. ولا تدري ان سفينتها تبحر إلى النهاية …وفي وضح النهار… ماتت وليست بالخبز وحده يموت الانسان…. وليست بالخبز وحده يحيا.
نقطه سطر جديد:
أعلنت محكمه الاستئناف أعادة قبض المتهمين ومن بينهم زوجها لكنهم هربوا..أما لهذه المهزلة من نهايه ؟؟؟