د.بخيت مريسيل.. ثورة ديسمبر بين الشرفاء واللصوص

د. بخيت مريسيل يكتب … الثورة السودانية بين الشرفاء واللصوص

الثورة يصنعها الشرفاء ويقودها الشجعان ثم يسرقها الجبناء، هذه المقولة للمناضل والثائر الكوبي ( تيشي جيفار)

وتنطبق هذه المقولة عن التجربة السودانية، لثورة ديسمبر ٢٠١٨ التي شملت كل المجتمع السوداني بمختلف اطيافه السياسية والدينية واللا سيايسية واللا دينية ، وخروج حتي تيارات داخل حزب الموتمر الوطني التي تنادي باصلاح حزبهم من الداخل.

وسبب اتفاق غالبية السودانين في الخروج هو ارتفاع أسعار الخبز ومعاش الناس، وتجسد هذا في الفيديو المنتشر للطفلة وقتذاك “عمر البشير بالغت بوليغ ..اسي العيشه الواحده دي بجنيه)، والفساد الحكومي والمحسوبية والبطالة والتردي الاقتصادي للعام والاستبداد وتطلع الناس للتحول المدني الديمقراطي، الأمر الذي جعل كافة السودانين يخرجون في الطرقات والشوارع رافعين شعار “تسقط بس”، وكان لتجمع المهنين القدح المعلي في تنظيم الشارع السوداني، وألتف كافة الناس حوله باعتباره الجسم الذي يمثل اصحاب المهن كافة دون ايدلوجيات وخلفيات حزبية ولأنه كان يمثل مطالب المتظاهرين وهي المطالبة بالحد الادني لتدني الأجور والتدهور المريع في بيئة العمل وهذا هو سر نجاح الثورة في تحقيق الهدف الأول (اسقاط نظام الموتمر الوطني).

وبعد السقوط مباشرة بدأت الأحزاب الانتهازية المتمثلة في قوي الحرية والتغير المكونة من تجمعات خفيفة الوزن وأخري تقليدية ( كالجبهة الثورية وتحالف قوي الاجَماع الوطني والتجَمع الاتحاي) وجعلت نفسها وصية علي ثورة الشعب ، وانكشف القناع و ستار تجمع المهنين ليري الناس من خلفه الحزب الشيوعي والبحثي والعرماني وحزب الامة والموتمر السوداني وغيرها من الأحزاب النمطية التي تجاوزها تفكير الشعب السوداني.

وبدا الصراع الحقيقي والأطماع حول كراسي السلطة الأمر الذي اعطي المجلس العسكري الضوء الأخضر لاختراقها والدخول معها في شراكة اتنقالية تضمن له التحكم في أمور البلاد لأطول فترة انتقالية، ولأن أحزاب الحرية والتغير خفيفة الوزن الجماهيري كانت تعرف مقدار حجمها كانت تسعي لتطويل فترة الانتقال دون قيام انتخابات وذلك لخوفها من عودة الكيزان، لذلك نجد هذه الاحزاب كرست كل جهدها الداخلي والخارجي في سبيل ضمان مقاعدها في السلطة، واستخدمت في ذلك جميع وسائل الترهيب والتخوين لبعضها البعض ولمن خالفها الراي، متناسية المبدأ الأساسي الذي قامت من أجله الثورة العظيمة، ومبدأ التغير الحقيقي الذي يعني الانتقال من وضع الي آخر أفضل التغير الذي يقوم علي أساس العدل والمساوة في الحقوق والواجبات، التغير الذي لا يقوم علي التشفي وتصفية الحسابات والمكايدات السياسية ، التغير الذي يقوم علي مبدأ العدالة الانتقالية، التغير الذي يراعي الأوضاع الاقتصادية والسياسة والاجتماعية والقانوية والتوازنات الخارجية للبلاد،

ولكن كل هذا لم يكن في جدول أعمال الاحزاب السياسية التي جعلت الشعب السوداني معبر للوصول الي سدة الحكم وتركته يعاني مر الحياة،،،

هذه الانتهازية التي مارستها الاحزاب تجاة ثورة الشعب افرزت واقعاً جديداً قاد البلاد الي مزيد من التشظي والتفرقة والتعقيدات السياسية وجعلت السودان منطقة تجازبات اقليمية لايمكن الخروج منها الّا باتخاذ قرار شجاع جدا من القوي السياسية المختطفة للثورة بان ترد الثورة للشعب السوداني قبل فوات الاوان، وقبل ان يقول الشعب كلمته للمره الثانية ووقتها لم ينفع الندم،،

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.