أمين محمد يونس يكتب..عملية برخان بين الربح والخسارة

أمين محمد يونس يكتب… عملية برخان بين الربح والخسارة

فرنسا كانت وما زالت تضع يدها على الكثير من الدول الإفريقية خاصة دول شمال وغرب إفريقيا.

كل الدول التي نالت استقلالها وحريتها قامت الحادبون فيها بحملات توعية بالحرية وحملات استنفار مجتمعي لطرد المستعمر بتمويل شعبي قائم على التبرعات وايواء تنظيمات الكفاح المدني والعسكري والتبرع بدور التخطيط، التي تنطلق منها عمليات عسكرية نوعية متفرقة ضد المستعمر و…وهكذا إلى أن تظهر المناهضة على العلن وتجري عملياتها بالمواجهة المباشرة و ينتشر العامة في الشوارع ينددون ويطالبون بالاستقلال ومن المعروف أن من يتلهف إلى الحرية لن تقمعه رصاصات المحتل ولا سجونه وهناك نماذج كثيرة مثلاً السودان ضد الإنجليز، والجزائر ضد المحتل الفرنسي وغيرها من النماذج.

كل تلك الحركات المكافحة كانت تأخذ طابعا دينيا حيث تبدأ من كبار الشيوخ وتنتهي بآخر تلميذ في الخلاوى والمدارس،

في الفترات الماضية نشأت حركات مسلحة تطالب بالخروج الكلي لفرنسا من الدول المحتلة وبدأت تشن بعض الهجمات عليها ولكن بسبب غياب الرشد والإعلام الموجه حادت بعض الحركات عن الصواب وبدأت بالانتقام من الحكومات الموالية للمستعمر فأخذت تفجر الوحدات الأمنية ومواقع الجيش الوطني وبعض مرافق الدولة وهو عمل شنيع ساعد في نشر كراهيتها لدى العالم.

ولما أحست فرنسا بخطر هذه الحركات أعلنت عن بدأ عملية (براخان) في عهد الرئيس السابق فرانسوا أولاند في العام 2014 وأختارت الأراضي التشادية لتكون مركزا لقيادة هذه القوات ومركزا للطيران العسكري… بينما بقية دول الساحل الأربع الأخرى (النيجر، مالي، موريتانيا، بوركينا فاسو ) والتي تسمي “G5 الساحل” اسست فيها قواعد صغيرة تتفاوت في عدد الجيوش والمراكز والعتاد على حسب نشاط الحركات وكثافتها

“براخان” نفذت عمليات نوعية دموية دكت مواقع هذه الحركات خاصة في مالي وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات وأظهرت تقدماً واضحا ولكن سرعان ما بدأت الحركات تتكيف مع تنوع العمليات الفرنسية وغيرت من إستراتيجياتها وأصبحت عصية على القوى الفرنسية وذلك بسبب المساحات الكبيرة التي استهدفتها فرنسا مقابل قوة لا تتجاوز الخمسة آلاف جندي موزعين على خمس دول مما جعل السيطرة على الحركات الإسلامية أو المناهضة تبدو مستحيلة، وهو تخطيط يشبه حاجز ماجينو الذي تسبب في هزيمة وسقوط فرنسا علي يد الألمان في الحرب العالمية الثانية. وجه الشبه هو أن الحركات التفّت حول القواعد والخطوط الفرنسية ونفذت عمليات قوية جداً

في الفترة الأخيرة استطاعت حركة الشباب المالي إثبات مقدرات عالية في المرواغة والتخطيط الاستراتيجي وحركت وتر الحرية في دواخل الشعب المالي مما جعلها عصية أمام ..برخان.. وأجبرت القوات الفرنسية على الانسحاب .

هذا العمل حفز باقي الحركات والشباب في بقية دول الساحل الأخرى على المواجهة حيث نجحت بعضها وفشل البعض الآخر إلى أجل غير مسمى وبعد قُرابة ثمان سنوات قرر الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون إعلان انتهاء عملية (برخان) في 9 نوفبر 2022، التي حققت كثير من النجاحات بينما أخفقت وخسرت في الأكثر.

ولكن هناك أسئلة عالقة ..

هل ستنتهي مراوغات فرنسا وتتعامل مع دول الساحل كدول مستقلة أم ستعتبرها مجرد مستعمرات تقرر فيها سير عملية السلام والحرب؟

هل ستنجح الحركات المالية والبوركينافوسية في إرساء دعائم الأمن وتعزيز قوتها لنيل حريتها أم هي فقط مجرد فترة انتقالية ستنتهي بعودة فرنسا مرة أخرى؟

هل ستتعامل فرنسا مع كل الحركات الإسلامية على أنها إرهابية وتخريبية أم تصبح القضية مصالح متقاطعة ومشتركة (حركة سليكا) في إفريقيا الوسطى نموذجاً والتي تُحظى بالدعم والمباركة الفرنسية؟

هل آتت عملية برخان أُكلها أم أن فرنسا اتعظت من هزائم قرينتها أمريكيا في فيتنام وأفقانستان أم أن لغزو روسيا على أوكرانيا تداعيات اقتصادية وبيئية على الدول العظمى؟

أم أن دول الساحل في انتظار (برخان) بإصدارة جديدة قُبيل انتهاء فترة الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.