الموت يغيّب الفنان السوداني عبد القادر سالم داعية السلام والتعايش السلمي

ودّعت الساحة  الفنية والثقافية والأكاديمية في السودان أحد أعمدتها الكبار، برحيل الفنان القدير الدكتور عبد القادر سالم، الذي وافته المنية عن عمر يناهز 79 عامًا.

 

مثّل الراحل، عضو مجلس أبحاث كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، صوتًا معبّرًا عن السلام والأرض والتراث السوداني، خاصةً إيقاعات إقليم كردفان، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا وأكاديميًا لا يزول.

وقد نعته قيادات جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وكلية الموسيقى والدراما، كما نعاه رفيقه الموسيقار الدكتور يوسف الموصلي بعبارة “يا الله يا الله.. إلى جنات النعيم مع الخالدين بإذن الكريم… ركن ركين في تاريخنا الموسيقي”.

التكوين والمسيرة الأكاديمية

وُلد عبد القادر سالم عام 1946 في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، حيث بدأ حياته المهنية كمعلم، ثم اتجه إلى صقل موهبته الأكاديمية والفنية.

التحق الراحل بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح عام 1970 وحصل على درجة البكالوريوس.

واستكمل دراساته العليا في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، حيث نال درجة الماجستير عام 2002 عن أطروحته حول “الغناء والموسيقى لدى قبيلة الهبانية بجنوب كردفان”، ثم حاز الدكتوراه عام 2005 عن بحثه حول “الأنماط الغنائية في إقليم كردفان ودور المؤثرات البيئية في تشكيلها”.

إلى جانب مسيرته الفنية، كان الدكتور عبد القادر سالم باحثًا متخصصًا في التراث الموسيقي السوداني، وقدم العديد من المحاضرات والندوات والأوراق العلمية حول التراث الغنائي.

وكان الراحل رائدًا في تحويل المخزون الشعبي لإقليم كردفان إلى مشروع غنائي متكامل، محافظًا على الأصالة مع انفتاح واعٍ على التجديد.

وتجاوز عدد أغانيه المسجلة للإذاعة السودانية الأربعين عملًا، إضافة إلى نحو 10 أغنيات مصورة، ركز في معظمها على منطقة كردفان غربي السودان.

من أبرز أعماله الفردية التي ارتبطت بالوجدان الشعبي “مقتول هواك يا كردفان”، “عمري ما بنسى”، جافاني”، “بسامة”، و”المريود”. لعب دورًا بارزًا في نشر الموسيقى السودانية دوليًا، وشارك في مهرجانات غنائية في دول أوروبية عدة منذ عام 1984.

أسهم في أعمال عالمية مثل ألبوم “أصوات السودان” ، وألبوم “نجوم الليل” . كما قدّم تجارب متفردة، مثل ألبوم “ملوك المردوم يعزفون أغاني الحب” الذي قدم فيه إيقاع المردوم الكردفاني بقالب حديث، وألبوم “بلوز الخرطوم” (Le Blues de Khartoum) الصادر عام 1999، الذي مزج فيه بين البلوز الغربي والنغم السوداني الأصيل.

كما شارك في مشروع “وقف إطلاق النار” الذي حمل رسائل السلام والتعايش.

التكريم والمكانة

حظي الدكتور عبد القادر سالم بتقدير كبير على مسيرته الفنية والعلمية، وحصل على عدة جوائز وتكريمات، أبرزها وسام العلوم والآداب الفضي عام 1976، وجائزة الدولة التشجيعية عام 1983. بوفاة عبدالقادر سالم، خسرت الساحة الفنية السودانية فنانًا أسهم بفاعلية في إبراز ثقافات السلام و الهامش في المشهد القومي، وترك بصمة عميقة في جيل الفنانين الشباب الذين اتخذوا من مسيرته نموذجًا للالتزام الفني والصدق الإنساني.

 التغيير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.