الجميل الفاضل يكتب : عين على الحقيقة.. عودة للبحث عن نموذج إخواني غير “مدغمس”؟!

عين على الحقيقة

الجميل الفاضل

عودة للبحث عن نموذج إخواني غير “مدغمس”؟!

 

الإسلاميون أناس لا توسط عندهم، فأما أن يكون لهم الصدر وأن يظل، أو أن يشرعوا للناس كل الناس، كما نري اليوم، أبوابا تفضي لا محالة الي القبر قتلا، أو جوعا، ومرضا.

لسان حالهم يشبه الي حد ما قول “أبو فراس الحمداني”:

“وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا

لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ”.

تجدهم في أفضل حالاتهم يرددون زورا شعارهم المركزي المتدرج، فلترق “منا الدماء” كعتبة أولي، والذي درجوا علي أن يذهبوا به أصدق، فأصدق أكثر، كلما مضوا فيه رويدا رويدا الي العتبة الثانية منه، فلترق “منهم دماء”، أو الي الثالثة القصوي، بأن ترق “كل الدماء”.

علي أية حال، فإن طريق الإسلاميين، هو طريق لاتجاه واحد، لا يقود سوي الي منطقة مفضلة واحدة بالضرورة، هي منطقة “الصدر دون العالمين”.

وبالتالي فإن طريقا صارما مثل هذا، لابد أن يفهم، أنه طريق غير قابل للنقاش أو لأية حلول وسط، أو لأي نوع من التسويات التي تنتج في العادة أنصاف حلول.

وللحقيقة فإن الإسلاميين يعانون بدرجة ما، نوعا من عمي الألوان، يرون بسببه الكون كله، أما أبيضا هم علي صدارته، أو أسودا ينبغي أن يزول ويقبر، حتي وإن كان ثمن زواله وقبره، هو في النهاية “إراقة كل الدماء”.

ولأن الإسلاميون لا يؤمنون أصلا بفكرة دولة تقوم علي أساس المواطنة بلا زيادة ودون نقصان، فإنهم قد انغمسوا في لعبة تشطير البلاد وتقسيمها وقطع أوصالها كحل سهل لقضية استدامتهم للحكم.

ولعل تسريبا نسب لعلي احمد كرتي الأمين العام للحركة الإسلامية يرجح عودة “الإخوان المسلمين” لطريقة أبتر، أقطع، أفصل، لضمان البقاء في السلطة وللاستمرار في الحكم حتي بعد نهاية هذه الحرب.

فقد قال كرتي في هذا اللقاء الذي قيل إنه التأم الاربعاء الماضي، (16) أبريل الحالي بمدينة عطبرة أن:

“دارفور ظلت منطقة مشتعلة بالصراعات والتوترات وأقعدت بالسودان، وربما يكون فيما حدث مع جنوب السودان، مخرج بالحسني لجميع السودانيين”.

وفي ذات المعني تحدث أيضا الاستاذ الطاهر حسن احمد التوم عضو مكتب التنسيق الإعلامي للحركة الإسلامية في لقاء اخر بث بالصوت والصورة، قال فيه:

“اذا كان ثمن إيقاف هذه الدماء هو أن تصبح دارفور دولة، فلتكن دولة.

لماذا تقابل هكذا هذه الدعوة البسيطة وغير المعقدة، التي تنظر إلي الأمر بشكل موضوعي.

فنحن منذ سنوات نخوض حربا، ولهذه الحرب آثارها التدميرية علي الدولة السودانية.

فلا هم عاشوا في سلام، ولا عاشت بقية الولايات والأقليم في سلام”.

المهم فأن حلم “الإخوان” القديم، في إيجاد موطيء قدم مهما صغر، لتطبيق نموذج إخواني غير “مدغمس”، حتي لو بالاستمرار دون يأس، في لعبة تفكيك دولة السودان، وتقطيع أوصالها، بغية الحصول علي رقعة أرض أعلي خصوبة، وأكثر قابلية، تصلح لتطبيق “الفكرة الإخوانية” بحذافيرها.

طبقا للمواصفات التي أعلنها المخلوع البشير في خطاب بمدينة القضارف قبل إنفصال الجنوب، في العام (2010)، مجددا تمسك الدولة بحدود الله، والشريعة الاسلامية، وتطبيق كافة الحدود دون مجاملة أو حرج، على كل من يتعدى حدود الله، قائلا: “إذا حدث إنفصال للجنوب، لا قدر الله، فان الدستور سيعدل فيه كل شيء كان يخص الجنوب، وسنبعد منه كل (العبارات المدغمسة) لتصبح الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، والإسلام هو الدين الرسمي للدولة، واللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، ولا مجال للحديث، عن دولة متعددة الأديان، والأعراق، والثقافات”.

هذا الفردوس المفقود، الذي كان يحلم به البشير بات يتمثل اليوم في “دولة النهر والبحر”، النسخة المحدثة والمطورة من “مثلث حمدي” أرض الأحلام التي تم الترويج لها انذاك علي نطاق واسع وعلانية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.