حسن عبد الرضي يكتب .. خيبة أمل الشعب السوداني في الجيش : من جيش الوطن إلى جيش الكيزان
خيبة أمل الشعب السوداني في الجيش : من جيش الوطن إلى جيش الكيزان
حسن عبد الرضي الشيخ
لم يكن الشعار الثوري “معليش ما عندنا جيش” مجرد هتاف عابر، بل كان تعبيرًا صادقًا عن واقع عاشه السودانيون لعقود، لكنه تجلى بوضوح لم يسبق له مثيل بعد أن انكشفت حقيقة الجيش الذي لم يعد يمثل السودان، بل أصبح أداة بيد نظام الكيزان الفاسد. فقد بات واضحًا أن الجيش السوداني، الذي كان من المفترض أن يكون درع الوطن وحامي الشعب، تحول إلى مؤسسة تخدم مصالح الإسلاميين، أولئك الذين جعلوا من البلاد مسرحًا للفساد والاستبداد والدمار.
الجيش السوداني: تاريخ من الانتهاكات
ليس خافيًا على أحد أن الجيش السوداني ارتكب فظائع بحق أبناء الوطن في مختلف أنحاء السودان، بدءًا من حرب الجنوب، مرورًا بدارفور، النيل الأزرق، وجبال النوبة. أينما ذهب هذا الجيش، تبعته الجرائم، من القتل الجماعي، إلى التهجير القسري، وانتهاك الأعراض، مما جعل المواطنين في تلك المناطق لا يرون فيه قوة تحميهم، بل عصابة مسلحة تنفذ أجندة النظام.
ولعلّ هذا الواقع هو ما دفع شباب الثورة لأن يهتفوا: “برهان مالو؟ برهان وسخان. الجابو منو؟ جابوا الكيزان”. فالمجلس العسكري، بقيادة عبد الفتاح البرهان، لم يكن سوى امتدادٍ لحقبة الإسلاميين الذين صنعوا جيشًا يدين لهم بالولاء، على حساب الشعب الذي دفع ثمنًا باهظًا من دمائه ودموعه.
شهادات من أرض الواقع
الصحفي حسن فاروق وصف الوضع في المناطق التي دخلها الجيش بأنها تحولت إلى “بؤرة إجرام”. فأصبح المواطنون يطلقون النداءات والاستغاثات من السرقة والنهب والإرهاب، لدرجة أن أحدهم عبّر عن شعوره بالخذلان قائلاً :
“أصبحنا نتعامل مع سرقات الجيش كما كنا نتعامل مع حالات الاغتصاب التي مارسها ، نخجل من الاعتراف بها خوفًا من الصدمة، بعدما كنا نأمل أن يكون الجيش هو المنقذ من الدعم السريع. لكن الحقيقة أنه يمارس نفس الجرائم بلا رادع”.
بل إن هناك من المواطنين من عاد إلى منزله بعد طرد قوات الدعم السريع، فقط ليكتشف أن قوات الجيش ليست أفضل حالًا، مما أجبره على الهروب مجددًا، بعد أن أدرك أن لا فرق بين الدعم السريع والجيش، فكلاهما يمثل وجهًا لعملة واحدة: الفوضى والإجرام.
الحقيقة التي أدركها الشعب
اليوم، وبعد كل هذه التجارب القاسية، بدأ الشعب السوداني يدرك حجم الخديعة التي عاشها لعقود. فـ”الكيزان” لم يبنوا جيشًا للوطن، بل أنشأوا عصابةً تحمي مصالحهم وتنفذ جرائمهم. وما يمر به السودان الآن هو نتيجة طبيعية لهذا البناء الفاسد، حيث أصبح الجيش هو الخصم وليس الحامي.
إن المعركة لم تعد فقط ضد الدعم السريع، بل هي معركة ضد المؤسسة العسكرية التي تخاذلت عن حماية الشعب، وأصبحت شريكًا في جرائمه. لم يعد من المقبول الصمت أو التمسك بالأوهام القديمة، فالحقيقة واضحة: لا جيش للوطن في ظل سيطرة الكيزان.
وحتى يتحرر السودان حقًا، لا بد من كسر هذه المنظومة العسكرية الفاسدة، وبناء جيش وطني حقيقي، ولاؤه للشعب وحده، وليس لعصابة الإسلاميين التي دمرت البلاد.