صديق الصادق المهدي: ” في ذكرى ديسمبر وما أحوجنا لها “
ونحن في مستنقع الحرب الأسن، بكل مآسيه، تمر علينا ذكرى عظيمة فيها توحدت إرادة شعب السودان العظيم ونال استقلاله من دولتي الحكم الثنائي، وتوحدت إرادة الشعب في ذكرى إستقلاله، وحقق ثورة ديسمبر المجيدة التي تعد واحدة من أعظم ثورات الإنسانية قاطبة. سبقت ديسمبر ثورتان سلميتان انهتا حكمين عسكريين دكتاتوريين. عظمة ثورة ديسمبر تكمن في أنها كانت عامة وشاملة، تحركت فيها جموع الشعب السوداني الهادرة في معظم مدن السودان وبواديه، تقوده قواه الحية المتمثلة في المهنيين ولجان المقاومة، يقوده شبابه، وشاركت فيها بفاعلية واذهلت العالم نساءه. ثورة ديسمبر وحدت مدن السودان وبواديه، جماعاته المنظمة وغير المنظمة، وحدت دارفوره وكردفانه ووسطه وشرقه وشماله، وحدت كذلك كافة أبناء الشعب مع أصحاب الضمير من النظاميين. عظمة ثورة ديسمبر تكمن في سلميتها واخلاقها وإقدامها وتحديها لأكثر الأنظمة وحشية وجبروت وانحطاط اخلاقي، منذ أن خلق الله ارض السودان وشعبه الكريم. إن آلة البطش والقتل وتعذيب العزل التي استعان بها نظام التحالف “الاسلاموي العسكري” لحماية تمكينه وتسلطه وجبروته، لم يسبقه لها أي نظام في السودان. ووقعت كارثة حرب أبريل على رؤوس المدنيين، واستهدف مهندسوها ثورة ديسمبر المجيدة وقيمها الجميلة النبيلة، وإعادة الموت والدمار والتسلط والتمكين. يعيش شعب السودان في ظل هذه الحرب أصعب فترات حياته، فابناءه الذين عندما توحدت ارادتهم، اقتلعوا واحدة من أشرس واظلم وأسوأ الأنظمة الدكتاتورية، بعضهم الآن يتباغض ويقتتل. فلنستلهم جميعا ذكرى الاستقلال وثورة ديسمبر، لنخرج من هذا التردي، ولنتوحد في إيقاف الحرب، والعودة لمسار ثورة ديسمبر، والعمل على بناء مؤسسات ذات كفاءة وفاعلية وشمول لتحقيق قيم وأهداف الثورة. ثقتنا في الله وخلقه في السودان كبيرة. ستنقشع بعون الله وعزيمة الشعب هذه السحابة، ويعود السودانيون أخوة متحابين. فمثلما لن يغلب عسر يسرين، لن ينسف تشوه ثلاثة عقود وثلاثة أعوام، إرث حضارة سودانية تجاوز عمرها الخمسة آلاف عام.