مفاوضات (جنيف).. هل ستنطلق بمن حضر..؟
بورتسودان – اسكاي سودان
تتجه أنظار جميع السودانيين هذه الأيام إلى مدينة (جنيف) السويسرية والتي من المتوقع أن تنطلق فيها المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الرابع عشر من أغسطس الجاري، وفي السياق أكدت مصادر مطلعة بأن الإدارة الأميركية أعطت الجيش السوداني مهلةً لا تتجاوز ثلاثة أيام للمشاركة في مفاوضات جنيف لوقف الحرب في السودان، مؤكدةً في الوقت نفسه بدء المشاورات في 14 من أغسطس الحالي.
وفي ذات المنحى قال المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريللو (الثلاثاء) : (لم نتلق رداً من قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، بالمشاركة في المفاوضات من عدمه) وأضاف في حديثه لمجموعة محدودة من النشطاء السودانيين في جنيف: (لم نتلق رداً من الجيش السوداني بشأن مشاركته في المباحثات.. نتنظر في غضون يومين أو ثلاثة أيام أن يلحق وفد الجيش السوداني المفاوضات).
وقال بيريللو إن الوفد الذي ابتعثته الحكومة السودانية في بورتسودان للتشاور مع الجانب الأمريكي في مدينة جدة السعودية لم يتحدث عن الأجندة المتعلقة بوقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية، وكان كل تركيزه على الترتيبات السياسية، فيما قالت مسؤولة رفيعة المستوى في الإدارة الأميركية، في لقاءات غير مباشرة مع مجموعة من السودانيين، الثلاثاء، إنها تلقت علماً بوصول وفد (قوات الدعم السريع) إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات.
وأكدت المسؤولة الأمريكية أن المفاوضات ستبدأ في المواقيت الزمنية المقررة (حتى في حال عدم مشاركة الجيش السوداني) وقالت إنه من المتحمل عدم مشاركة أي من المسؤولين الذين يمثلون القيادة العسكرية في السودان.
فيما أعلنت قوات الدعم السريع على منصة (إكس) وصول وفدها إلى جنيف، الثلاثاء، وقالت إن وفدها يحمل الرغبة والإرادة الصادقة من أجل وضع حد لمعاناة الشعب السوداني، وأكدت أن الدعم السريع تتعاطى بإيجابية مع كل المبادرات الإقليمية والدولية لإيقاف الحرب وتحقيق السلام الدائم في السودان.
وقالت: (نتطلع إلى محادثات بناءة ومثمرة تسهم في تسهيل المساعدات الإنسانية إلى جميع المتأثرين بالحرب، إلى جانب بحث آليات فعالية لتعزيز حماية المدنيين) وعبّرت عن أملها في أن يستجيب وفد القوات المسلحة السودانية للدعوة من أجل مناقشة قضايا الشعب السوداني في بناء دولة جديدة تؤسس لنظام ديمقراطي في البلاد.
وفي الضفة الأخرى أعلن قائد الجيش السودان الفريق أول عبد البرهان عدم الذهاب إلى جنيف، وقال في كلمة له بمناسبة العيد ال(70) للجيش السوداني: (لاسلام وقوات الدعم السريع تحتل بيوتنا ومدننا وقرانا وتحاصرها، وتقطع الطرق إلى أجزاء مقدرة من بلادنا الحبيبة) وأضاف: (فلا وقف للعمليات بدون إنسحاب وخروج قوات الدعم السريع من المدن والقرى) وقال البرهان في خطابه أن طريق السلام أو وقف الحرب واضح وهو تطبيق ما اتفقنا عليه في جدة في مايو ٢٠٢٣م.
وفي المقابل جدد قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول ركن محمد حمدان دقلو (حميدتي) الاثنين، اتهامه لقيادة الجيش السوداني بإفشال كل مبادرات السلام والتفاوض، بإيعاز من الحركة الإسلامية، وأكد في ذات الوقت التزام قواته بالمشاركة في مفاوضات جنيف المقرر انعقادها الأربعاء، وأعلن حميدتي موافقته على الدعوة الأميركية لعقد مباحثات لوقف العدائيات في جنيف في 14 أغسطس الجاري.
وأضاف: (هذا هو التزامنا الأكيد والثابت للشعب السوداني بأن نذهب إلى المفاوضات القادمة بإرادة حقيقية لوقف الحرب فوراً ودون تأخير أملاً في انهاء معاناة الملايين من السودانيين، ومن هنا ندعو الطرف الآخر للاستجابة لنداء السلام.. نتقدم بهذا النداء بكل شجاعة رغم انتصارنا في ميدان القتال).
وأكد قائد الدعم السريع عدم وجود أي حكومة شرعية في السودان بعد انقلاب 25 أكتوبر وحرب 15 أبريل، والتي أدت إلى ما وصفه بـ (انهيار دستوري كامل) في البلاد، وذكر أن ما أسماه بـ (العصابة الموجودة في بورتسودان – لا تمثل إلا نفسها ومصالحها المتمثلة في نهب ثروات السودانيين) وقال حميدتي إن قوات الدعم السريع وافقت على كل المبادرات منذ بداية الصراع، ابتداءً من المبادرة السعودية الأميركية عقب أسابيع معدودة من اندلاع القتال، حيث وقعت على إعلان جدة في 11 مايو 2023. وأضاف أن قواته كانت “على وشك التوقيع على اتفاق وقف عدائيات، إلا أن وفد القوات المسلحة انسحب من منبر جدة وصعد القتال بدلاً عن التوجه للسلام.
وأضاف حميدتي قائلاً إن الأطراف في جدة الثانية اقتربت من التوقيع على اتفاق وقف العدائيات، لكن للمرة الثانية تدخلت أيادي الحركة الإسلامية لتعرقل الاتفاق لأنه لن يعيدهم للسلطة، وأشار أيضاً إلى استجابة الدعم السريع لدعوات منظمة الإيقاد لعقد لقاء بين قيادتي الدعم السريع والقوات المسلحة في كمبالا على هامش قمة رؤساء إيقاد منتصف يناير الماضي، (لكن الطرف الآخر تغيب في اللحظة الأخيرة دون مبررات مقنعة أو تفسير منطقي سوى غياب الإرادة الجادة لتحقيق السلام).
كما أشار حميدتي إلى انخراطهم في مبادرة البحرين ومصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية في مباحثات المنامة، التي أسفرت عن توقيع وثيقة أسس ومبادئ الحل الشامل للأزمة بين قائد ثاني الدعم السريع ونائب القائد العام للجيش، لكن وفد الجيش انسحب (بمبررات مضحكة) على حد قوله.
وقال حميدتي إنه منذ أن جددت السعودية والولايات المتحدة الدعوة للعودة لمنبر جدة في الأشهر الماضية، وافقت الدعم السريع على العودة مباشرة بلا تردد، لكن الطرف الآخر ظل يتمنع ويماطل مستجيباً لأوامر قيادة الحركة الإسلامية التي يخضع لها، ومتجاهلاً رغبة الشعب في وقف الحرب وتحقيق السلام لأنهاء هذه المعاناة الصعبة، كما اتهم قائد الدعم السريع الجيش بالتماطل في مباحثات جنيف حول إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، حيث لم يقدم أي التزامات على غرار ما قدمه الدعم السريع.
وأكد حميدتي على أن الحل الوحيد لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان والمآسي والحروب في السودان يكمن في وقف الحرب، وتحقيق السلام، والعودة إلى الحكم المدني الذي يؤدي إلى تحول ديمقراطي كامل، وجدد التزامه بالتحول الديمقراطي وخروج الجيش بشكل نهائي من السلطة، ليتمكن السودان من بناء مستقبل جديد خالٍ من سيطرة النظام القديم.. ولكن بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية دعمها الكبير للمفاوضات، وبعد أن أعلن البرهان مقاطعتها .. هل ستنطلق مفاوضات (جنيف) بمن حضر؟