و اغتصبوا حتى الكلمات !!!..

علي يس

و

“الاغتصاب” إحدى أغنيات (البلابسة) الركيكة.. يريدون حربا تقتل الآخرين و لا تقتلهم!!.. تغتصب الآخرين و لا تغتصبهم!!.. هل يجهلون أنه – ما دامت هنالك حرب – فهنالك بالضرورة موت و خراب و اغتصاب و دمار و تشريد و جوع و ضياع!! .. من قال لهم إن للحرب خطوطا حمراء؟؟.. هل كانوا يظنون أن الحرب التي أشعلوها سوف تميز بين مجرم و بين بريء؟..
و لكن هؤلاء المجانين يصرخون و هم في قاع الهزيمة: “بل بس”!! فلا تبتل إلا سراويلهم!!..
أتمنى أن يعي القارئ الكريم أن البلابسة جميعا و بلا استثناء هم عناصر المؤتمر الوطني و عناصر أمنه ، كما أرجو أن يفقه جميع الناس أن ما حدث بعد ثورة ديسمبر لم يكن إلا تغييرا شكليا ، و أن حكومة الحرية و التغيير كانت في حقيقة الأمر تكافح المؤتمر الوطني من داخل “معدته” بعد أن ابتلعها و لم يستطع هضمها!!..
ما فعله المؤتمر الوطني في أبريل 2019 كان أن أزاح طاقيته ، المسماة عمر البشير ، و وضعها معززة مكرمة داخل دولابه ، إلى حين ، ثم وضع مكانها طاقية أخرى إسمها البرهان.. ثم نزع “سرواله” القديم ، المسمى صلاح قوش ، و ارتدى سروالا جديدا.. هذا هو كل ما جرى ، و ما تزال الطاقية و السروال القديمين ينتظران العودة إلى مكانيهما!!..
لنعد الآن إلى “نكتة” الاغتصاب..
من حق أي سوداني أن يدين قتل أو اغتصاب الأبرياء بأشد العبارات ، و أن يقاومه بكل ما استطاع من قوة أو حيلة.. و لكن كائنا واحدا لا يحق له أن يدين قاتلا أو مغتصبا ؛ هذا الكائن هو الكوز.. هو كل منتم إلى المؤتمر الوطني، الذي ما يزال يتحكم في مؤسسات البلاد و قواتها المسلحة و اقتصادها ، أو جهاز أمنه الذي بلغ انحطاطه أن أنشأ ما أسماه إدارة العمليات الخاصة، التي تتضمن أحط ما يمكن تصوره من أساليب في النكاية بمن يقع تحت رحمته، و من بين هذه الأساليب الاغتصاب الذي كان يكلف به موظفون رسميون يشغلون وظيفة لها راتب و مخصصات و أجر إضافي و (بدل طبيعة عمل) إسمها وظيفة “مغتصب” !!!.. و من “الاختراقات” في هذه الوظيفة اغتصاب الرجال و ليس النساء فقط!!.. و ما قضية الشهيد أحمد الخير و ما تكشف خلال التحقيق فيها ببعيد عن الذاكرة.. (و نعلم أن البرهان قام بإطلاق سراح المجرمين الذين أصدر القضاء عليهم أحكاما بالإعدام، بعد أن رفض إنفاذ حكم القضاء عليهم، و هم الآن إما هاربون خارج البلاد، أو”مجاهدون” في حربهم الفاجرة) أبعد هذا يحق لهؤلاء التافهين أن يتحدثوا عن الاغتصاب ؟؟؟!!
هؤلاء المتأسلمون السفلة لم يكتفوا باغتصاب النساء و الرجال و الأطفال ، بل اغتصبوا حتى الكلمات!!..
أفرغوا كل كلمة نبيلة من معناها ، ثم شحنوها بمعنى حقير حقارتهم ، منحط انحطاطهم.. ألا ترون أنهم أعتقلوا كلمة (الكرامة) هذه الكلمة الرفيعة ، فأفرغوها من معناها النبيل ثم وصفوا بها حربهم الغادرة الفاجرة ؟!..
ألا ترون أنهم افترسوا كلمة (الإسلام) التي تعني الدين عند الله ، و تعني جماع الأخلاق الكريمة كلها ، فوصفوا بها أنفسهم بكل رذائل أخلاقهم ؟؟!..
بل أخذوا آلاف الكلمات رفيعة المعاني فأفرغوها من معانيها ، ثم عبؤوها بقمامة أفكارهم و أفعالهم.. و لقد كتبت مرة ، على عهد قوش ، عما حكاه لي صديق ، معلم بمدرسة أساس ، عن واقعة غمرته بالحزن و أجبرته على ترك التدريس..
قال إنه ، في “حصة الدين” لقن تلاميذه الصغار سورة ” قريش” حتى حفظوها ، ثم أراد اختبار مداركهم اللغوية قبل أن يشرح لهم معاني السورة ، فسأل تلميذا منهم عن معنى (آمنهم من خوف) ، فلما عجز التلميذ الصغير عن إدراك معنى “آمنهم” سأله عن معنى (الأمن) ..
قال لي صديقي المدرس: أرعبتني إجابة التلميذ ، و فتحت عيني على حجم التخريب الذي أشاعه هؤلاء المتأسلمون في المفاهيم و المعاني و القيم!!!.. أجابني التلميذ ابن السابعة ، و قد جحظت عيناه و تلعثمت كلماته: الأمن هو.. هو أولئك الرجال الذين يداهمون بيوت الناس ليلا ، فيضربونهم ثم يأخذونهم إلى مكان لا يعرفه أحد…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.