د.عصام حامد دكين : الاستقرار السياسى في ظل توقيع الاتفاق الإطاري(٤)
*توجد ثلاثه اتجاهات لتعريف مفهوم الاستقرار السياسى.
الاتجاه الاول يتعلق بالتغيير المتكرر فى الحكومه بمعنى ان النظام الذى يحدث فيه تغيير فى حكومته بشكل متكرر يمكن اعتباره نظاما مستقرا وهذا ما لاينطبق على السودان منذ الاستقلال حتى اليوم حيث شهد السودان تغييرات عديده فى انظمه الحكم وتشكيل الحكومات المتعدده وحتى فى فترات الديمقراطية..حكومه الازهرى الأولى ١٩٥٤م -١٩٥٦م الحكم الذاتى والاستقلال الثانى،حكومه السيد عبدالله خليل ١٩٥٦م – ١٩٥٨م، حكومه العسكر الأولى ١٩٥٨م- ١٩٦٤م،حكومه أكتوبر الانتقاليه ١٩٦٤م -١٩٦٥م، الديمقراطية الثانيه ١٩٦٤م – ١٩٦٩م، حكومه السيد الصادق المهدي١٩٦٦/٧/٢٧م-١٩٦٧/٥/١٥م، مجلس الديمقراطية الثانيه ١٩٦٤م-١٩٦٩م،حكومه محمد احمد محجوب (١٩٦٥،-١٩٦٦م) حكومه محمد احمد محجوب(١٩٦٧م-١٩٦٩م)، النظام العسكرى الثانى مايو ١٩٦٩م-١٩٨٥م،حكومه الجزولي دفع الله ١٩٨٥- ١٩٨٦م،حكومه الديمقراطية الثالثه الصادق المهدي ١٩٨٦م ١٩٨٩م، النظام العسكرى الثالث عمر البشير ١٩٨٩م -٢٠١٩م،حكومه دكتور عبدالله حمدوك الولى الانتقاليه ٢٠١٩م-٢٠٢٠ ،حكومه دكتور عبدالله حمدوك الثانيه ٢٠٢٠م’-٢٠٢١م، حكومه إجراءات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م حتى اليوم.
* الاتجاه الثانى يتعلق بغياب التغير المتكرر فى الحكومه بمعنى ان النظام لا يشهد تغييرات متكرره فى الحكومه يعتبر نظام مستقرا. طبعا السودان مسرح لتغيير الحكومه والأنظمة كما زكرنا فى الاتجاه الاول.
* الاتجاه الثالث يتعلق بغياب العنف بكافه أشكاله ومستوياته فى الدوله وهذا للأسف أصبح العنف وسيله مهمه لتحقيق الأهداف السياسيه والوصول إلى السلطه تحت شعار الهامش منذ ١٩٥٥م أحداث توريت فى جنوب السودان مازال العنف مستمر حيث تتولد حركات التمرد المسلحة بشكل مستمر حيث وصل عدد حركات التمرد لأكثر من ثمانون حركه مسلحه فى غرب السودان واخريات فى بقيه أجزاء السودان كلها تطالب بقسمه الثروة والسلطه.
* ان الاستقرار السياسى لا يرتبط بالضرورة بغياب التغيير السياسى بل يرتبط بمضمون هذا التغيير ووجهته إذ ان الكثير من انواع التغيير تؤدى إلى زيادة شرعية النظام وفاعليته اما ان يكون التغيير السياسى لا يقترن بالضرورة بغياب العنف السياسى وهذا تصور فاشل فى وسائل التغيير او قناعته بعدم جدواها.
* ان الاستقرار السياسى هو قدرة مؤسسات النظام على تسير الأزمات التى تواجهه بنجاح وحل الصراعات القائمة داخل الدولة بصورة يستطيع معها ان يحافظ عليها فى منطقه تمكنه من إنهاء الأزمات والحد من العنف السياسى وتزايد شرعية النظام.
* تعريف اخر عن الاستقرار السياسى فإنه يؤكد انه نتيجه او محصله أداء النظام السياسى عندما يعمل بكفاءه وفعاليه فى مجالات التنميه السياسيه والاقتصادية والشرعيه السياسيه والفعاليه.
* اذن عمليه الاستقرار السياسى فى النظام تعتمد على فعاليه النظام السياسى وعلى التطور الاقتصادى.
* الاستقرار السياسى يركز على مستوى العلاقه بين المشاركة السياسيه من جهه والمؤسسة السياسيه من جهه ثانيه عليه فقد قسمت العلاقه إلى ثلاثه مستويات منخفضه، متوسطه،مرتفعه، وتقسيم الانظمه الى نظامين مدنى ودكتاتورى. تعنى حالة الاستقرار السياسى بمختلف مستوياتها وجود علاقه بين المشاركة السياسيه من القوى السياسيه الحيه من جهه والمؤسسة السياسيه من جهه أخرى وان اختلفت درجاتها.
* ان الاستقرار السياسى يحتوى على مضامين عديده تتمثل فى تجنب الانهيارات او الانقلابات الفجائيه التى تطيح بالنظام السياسى وبنيته الاساسيه حيث شهد السودان ثلاثه انقلابات عسكريه ناجحه على حكومات ديمقراطية ورابع بقياده الفريق اول البرهان اختلفه فى تصنيفه مما يحتم اعاده تشكيل المؤسسات وهياكل الحكم وهذا ما ظهر جليا بعد قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م حيث عجز الفريق اول البرهان تشكل اى مؤسسه من مؤسسات الحكم وبالتالي يمكن تصنيفه انقلاب عسكرى رغم انه حدثه لحكومه انتقاليه غير منتخبه حيث المؤسسه العسكريه جزء من التغيير الذى حدث فى أبريل ٢٠١٩م.
* أيضا الاستقرار السياسى لايعنى الجمود او عدم التغيير فى كونه ميزه للنظام المؤسسى القادر على معالجه المشاكل والنزاعات بطرق سلميه مع قوة الردع من ينتهك النظام العام ويخل به.كما يعنى الاستقرار السياسى قدرة المؤسسات السياسيه على الاكتفاء الذاتى بحيث تستطيع الاستمرار والعمل بشكل طبيعى فى أقسى الظروف.
* اذن الاستقرار السياسى فى السودان مرتبط بطبيعه وبشكل النظام السياسى فكلما كان النظام السياسى على درايه كامله بطريقه التعامل مع الأزمات حيث لا يستغل القوة ويستعمل الحل السلمى وليس استعمال القوة العسكريه لتحقيق الأهداف كما تفعل الحركات المسلحه المتمرده لكن استعمال الحل السلمى فى الوقت المناسب يمكننا القول ان النظام العام داخل الدولة مستقر.
* يتحدد الاستقرار السياسى من خلال اربعه أبعاد اساسيه وهى حكومه مستقره، نظام سياسى مستقر،تنفيذ القانون العام والنظام الداخلى،والاستقرار الخارجى.
* أصبح الاستقرار السياسى فى السودان هو غايه وحلم لا يمكن أن يتحقق الا بتكاتف جهود النظام السياسى وأفراد المجتمع على حد سواء فعندما يحظى النظام بقبول شعبى نتيجه لسياساته المتبعه التى تتضمن نتائج ملموسة تنعكس ايجابا على حياته فإن المواطن يعتبر بأن هذا النظام يمثله وينتج عن ذلك محافظه المواطنين على مؤسسات الدولة وعلى النظام الاجتماعي العام وليس الاعتداء عليها وتخريبها كما حدث بعد أبريل ٢٠١٩م وهنا وفى هذه الحالة وفى ظل هذه الظروف يمكن الحديث عن حالة الاستقرار السياسى ولكن الحالة السودانيه المستعصيه خصوصا بعد ابريل ٢٠١٩م إلى الخامس من ديسمبر ٢٠٢٢م بتوقيع الاتفاق الاطارى السياسي لم يشهد السودان استقرارا.
* الاتفاق الاطارى السياسي حدد هياكل السلطه الانتقاليه بتكوين المجلس التشريعى الانتقالى ومجلس سيادى انتقالى ،ومجلس وزراء انتقالى ،ومجالس عدليه ومفوضيات مستقله ولكن للأسف سيكون تكوين هذه الهايكل حصريا على قوى الثورة الموقعه على الاعلان السياسى بالتشاور للاختيار ولكنه لم يحدد الجهه التى يتم التشاور معها فكلمه تشاور وردت لتحسين الاتفاق السياسى الاطارى وليس لتنفيذه وبالتالي هذا خلل كبير فى الاتفاق السياسى الاطارى مما يفقده السند الشعبى الذى يحميه من الانهيار فمن الأفضل توسيع قاعده الموقعين وتحسين فرص التوافق لضمان استمراريتة.
* ما يعيب الاتفاق السياسى الاطارى ان رئيس مجلس الوزراء ليس مستقلا وليس له الحق فى تشكيل حكومته بطريقه مستقله الا بالتشاور مع قوى الثورة فقط وهذا سبب كافى لعدم الاستقرار السياسى فى السودان. نواصل دكتور عصام حامد دكين باحث و اكاديمي واعلامى ومحلل سياسى واقتصادى