الجنرال حميدتي وثورة الشباب المسروقة

د.أسامة محمد جمعة داؤد…الجنرال حميدتي وثورة الشباب المسروقة

إن الموقف الذي أعلنه الجنرال حميدتى في لقاء الإدارات الأهلية ليست موقفاً جديداً ، فقد أعلن حميدتي انحيازه للشارع الثائر منذ اشتعال الثورة حينما استدعى قواته إلى الخرطوم وأكد في طيبة الحسناب أنه “لن يوجه بنادقه لصدور المتظاهرين” ، ” وأنه لن يطلق طلقة واحدة تجاه المعتصمين السلميين” ، “وأن مهمة بندقيته تتلخص في الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها من التفلتات الأمنية” ، وأمر قواته بأن تغلق جميع الكباري لمنع الأذى عن المعتصمين في ميدان القيادة .

وقد ظل الشباب المعتصمون ينظرون حينها إلى قوات الدعم السريع بعين الرضا والاحترام ، ويعتزون بها ، ويتغنون لها ، ويوثقون لحظاتهم الجميلة معها، ويمجدون بطولاتها بأقلامهم وألوانهم وكاميراتهم .

وقد نصب الشباب صورة كبرى للجنرال حميدتي في مدخل الاعتصام تقديراً لدوره في نجاح الثورة وحماية الثوار ، وظل المعتصمون يحتفلون بقوات الدعم السريع ويقدمون لهم الهدايا ويلوحون لهم بعلامات النصر.

وظلت علاقات الشباب الثائر مع تلك القوات تمضي على قدم وساق إلى أن وصل موكب الحركات بعد عشرين يوماً من نجاح الثورة ، واستطاع أن يتسيد على أرض الاعتصام بهتافاته العدائية التي استهدف بها قوات الدعم السريع ، وقد استطاع الموكب أن يصدّر تلك الهتافات  إلى بعض الشباب المعتصمين حتى صارت أناشيدا في أفواههم ، لكن القائد حميدتى فطن إلى ذلك وأصدر أوامره لقوات الدعم السريع بعدم الاستجابة لتلك للاستفزازات وأن تتحلى بالصبر، وتتزين بالهدوء.

وقد استطاع الجنرال حميدتي أن يخرج منتصرا من كثير من ( دهاليز) المكر التي نصبت له بدءا من محاولة استدراجه لأرض الاعتصام لاغتياله ، وإثارة جنوده واستفزازهم ، وقنص الشباب الثائر وتلفيق الاتهام ضد قواته، بالاضافة الي فخ فض الاعتصام الذي نصب لقواته.

ومن المفارقات إن هذه الحركات التي استدرجت الشباب وشيطنت الدعم السريع قد استطاعت أن توقع اتفاقاً مع الحكومة الانتقالية ، وأن تحظى بمكاسب في الثروة والسلطة والترتيات الأمنية ، وأن توادد المنظومة العسكرية كلها، وظل الشباب الشجعان الذين صنعوا الثورة على الرصيف بعد أن سُرقت ثورتهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.