فاطمة لقاوة تكتب: الصالحة ليست نصراً” إنها رقصات مهزومين على أنقاض الخرطوم!!

ما جرى في الصالحة بأم درمان ليس فتحاً عسكرياً ولا تقدماً استراتيجياً، بل هو استعراض دموي لمليشيات البرهان والإسلامويين، الذين يحتفلون بجثث المدنيين المسحولين وخراب الأحياء السكنية.
الإعلام الإسلاموي الكذوب يحاول
أن يلمّع صورة جيش مهزوم، هرب قادته إلى بورتسودان، تاركين الخرطوم للدمار والمواطنين للمعاناة.
من يقود الجيش اليوم هو عبد الفتاح البرهان، رجل بلا مشروع، بلا رؤية، بلا شجاعة بنوعيها-(الشجاعة الآدبية التي تجعله يعترف بالخطأ،ولا الشجاعة الشخصية التي تجعله يثبت في المعارك ويخوضها بنفسه)-،ولا يعرف لشرف الرجولة والنخوة السودانية سبيل.
منذ لحظة تفجيره للحرب في أبريل 2023، لم يكن الهدف حمايةالدولة،
بل إعادة تدوير الإسلاميين وتمكينهم من الدولة مجدداً عبر فوهة البندقية.
خططوا لمعركة الخرطوم، فشلوا، وتركوا المواطن يواجه الجوع والموت، وهربوا هم إلى بورتسودان، حيث شكلوا حكومة كرتونية أشبه بالملاجئ السياسية.
كل ما فعله البرهان خلال عامين من الحرب هو إدارة هزائم: هُزم في الخرطوم، هُزم في دارفور، وسيُهزم في كردفان. وكل “نصر” يعلنه إعلامه هو مجرد كذبة مغلفة بالدم،
لا تصمد أمام الحقائق على الأرض.
الإسلامويون الذين عادوا عبر دماء الأبرياء، نسوا أن هذا الشعب قد جربهم ثلاثين عاماً، وأن الكارثة التي يعيشها السودان اليوم هي في الأساس من إنتاجهم المباشر: اقتصاد منهار، مؤسسات دولة مفككة، وسلطة مركزية استبدادية مارست أقصى درجات التمييز ضد الأقاليم والمكونات.
الآن، مع تقهقر جيشهم في أكثر من جبهة، ومع تصاعد الهجمات الغامضة على بورتسودان نفسها،
بدأت نهاية البعبع الإسلاموي تلوح في الأفق.
هذا المشروع الذي ظل ممسكاً برقاب الناس منذ التسعينات، أفلس سياسياً وأخلاقياً وشعبياً، ولم يعد يملك ما يقدمه سوى المزيد من الدمار تحقيقا لشعارهم”أو تُرق كُل الدماء”.
دخول ميليشيات “البلابسة” إلى الصالحة لا يرمز لأي تحول نوعي. بالعكس، هو استثمار في الرمزية الخاطئة،فمن قتل الناس وسحلهم لا يملك شرعية، ومن انتشى بترويع
الأبرياء لا يستطيع قيادة دولة،وإن إدعى ذلك.
الكتائب الإرهابية الداعشية التي دخلت الصالحة سارقة إسم الجيش السوداني، ربما ربحت جولة إعلامية، لكنها خسرت المعركة الكبرى: معركة الشرعية، والمعركة الأخلاقية.
الخرطوم ما زالت تنزف، ومؤيدو الدعم السريع ما زالوا موجودين داخلها، والمعركة لم تنتهِ، بل الأهم من كل ذلك أن الحرب انتقلت فعلياً إلى كردفان، وهناك يجري الآن نحت
معالم سودان جديد لا مركز فيه للخرطوم، ولا عرش فيه للكيزان، ولا مكان فيه لجيش يخدم نخبة فاسدة.
السودان الذي يولد من تحت الركام، ليس السودان الذي يريده البرهان أو الإسلامويون،أو النُخب المركزية أصحاب المصالح.
هو سودان جديد، فيدرالي، ديمقراطي، مدني، ينهي دولة المركز المحتكر للسلطة والثروة،و يؤسس دولة مؤسسات تهتم بالكفاءات بعيدا عن الشُلليات والمًحاصصات والترضيات.
هذا السودان الجديد لن تقوده الخرطوم القديمة التي أدمنت تدجين النُخب والتبعية العمياء للمركز، بل الهامش الذي دفع ثمن المعركة: دارفور، كردفان، النيل الأزرق، وبقية الأقاليم التي عانت من التهميش والتمييز لعقود.
التمييز المقرون بالسلطة في السودان يجب أن ينتهي، ولا يمكن لثورة أو سلام أو انتخابات أن تنجح قبل إسقاط هذا النظام العميق، الذي أنتج الحرب، ويفخخ كل محاولات الخروج منها.
معركة الصالحة ليست إلا رقصة موت في لحظة هزيمة سياسية.
البرهان وعصابته لا يملكون سوى أدوات القمع، والإسلامويون لا يملكون إلا الماضي المهزوم.
أما السودان الجديد، فهو يُصنع الآن في ميادين جديدة، بعقول جديدة، وإرادة شعبية لا تنكسر.
والتاريخ لا يرحم من استبدّ، ولا يغفر لمن قتل شعبه ليستعيد كرسياً معطوباً.
ولنا عودة بإذن الله
الخميس،٢٢مايو/٢٠٢٥م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.