الكاوبوي الأمريكي ترمب يسدد الضربة القاضية : نهاية الحركات الإسلامية المصنوعة غربياً

 

الكاوبوي الأمريكي ترمب يسدد الضربة القاضية : نهاية الحركات الإسلامية المصنوعة غربياً

 

حسن عبد الرضي الشيخ

 

في مشهد عالمي تتسارع فيه التحوّلات وتتبدّل فيه المعادلات على نحو درامي، يبرز دونالد ترمب كرجل المرحلة، أشبه بكاوبوي أمريكي خرج من مشهد سينمائي قديم، لكنه لا يطارد هذه المرة قُطّاع الطرق في الغرب المتوحّش، بل يضع حدًا لفصل طويل من العبث السياسي الذي تمثّل في الحركات الإسلامية، التي كانت لعقود أداة للتخريب باسم الدين.

 

صناعة غربية … وضربة أمريكية

لم يعد خافيًا أن كثيرًا من الحركات الإسلامية المسلحة كانت، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، نتاج غرف الاستخبارات الغربية. من أفغانستان إلى سوريا، ومن العراق إلى اليمن، نُفخت الروح في هذه الجماعات، وسُمح لها بالنمو والتسلّح لتصبح أدوات في لعبة الفوضى الخلّاقة. لكن الكاوبوي الأمريكي قرر أخيرًا أن يُخمد النيران التي أشعلها أسلافه. لم يتردد ترمب، لا في الخطاب ولا في الفعل.

 

إيران تنحني … وحماس تتراجع

طهران، التي طالما ردّدت شعارات “الموت لأمريكا”، وجدت نفسها تفاوض من موقع الانكسار، تُصافح ترامب من تحت الطاولة. أما حماس، التي ترنّحت تحت الحصار الخانق، فقد خفّت نبرتها، وأرسلت إشارات المهادنة تجاه واشنطن وتل أبيب. لم يكن ذلك خيارًا استراتيجيًا بقدر ما كان رضوخًا لواقع فرضه تحالف ترمب-نتنياهو بلا رحمة.

 

الحوثي يلتقط أنفاسه … والكيزان في الرمق الأخير

في اليمن، يتهاوى الحوثي تحت الضربات، وقد تراجع صوته الذي كان يعلو في صنعاء، بعدما جفّ الدعم الإيراني تدريجيًا. أما في السودان، فيعيش الإسلاميون (الكيزان) أسوأ لحظاتهم منذ سقوط نظامهم؛ بين السجون والمحاكم والعزلة الجماهيرية، بدا أن المشروع الإسلامي السياسي يلفظ أنفاسه الأخيرة.

 

حزب الله يتآكل … والميليشيات تتقنّع

في لبنان، حزب الله يواجه حصارًا اقتصاديًا وضغطًا شعبيًا غير مسبوق، وهو اليوم أضعف مما كان عليه منذ حرب ٢٠٠٦م. باتت أولويته البقاء في الداخل اللبناني المفكك، بعد أن فقد جاذبيته الإقليمية. وفي العراق، أخذت ميليشيات الحشد الشعبي، المدعومة من طهران، تتخلى تدريجيًا عن سلاحها، وتتحوّل إلى كيانات سياسية تُجاهد للحفاظ على نفوذها البرلماني.

 

داعش والحركات الإسلامية السورية: بين مطرقة التحالف وسندان الشعوب

في العراق وسوريا، تلاشت “دولة الخلافة” كما لو أنها لم تكن. قُتل البغدادي، وتفرّق أتباعه بين السجون والجبال. أما الجماعات الإسلامية في سوريا، التي لعبت على حبال الولاءات بين أنقرة والدوحة والغرب، فقد تحوّلت إلى أوراق محروقة، تُقصف من السماء وتُستنزف على الأرض، بينما الشعوب تبحث عن مخرج من جحيم أُقحِمت فيه بلا إرادتها.

 

ترمب: زعيم ما بعد الإسلام السياسي

مهما اختلفت الآراء حوله، تبقى الحقيقة أن ترمب طوى صفحة “الاحتواء” وفتح باب “الاجتثاث”. من اليوم الأول، كان واضحًا أن عصر التلاعب الأمريكي بالجماعات الإسلامية قد انتهى، وأن ما لا يخضع بالقوة يُمحى من الوجود. إنها ضربة قاضية، لم تُسقط فقط الحركات الإسلامية المسلحة، بل نسفت المشروع برمّته، بكل تجلياته الإخوانية والسلفية والثورية.

 

بشارة النهاية … وبداية العودة إلى الدين الصافي

في طيّات هذا الانهيار التاريخي للإسلام السياسي، تلوح بشارة يحملها دعاة التجديد، من أمثال الأستاذ محمود محمد طه، ومحمد شحرور، وجمال البنا، ونصر حامد أبو زيد. هؤلاء المفكرون، كلٌ بأسلوبه ومقاربته، سعوا لتحرير الدين من قيد السياسة، ومن سطوة الفقه التقليدي، ومن قوالب التراث الجامدة التي كرّست التسلّط والعنف والتكفير.

 

شحرور، مثلًا، أعاد قراءة النص القرآني بلغة العصر، مميزًا بين “الرسالة” التاريخية و”النبوة” الخاتمة، مؤكدًا أن الشريعة ليست أبدية بل متغيّرة بحسب الزمان والمكان. أما أبو زيد، فقد حارب من أجل أن يُفهم النص الديني بوصفه خطابًا تاريخيًا، لا نصًا جامدًا منزوع السياق. وجمال البنا رفع راية الحرية، مؤكدًا أن لا وصاية لأحد على ضمير الإنسان.

 

لقد شوّه الإسلام السياسي صورة الدين في نظر الأجيال الصاعدة، ونفّر الشباب من الإسلام، حين قدّمه كأداة قمع وصراع. في المقابل، ظلت هذه الأفكار التجديدية تدعو إلى العودة إلى جوهر الدين، إلى “إسلام الفرد” لا “إسلام الجماعة”، إلى الإيمان الذي يُمارس بحرية لا يُفرض بالقهر.

 

وكما قال الأستاذ محمود محمد طه: “بتقليد محمد تتوحد الأمة ويتجدد دينها”. واليوم، مع سقوط المشروع السياسي باسم الإسلام، تتهيأ الأرض لبعث جديد؛ بعثٍ يجد فيه الشباب طريقًا نحو التصوف الإنساني، لا العنف، نحو المعنى لا الشعارات، ونحو السلام الروحي لا الحروب المقدسة.

 

لقد قرع الكاوبوي الجرس الأخير، وأسدل الستار على مشهد دموي صنعه الغرب، وانتهى بقبضته. فهل آن أوان العودة إلى الإسلام كما أراده الله؟ دين المحبة، لا السلطة؟ دين الإنسان، لا التنظيم؟ .

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.