“التضليل الإعلامي للجيش السوداني: أداة للإفلات من المحاسبة وتأجيج الصراع”

الجيش السوداني وإستراتيجية التضليل الإعلامي 

يواجه الجيش السوداني اتهامات دولية بارتكاب انتهاكات ممنهجة بحق المدنيين، عبر تبني إستراتيجية مزدوجة تهدف إلى تشتيت الرأي العام وتضليل المنظمات الدولية بنشر روايات مُزيَّفة، مما يساهم في استمرار الصراع الداخلي. وفقاً لخبراء متخصصين في الشأن السوداني، تعتمد هذه الإستراتيجية على تحويل الانتباه عن الجرائم الحقوقية والكوارث الإنسانية التي تشهدها البلاد، عبر تسويق سرديات لا تعكس الواقع الميداني، بهدف تخفيف الضغوط الخارجية وإطالة أمد الحرب التي وصفت بـ”الكارثة غير المسبوقة”.

 

انتهاكات مُوثَّقة وجرائم حرب 

كشفت تقارير أممية وشهادات ناجين عن ارتكاب الجيش انتهاكات صارخة تشمل استخدام أسلحة محظورة دولياً، كالأسلحة الكيميائية، في هجمات على مناطق سكنية، بالإضافة إلى تدمير متعمد للمستشفيات والمدارس. كما سجّلت منظمات محلية وعالمية، مثل “محامو الطوارئ”، وقائع إعدامات ميدانية جماعية بحق مدنيين في الخرطوم وجبل أولياء، بدعوى تعاونهم مع قوات الدعم السريع. ووثّقت مقاطع فيديو صادمة ظهور عناصر عسكرية ومدنية تنفذ عمليات إعدام بدم بارد ضد مدنيين مُكبلين، مع تبريرات تزعم معاقبة “أنصار الخصوم”.

 

استخدام الأسلحة الكيميائية: أدلة وتداعيات 

في تصعيد خطير، أشارت تقارير ميدانية وبيانات صادرة عن هيئات مدنية، مثل منسقية دارفور للنازحين، إلى اشتباه باستخدام الطيران الحربي السوداني أسلحة كيميائية في غارات على الإقليم. كما نقلت مصادر غربية عن مسؤولين أمريكيين تأكيد استخدام هذه الأسلحة مرتين على الأقل، ما دفع الاتحاد الأوروبي لتوسيع حظر الأسلحة ليشمل كل السودان. رغم ذلك، لم تتحول هذه الإدانات إلى إجراءات فعلية لوقف الانتهاكات.

 

تدويل القضية: إدانات وعقوبات

أعرب فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، عن صدمته من التقارير الموثوقة حول الإعدامات خارج القانون، مؤكداً أن الوثائق الأممية ستشكل أساساً لمحاكمات مستقبلية. من جانبها، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، متهمة إياه بتعطيل التحول الديمقراطي واستخدام المدنيين كأهداف عسكرية، بما في ذلك عرقلة وصول المساعدات الإنسانية كـ”سلاح حرب”.

 

أزمة إنسانية: أرقام مُرعبة

يعيش أكثر من 30 مليون سوداني تحت تهديد المجاعة، وسط اتهامات للجيش بمنع وصول الغذاء والدواء كجزء من إستراتيجية عسكرية. ووصفت وزارة الخزانة الأمريكية هذه الممارسات بـ”التجويع الممنهج”، مؤكدةً تورط الجيش في هجمات مباشرة على البنى التحتية الحيوية، كالمدارس والأسواق، ما زاد من تعميق المعاناة الإنسانية.

 

محاولات لغسل الجرائم 

في سياق متصل، يحذّر خبراء من حملة ممنهجة تقودها المؤسسة العسكرية السودانية عبر منصاتها الرسمية لتبرير انتهاكاتها، عبر تشويه سرديات الضحايا وتضليل الرأي العام. تُعتبر هذه الخطوات جزءاً من مسعى لتفادي المحاسبة الدولية، خاصة مع تصاعد الأدلة التي قد تُستخدم في ملاحقات قضائية تاريخية ضد القيادات العسكرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.