احذروا دعوات العودة .. “اللاجئين في مصر كدروعٍ بشرية في غرب أم درمان”!
علي أحمد
الآن وفي هذه اللحظة، لا تزال مدينة ود مدني تتعرض للقصف من قبل قوات “الدعم السريع”، وهي المدينة التي لم تشهد معارك حقيقية منذ بداية الحرب وحتى لحظة انسحاب الدعم السريع منها، خلا بعض المناوشات الخفيفة. إنها معركة مؤجلة آتية لا ريب فيها. وبالرغم من خطورة الوجود فيها، إلا أنّ أبواق المليشيات الكيزانية الإرهابية على السوشيال ميديا بدأت تدعو المدنيين الذين فروا منها إلى العودة إليها، دون توفير الحد الأدنى من الأمن والخدمات الضرورية: الصحية، والتعليمية، والشرطية، والكهربائية، والمائية.
هذا بالضبط ما يحدث الآن، مع اقتراب الدعم السريع من حسم معركة الفاشر، وبالتالي ستصبح منطقة غرب أم درمان هي المنطقة التالية تحت نيرانه. لذلك انطلقت الدعوات من قبل الكوز المستخدم بالأجر من قبل الاستخبارات وحركات الارتزاق؛ المنتقب الذي يسمي نفسه “انصرافي”، وهو كذلك. يحث السودانيين اللاجئين إلى مصر على العودة إلى العاصمة لتوطينهم في منطقة كرري، التي هي غير آمنة وقاحلة، وغير صالحة للعيش فيها، فهي اضافةً إلى غياب الأمن تفتقر أيضاً إلى أبسط مقومات الحياة البشرية في حدها الأدنى، دعك عن الكريمة.
ومن هنا نحذّر اللاجئين الموجودين في مصر من الوقوع في هذا الفخ، والعودة بـ(بصات الانصرافي)، فدعوته تأتي من أجل استخدامكم دروعًا بشرية حال سيطرة الدعم السريع على الفاشر وعودتها مجددًا إلى غرب أم درمان. هذا مخطط استخباراتي أمني كيزاني واضح. لذلك، من يرغب منكم في العودة، عليه التواصل مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في مصر وطي ملفه وتسويته، والتنسيق معهم على العودة إلى أي منطقة آمنة بسلام، فلتكنّ بورتسودان، أو قل بورتكيزان، لكن ليست كرري أو غرب أم درمان، فهذا فخ كبير نحذركم منه.
إن نشر هذه الدعوات بالعودة بهذه الطريقة الارتجالية التي لا تليق بالبشر هو استخفاف بحيواتهم، والتخطيط لوضعهم كدروعٍ بشرية في حرب لا تنتهي بالطريقة التي يروجون لها. فالحروب دائمًا تنتهي بالمفاوضات، ولن تكون حرب الكيزان لاستعادة السلطة استثناءً، مهما بلغت الأكاذيب ذروتها.
إن الاستماع والاستجابة لدعوات صادرة عن شخص غامض متخفٍ وراء نقاب لا تليق بالعقلاء. فإن كانت ثمة دعوة للعودة، فلتكن بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين في مصر، وتحت علم وإشراف حكومة (بورتكيزان)، حتى تتحمل مسؤوليتها أمام الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي. لكن أن توكل قيادة الجيش هذه المهمة إلى شخص غامض ومجهول، فإن هذه هي الورطة الكبرى. فما إن يعود الناس إلى أم درمان، حتى يتنصل منهم الجميع. سيقولون لهم: من الذي قال لكم عودوا؟ هل وجهت لكم قيادة الجيش نداءً بالعودة؟ سيرد العائدون: لقد قال لنا الانصرافي. ستسألهم حكومة (بورتكيزان): ومن هو الانصرافي هذا؟ ما وظيفته؟ وما اسمه الحقيقي؟ سيقولون: لا نعرف ورب الكعبة.
حينها، سيجد العائدون أنفسهم أمام الحقيقة القاسية والمرة، منسيون في (فيافي) غرب أم درمان، دون نصير أو سند. فإن عادت قوات الدعم السريع إلى الهجوم مرة أخرى، سينسحب الجيش كما حدث في الجزيرة، وسيتركهم لمصيرهم المحتوم، لأنهم بالنسبة له ليسوا سوى دروع بشرية لا قيمة لهم.
هذا ما يُخطط له ويُحاك، فاحذروا التسرع، وفكروا مليًا وبرويّة.