هل ستفلح (القمة الثلاثية) في عودة طرفي الصراع إلى منبر جدة..؟

بورتسودان – إسكاي سودان

في الوقت الذي كانت فيه أنظار السودانيين المتعطشة لوقف الحرب تتجه نحو العاصمة السويسرية (جنيف) لمتابعة مجريات المفاوضات التي تجري هناك بشأن سبل تأمين وصول المساعدات الانسانية وحماية المدنيين، وفي خطوة مفاجئة أعلن بيان لمجلس السيادة السوداني (الجمعة) الماضية أن رئيسه عبد الفتاح البرهان تلقى اتصالا من رئيس دولة الامارات العربية المتحدة محمد بن زايد وأن الأخير أبدى رغبته في المساعدة في إنهاء الحرب بالسودان، فيما أفادت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) مساء (الخميس) أن بن زايد تلقى مكالمة هاتفية من البرهان، ناقشا خلالها العلاقات بين البلدين والتطورات الأخيرة في السودان، ووجدت هذه الخطوة صدى كبيراً في الأوساط السياسية والاقليمية الدولية المهتمة بوقف الحرب في السودان.

وبالنسبة للكثيرين فان هذه المباحثات تعتبر الأولى من نوعها بين قادة البلدين منذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل 2023م، ومنذ ذلك الوقت ظلت حكومة الأمر الواقع في بورتسودان تتهم الإمارات بتمويل قوات الدعم السريع ودعمها بالأسلحة والعتاد الحربي عبر تشاد وأفريقيا الوسطى، وتعتقد حكومة بورتسودان أن هذا الدعم شكل فارقًا في المعارك العسكرية التي تُخاض منذ 15 أبريل 2023م، وتوترت العلاقات بين البلدين جراء هذه الاتهامات التي تصاعدت حدتها مع توجيه القادة العسكريين في السودان نقدًا لاذعًا للقيادة الإماراتية، كما تراشق مندوبا البلدين في الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن الشهر الماضي في تصعيد غير مسبوق استبقه البلدان بتبادل طرد دبلوماسيين.

في السياق قال البيان الإماراتي: (تم بحث العلاقات بين البلدين الشقيقين وشعبيهما، إضافة إلى تطورات الأوضاع على الساحة السودانية وسبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها، وأكد محمد بن زايد، حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان، بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء، وشدد محمد بن زايد، على ضرورة تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء مصالح السودان العليا والحفاظ على أمنه واستقراره، كما أعرب عن التزام دولة الإمارات بمواصلة دعمها للجهود الإنسانية لرفع معاناة الشعب السوداني الشقيق).

وفي يونيو الماضي، قدمت بعثة السودان في الأمم المتحدة ملفًا يحتوي على ما قالت إنها أدلة إضافية تثبت دعم دولة الإمارات لقوات الدعم السريع بالأسلحة والآليات الحربية علاوة على أنظمة الاتصالات، لكن مسؤولين اماراتيين سارعوا الى نفي هذه الاتهامات مؤكدين حصر مساعيهم في تقديم مساعدات للمتضررين من الحرب في السودان.

وفي سياق متصل قالت مصادر دبلوماسية إن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وقائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أجريا اتصالاً هاتفياً ناقشا خلاله مقترحاً من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للتوسط من أجل إنهاء الحرب الدائرة في السودان، ويعتبر هذا الاتصال هو أول اتصال علني بين الزعيمين منذ أن بدأ الجيش السوداني في انتقاد الإمارات صراحة بسبب ما قيل عن دعمها لقوات الدعم السريع وهو ما نفته الإمارات مراراً.

وقالت مصادر دبلوماسية أفريقية لـصحيفة (السُوداني) إن قمة ثلاثية مرتقبة ستجمع رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وقالت الصحيفة إن القمة ستنعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وذلك عبر وساطة يقودها آبي أحمد بهدف رأب الصدع بين السودان والإمارات، وكان الخلاف بين البلدين وصل إلى مجلس الأمن، إثر اتهام السودان للإمارات بدعم قوات الدعم السريع في النزاع الحالي، وهو ما تنفيه الإمارات.

وأكدت المصادر أن آبي أحمد قد انتهى من إعداد أجندة القمة، التي تركز على وقف التصعيد الدبلوماسي والإعلامي بين البلدين، ومناقشة جميع الاتهامات المقدمة إلى مجلس الأمن، بالإضافة إلى بحث الأزمة السودانية وطرح حلول فعّالة لها، وأوضحت المصادر أن البرهان وبن زايد قد رحبا بوساطة آبي أحمد، كما مهد رئيس الوزراء الإثيوبي للقمة المرتقبة من خلال ترتيب الاتصال الهاتفي الذي جرى مساء أمس (السبت) بين البرهان وبن زايد.

وذكرت مصادر دبلوماسية سودانية أن البرهان وبن زايد ناقشا مقترحاً من آبي أحمد الذي زار السودان في وقت سابق من هذا الشهر، للتوسط لإنهاء الحرب التي اندلعت في أبريل من العام 2023م فيما كثرت التحليلات والتأويلات حول مغزى الاتصال، وأثار الكثير من الجدل والتساؤلات، ويرى فريق أن الاتصال الذي جاء بعد قرابة عام ونصف العام من اندلاع الحرب في السودان خطوة إيجابية تعزز من فرص إنهاء الحرب في السودان، فيما يرى الفريق الاخر وهم أنصار النظام البائد ان الخطوة تعتبر هزيمة للجيش السوداني الذب قدم تضحيات عظيمة.

وبالنسبة لبعض المتابعين والمهتمين فأن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، في الأيام الماضية جاءت بتنسيق تام بين القوى الإقليمية والدولية لإقناع قادة الجيش السوداني بالتوجه إلى مسار الحل السلمي المتفاوَض عليه، وبحسب ما يرى البعض فإن كل التحركات التي تجري لوقف الاقتتال في السودان سواء على المستوى الأفريقي أم دول الجوار العربي تجري بتنسيق كامل مع المجهودات التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي وأميركا وان الإمارات قد تحركت في أكثر من جبهة لمزيد من التدخل الدبلوماسي في الشأن السوداني.

ويؤكد الواقع الماثل أن هناك تياراً داخل الجيش السوداني تؤثر عليه الحركة الإسلامية، يضع العراقيل أمام أي مساعٍ لوقف الحرب من أجل العودة إلى السلطة مرة أخرى، وعمل هذا التيار الأصولي المتطرف على إفشال ما جرى التوصل إليه في منبر جدة والمفاوضات التي جرت في العاصمة البحرينية المنامة، ويبدو واضحا أن المكالمة الهاتفية بين البرهان وبن زايد سيكون لها ما بعدها، وربما تكون الإمارات جزءاً من المعادلة وضمن المساعي الإقليمية والدولية.

ويبدو أن هذا الأمر قاد الى توجس تنظيم الجبهة الاسلامية وهجوم الموالين له على قائد الجيش السوداني، لقطع الطريق أمامه لأي محاولة منه لإعطاء الإمارات دوراً في وقف الحرب، كما ان تنظيم الاسلاميين أصبح لا يثق بالبرهان، ولا يرغب في أي تواصل مع الإمارات التي يرى أنها تقف ضده، وتوقع البعض أن يشن تنظيم الاسلاميين حملة شرسة ضد قائد الجيش للتراجع عن أي خطوة يمكن أن تقود إلى حل تفاوضي لوقف الحرب .. ومابين موقف الاسلاميين المتطرفين الساعي الى عدم وقف الحرب وتداعيات القمة الثلاثية المرتقبة سيبقى السؤال المحوري قائما .. هل سيفلح لقاء البرهان ومحمد بن زايد وأبي أحمد في عودة طرفي الصراع إلى منبر جدة ووقف الحرب في السودان؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.