د.عصام حامد دكين: الاستقرار السياسى في السودان في ظل توقيع الاتفاق السياسى الإطاري (٣)
* يتكون مصطلح الاستقرار السياسى من كلمة الاستقرار وصفته سياسية وكلمة استقرار فى اللغه العربية مأخوذة من كلمة استقر استقرارا وقد اشتق مصطلح الاستقرار من القر حيث يعرف لسان العرب بأنه القرار فى المكان اى القرار والثبات يقول الله تعالى(ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار) أى مالها من ثبات ويقول الله تعالى(ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وأن الآخرة هى دار القرار ) بمعنى ان الآخرة هى محل الإقامه ومنزل السكون والاستقرار ويقول الله تعالى(الله الذى جعل لكم الارض قرار والسماء بناء) أى ان الأرض قارة ساكنه مهيأه لكل مصالح البشر يستقرون فيها ويتمكنون من حرثها وغرسها والبناء فوقها والإقامة فيها وهو ما أكده ابن كثير فى تفسره للاية فى قوله تعالى (ان الله جعل لنا الأرض بساطا مهادا نعيش عليها ونتصرف فيها ونمشي فى مناكبها وارساها بالجبال لكى لا تميل بنا).
كما ورد معنى الاستقرار بمعنى الثبات والسكون قال الله تعالى(ولكم فى الأرض متاع ومستقر إلى حين) اى مسكن وقرار كما قال تعالى(ان جعل الأرض قرارا جعل خلالها انهارا )بمعنى المستقر اى دحاها وسواها بحيث يمكن الاستقرار عليها. قال الله تعالى ايضا (ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه سوف ترانى) بمعنى انه اذا استقر مكانه الجبل ولم يتزحزح.
* ام فى القاموس الفرنسى مفهوم الاستقرار السياسى يعنى بقاء الحاله او الوضعية على حالها أى على ما هى عليه بمعنى وجود حالة التوازن المستمر.
* ام فى القاموس البريطاني مفهوم الاستقرار السياسى هو بقاء النظام السياسى محافظا على نفسه خلال الأزمان وبدون صراع داخلى(أزمة وقود وخبز وارتفاع اسعار السلع الغذائية…………الخ) .
* ارتبط الاستقرار السياسى بمفهوم الشرعية السياسية وعرف بأنه حالة من الاتفاق العام فى الرأى بين النخبه والجماهير حول القواعد التى يعمل بها النظام السياسى وارتباطه بمفهوم الشرعيه السياسية وهذا ما نفقده فى السودان.
* تم توقيع اتفاق إطارى سياسى بين المكون العسكرى والأحزاب والكتل والهيئات فهو اتفاق مفتوح لكل القوى السياسية رغم انه كتب بشكل حصرى بواسطة القوى الأجنبية بغرض تحقيق استقرار سياسى فى السودان *وصف المعارضون الموقعين على الاتفاق الإطاري السياسي بانهم لا يمتلكون شرعية شعبيه مما يعنى ان الاتفاق باطل ولكنه لا يعنى بالنسبه لي كمحلل كذلك بل يعنيني المضمون فهو جيد ويؤسس لدوله مدنيه ديمقراطية.
* القضايا والمهام التى حددها الاتفاق الإطاري السياسي لانجازها خلال الفترة الانتقالية فهى قضايا مهمه جدا يجب ان يجد كل مواطن حقه فيها حتى يشعر بأن الفترة الانتقاليه تمثله لكن القضايا والمهام جاءت منقوصة حيث أشارت لإصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية،وتحقيق العدالة الانتقالية، والإصلاح القانونى، وإيقاف التدهور الاقتصادى وإصلاح الاقتصاد،وإزالة التمكين،وتنفيذ اتفاق سلام جوبا ،وإصلاح مؤسسات الدولة والخدمه المدنيه ،وصناعة الدستور، وتنظيم الانتخابات بنهايه الفترة الانتقالية، واتباع سياسه خارجية متوازنه.
لكنها لم تشر لقضايا ومهام حساسه خلال الفترة الانتقالية والتعامل معها بوعى حتى تنجح الفتره الانتقالية وهى الوقوف على مسافة واحده من كل السودانيين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، عدم السماح بالتدخلات الأجنبية، ومنح الأولوية للإنتاج فى القطاع الحقيقى، واختيار رئيس وزراء وحكومته المستقلة وفق معيار الكفاءه الوطنيه، واصحاح البيئة، وبسط الامن، وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء، والعدالة فى توزيع الفرص ، والبعد عن المحسوبية واستغلال النفوذ ، ومتابعه مؤسسات الدولة وخصوصا الخدميه.
* القوى السياسية منقسمة فى كياناتها وكذلك الحركات المسلحه والدعم السريع ليس على توافق مع القوات المسلحة حيث وقع قائد الدعم السريع منفردا وقدم كلمه منفرده فهو دليل على عدم التوافق مع القوات المسلحة.
* القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري السياسي اذا لم تجد السند الشعبى ستكون تحت سيطرة العسكريين والقوى الدولية وبالتالى ستكون فاقده السند والأراده ويمكن الانقضاض عليها أو تهميشها أو يصبح الاتفاق الإطاري وثيقة وصاية دولية الغرض منها تقسيم المقسم واحداث ربكة تقود إلى مواجهات مسلحة تمهد للتدخل الدولى تحت البند السابع والتصعيد الذى بدأ في الشرق اذا لم يتدارك سوف يمهد للصراع المطلوب الذى يؤدي لتقسيم.
* أيضا اذا لم يجد الاتفاق الإطاري السياسي التأييد من القوى السياسية بنسبه معقولة سوف ينهار ولن يحميه المجتمع الدولي والاقليمى لذلك لابد من توسيع قاعده المشاركة فيه وتحسين فرص التوافق الوطنى ، وحزف التعابير الاحتكارية واضافه التعابير التى تمنحه الاستقلالية وجعل المصلحة العامة مقدمه على المصلحة الخاصة .
* الاتفاق الاطارى ايضا مفتوح حسب الإعلان لمن يرغب في المساهمة فى الاتفاق النهائي وهذا ماجعلنا نؤيده طالما هنالك فرص للجرح والتعديل.
* لكن للاسف حزب الأمة القومي قال : إن الدعوة لتوسعة قاعدة المؤيدين للاتفاق الإطاري مع أهميتها لا تعني إغراقه بمسميات وقوي لا تؤمن بالتحول المدني الديمقراطي ولا تنطبق عليها اشتراطاته وذلك لضمان مسعي الاتفاق وتحقيق مقصوده وليس لإرضاء البعض بعد ان صرح مبارك الفاضل بالتوقيع على الاتفاق الاطارى السياسي وهنا تظهر انانيه القوى السياسيه المدنية والمكايده منذ الاستقلال كلما سنحت فرصه للاستقرار السياسى ضاق الآخرين زرعا بها .
نواصل دكتور عصام حامد دكين باحث و اكاديمي واعلامى ومحلل سياسى واقتصادى