د.أسامة محمد جمعة داؤد يكتب.. لجان المقاومة بين الضلال والتضليل

د.أسامة محمد جمعة داؤد … لجان المقاومة بين الضلال والتضليل

حينما نتحدث عن ضلال لجان المقاومة لا نعني كفرها وإلحادها إنما نعني انحرافها عن أهدافها ، وتيهها عن غاياتها ، وعدولها عن مقاصدها ، وجهلها لمعالم الصواب ومواطن الحقيقة . أما التضليل فنقصد به التمويه والخداع الذي تعرضت له تلك اللجان من قبل المعارضة السياسية لشغلها وإلهائها عن أهدافها الحقيقية.

فقد انبثقت لجان المقاومة من تجمع العاطلين عن العمل من الخريجين والخريجات وغيرهم ، بعد انتظامهم في تشكيلات سرية في الأحياء ، وقد كانت هذه اللجان بمثابة التجسيد الديناميكي للثورة السودانية التي انطلقت في اواخر ديسمبر 2018م، وقد دفعت بها المعارضة السياسية المتخفية إلى الخطوط الأمامية لزعرعة النظام وتعطيل حركته ، وأسندت إليها خط الدفاع الخلفي لحماية مكتسبات الثورة بعد وصولها للسلطة.

وقد تعرضت لجان المقاومة لصنوف من العذاب والتعذيب في سبيل إسقاط النظام بدءاً بالإهانة والاستدعاء والضرب والرمي والطرد ، والوصم بالتمرد الاجتماعي ، وحلق الرؤوس ، وتفتيش الهواتف والمنازل ، وتلفيق الاتهامات ، والحبس ، والإعاقة ، والقتل ، حتى إذا بلغت الثورة أهدافها وأصبحت غاب قوسين أو أدنى من السلطة ظهرت الأحزاب إلى السطح وأبدت استعدادها لاستلام السلطة وأظهرت نواياها في إبعاد لجان المقاومة عن المشاركة فيها.

وقد كان المؤدلجون والمتحزبون من لجان المقاومة يدركون عملية إبعاد المقاومة عن (التوزير) و(التوظيف) ولكنهم حبسوا أفواههم وكأن الأمر لا يعنيهم ، لأن ما افتقدوه من توظيف هنا سوف يجدونه متوافراً في أحزابهم.

هكذا تم استهداف لجان المقاومة من قبل أحزاب الحرية والتغيير وذلك لقلة خبرتهم السياسية وحداثة أسنانهم ، وتمادت هذه الأحزاب حتى أصبحت تحرك لجان المقاومة حسب حاجتها السياسية ، وتصرف النظر عنها عندما تقضي حاجتها ، وتحقق ما تريد.

لقد تعرضت هذه اللجان إلى تضليل متعمد من تلك الأحزاب وتم استغلالها لتحقيق أجندة سياسية من قبل بعض الأحزاب اليسارية كالحزب الشيوعي والمؤتمر السوداني ، وتم إبعادهم عمداً من المقاعد التنفيذية في الحكومة الانتقالية رغم حاجتهم للتوظيف تحت زريعة مراقبة الشراكة ، وممارسة الضغط لإكمال هياكل السلطة ، ومن ثم تم إلهاؤهم بلجان الخدمات في الأحياء ليتحملوا نتائج اخفاقات الحكومة في تلمس احتياجات المواطنيين ، وأعمال النظافة ، وتوفير الغاز ، والوقود ، والدقيق ، وتشجير الطرق ، وحملات التطعيم والتعقيم ، وغيرها من الخدمات.

وبعد سقوط الحكومة الانتقالية الأولى عادت إليهم تلك الأحزاب لتمارس هوايتها في التضليل ، ودفعت بهم مرة أخرى للخطوط الأمامية تحت شعار جديد ( لا مساومة ،ولا شراكة ، ولا شرعية) ، وزودتهم بطائفة من الأكاذيب والمعلومات الزائفة التي تمت صناعتها لشيطنة المكون العسكري ، واغتيال قادته معنوياً، وزرع الشكوك في نواياه ، وتشويه صورته ، حتى إذا ابعدتهم حسياً ومعنوياً عن المكون العسكري ذهبت هي لتفاوضة وتتحصل على بعض المكاسب في التسوية السياسية.

يجب أن تفطن لجان المقاومة لمستقبلها السياسي وتفاوض المكون العسكري بنفسها ودون وسيط ، لأن هذه الأحزاب سوف تدفعها للمطالبة بالعدالة الانتقالية ودماء الشهداء لتحرفها عن الهدف الأساسي وهو التحول المدني الذي تهيأت له الأجواء بعد أن أعلن المكون العسكري استعداده للخروج من المشهد السياسي والعودة إلى (ثكناته) ، وهذه الأحزاب تدرك تماماً أن العدالة الانتقاليه لن تتحقق إلا بعد استقرار الحكم.

ولن يستقيم أمر لجان المقاومة ما لم تحدد رؤيتها ورسالتها بوضوح ، وتدرك المؤامرات التي تحاك ضدها من الأحزاب الصديقة ، وتعيد ترتيب أهدافها نحو التحول المدني أولاً ، ثم العدالة الانتقالية ثانياً ، وأن يتم بناء المقاومة من جميع الشباب الفاعل في نطاق الوطن ، عبر هيكل تنظيمي رأسي تحت قيادة واحدة ، بدلاً من الهيكل الأفقي الأحمر الذي أثبت فشله ، وأن يتم إبعاد الأعضاء المؤدلجين والمتحزبين الذين مازالوا يعملون في خدمة أحزابهم من تشكيلات المقاومة ولجانها التنظيمية ومكاتبها الإدارية حتي تحتفظ بحريتها الذاتية وتقرر في مستقبلها بنفسها .. وليتها صنعت حزبا لتأكل بيدها لا بيد الأخرين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.