د.أسامة محمد جمعة داؤد يكتب.. تحذيرات حطاب (قراءة ثانية)
د. أسامة محمد جمعة داؤد يكتب .. تحذيرات حطاب (قراءة ثانية)
إلى وقت قريب كان اللإسلاميون يزعمون أن الرئيس البرهان حليفهم وصديقهم ، وأنهم يدخرونه ليوم كريهة وسداد ثقر.
ولقد ظنوا أنهم أهله وعشيرته الأقربون وهم الأولى من غيرهم في تولي زمام الأمور، لاسيما بعد أن عاد المفصولون من منسوبيهم إلى أعمالهم ، وتم إطلاق سراح بعضهم من السجون، واسترجعت نقاباتهم التي حلتها لجنة إزالة التمكين.
نحن كنا نراقب المشهد من بعيد ونعرف أن البرهان لا علاقة له بالحركة الإسلامية ولا بالمؤتمر الوطني ، فهو لم يُجند في العيلفون ولايعرف استيعاباً ولا استقطاباً، ولم يسمع محاضرة للبنا ، ولم يقرأ كتاباً لسيد قطب ، ولم يجلس يوماً للترابي ، وليست في عنقه بيعة ، ولا في عاتقه التزاماً حركياً يلزمه العمل علي حماية الحركيين ، وتعميدهم في مواقع القرار.
فالبرهان الذي ترونه ضعيفاً هو أذكى مما تتصورنه لأنه حرر نفسه من جميع الإنتماءات السياسية ، وكان بارعاً في إدارة اللعبة السياسية، لقد قرب إليه الإسلاميين في اعتصام القصر ، واستعان بهم في إزالة حكومة قحت الأولي وهذا ليست عيبا في السياسية السودانية .
وقد أفاد الاسلاميون كثيراً من الحرية التي اتيحت لهم بعد انقلاب البرهان وكونوا تنظيماتهم واحلافهم وسيروا مواكبهم وعادت إليهم حياتهم من جديد.
أما الآن فقد تغيرت الأحوال السياسية الداخلية والخارجية ، بعد أن تحرك آل البيت من الحرية والتغيير إلى القصر لاستلام مواقعهم واستجابوا لتحفظات القوات المسلحة ، وأصبح المؤتمر الوطني كالمجزوم يجب ان يفر منه من كانت هجرته لدنيا يغتنمها، ومن اراد ان تستقر السلطة على يديه. .
ولقد لاحظنا أن الحركيين جميعا قد تفاجأوا بتحذيرات البرهان، وظن بعضهم أنها الحرب والمكيدة، زاعمين أن البرهان يظهر خلاف ما يبطن، ولا زالوا يظنون أن البرهان سوف يهز لهم الثوار هزا، ويرجهم رجا ، ويفعل فيهم الأفاعيل.
يجب يعرف الحركيون أنهم لا مجال لهم في الحكومة القادمة، وان استجاب البرهان لمناوراتهم سوف يجد نفسه خارج اللعبة السياسية، أما بقية الإسلاميين خاصة الذين اسهموا في إزالة النظام السابق فلهم الخيار في (المشاركة أو المعارضة)، فقد أصبحت التسوية امراً واقعاً، والكفاح من الداخل خير من المعارضة في الخارج، ولا فائدة للمواكب إذا لم يصحبها تفاوض، ولا جدوى للتهور والانفعال في ظل وجود الحكمة والجدال.
وقد أكدت كل الروايات التي دفعت الي وسائل الاعلام أن بعض الحركيين استعجلوا خطف الثمار وخالفوا قيادتهم (وتخاشنوا) مع مندوب الأمم المتحدة وهددوه بانقلاب عسكري أن لم يسمح لهم بالاشتراك في السلطة، وأساء آخرون لقيادة القوات المسلحة في وسائل الإعلام التقليدية والرقمية ، وهناك أخبار غير مؤكدة عن محاولة انقلابية فاشلة تم التخطيط لها من قبل عناصر المؤتمر الوطني الذين كانوا في المشافي ، هذه الأفاعيل وغيرها دفعت البرهان إلى فقدان الثقة في الحركيين ، ورفع الإشارة الحمراء في مواجهتهم .