أمين محمد يونس يكتب..الإدارات الأهلية ومنحنى السقوط

امين محمد يونس يكتب..الإدارات الأهلية ومنحنى السقوط

 

الادارة الأهلية تعني بتنفيذ سياسة عامة بالتفويض لتحقيق أهداف المجتمع المحلي ، ويتمتع رئيس الإدارة الأهلية في قبيلته بمُطلق الصلاحيات التي يتمتع بها الحاكم ، فهو القاضي والمُشرع، والراعي لمتطلبات مجتمعه القبلي، ويتم اختياره بناء على مقاييس أهمها الحكمة والشجاعه ورحابة الصدر والولاء للقبيلة.

 

وكلما زادت قوة شخصية رأس القبيلة وشاع عدله وحنكته تجمع حوله أهله وعشيرته والقبائل المجاوة،.

وبهذا المفهوم أُسست الإمبراطوريات والممالك منذ آلاف السنين وامتداد العصور المختلفة حتى نسبت بعض الإمبراطوريات والمماليك لقبائل بعينها ، وقد قاد بعضها الطمع لتخوض حروب لتخضع مماليك أخرى لسلطانها.

وقد ضعفت الإدارات الأهلية وتحجم سلطانها في مناطق محدودة مع تعاقب الاحقاب وتبدل الأجيال وتغير الموازين .

فلم تعد لمملكة النوبة والفونج وسلطنة الفور سلطانها الذي كآنت تتمتع به سابقا مع الدول والحكومات ولم تعد لها هيبتها واحترامها قوانينها الداخلية بل تلاشت ولم تعد موجوده على أرض الواقع.

وبعد إنهيار المماليك والسلطنات بسبب ضُعف قادتها ومحدودية الرؤى قويت شوكة الدولة وأستطاع السياسيون أن يستقطبوا بعض قيادات القبائل بمسمياتهم المختلفة واجبروا آخرين للتنازل عن سلطتهم و باع اخرون اهاليهم انفسهم رخيصة للحكام المتعاقبين على البلاد.

وفي العقود الثلاثة الأخيرة سلبت الحكومات عن الإدارات الأهلية ذاتها عزتها وكرامتها ومسؤوليتها وأصبحت تتملق للحكومات طلبا لعرضٍ الدنيا الزائل وحفاظا على المكانة و السلطة.

وصل الحال بالادارة الأهلية في بعض المناطق ان يتم تعيين القائد المحلي سواء كان عمدة،أو أميرا، ناظرا،او شرتايا، او مكا، او دبنقايا، أو سلطانا. بصورة مباشرة من حكومة البلاد اعتمادا على ولائه للسلطة الحاكمة دون مراعاة لأهليته وولائه لقبيلته أو مجتمعه. الأمر الذي تسبب في شروخ في بعض القبائل.

فقد أصبح رأس القبيلة لا يعني للقبيلة شئ ولا يتعاونون معه ولا يحتكمون عنده بعد ان تم تجريده من كافة الصلاحيات التي يتمتع بها سابقاً.

وعندما دارت رحى الحرب اللعينة أصبح بعض زعماء الإدارات الأهلية يحاربون بالوكالة عن الأنظمة الحاكمة بل صاروا مجرد كائنات متملقة تشري نفسها وعشيرتها بثمن بخس ويمتهنون التكسب بقضايا أهاليهم الذين خابت آمالهم وضاقت أحوالهم.

وقد صارت حقيبة القابلة اليوم في بعض المجتمعات أفضل وأكثر قدسية من حقيبة رجل الإدارة الأهلية الممهورة بتوقيعات وتصديقات المؤسسات وطلبات الدعم والإعاشات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.