عادل إبراهيم يكتب .. بيان وزارة خارجية السلطة السودانية الانقلابية: من يضلّل من

بيان وزارة خارجية السلطة السودانية الانقلابية: من يضلّل من

عادل إبراهيم مصطفى

في السابع عشر من مايو 2025 أصدرت وزارة خارجية السلطة الانقلابية السودانية، التي تعمل من موقع نزوحها الداخلي، بيانا يتهم دولة الإمارات العربية المتحدة بـ”انتهاك جسيم لاتفاقيات فيينا،” على خلفية إبعاد عدد من منسوبي الجيش، والاحتياطي المركزي، وجهاز الأمن، العاملين ضمن طاقم القنصلية العامة في دبي.

 

للوهلة الأولى، يبدو البيان محاولة يائسة لتضخيم حدث دبلوماسي معتاد، لكن في عمقه يعكس حالة الانفصام التي تعيشها سلطة انقلابية ترفض الاعتراف بفشلها، وتصرّ على تعليق خيباتها على مشاجب الآخرين. إنه بيان لا يُقرأ إلا كمرآة لانهيار المؤسسة الدبلوماسية السودانية، وتحولها من واجهة للدولة إلى أداة في يد مشروع سياسي ساقط، يقتات على الأزمات والمواجهات المفتعلة.

 

من المؤسف أن تتجرأ هذه السلطة على لوم دولة كانت، ولا تزال، من أبرز المضيفين للجالية السودانية، متجاهلة أن السبب الحقيقي وراء هذا الإبعاد لا يتعلق بالإمارات، بل بطريقة تعاطي السلطة نفسها مع علاقاتها الخارجية، وإصرارها على العبث بملفات حساسة دون أدنى قدر من المسؤولية أو المهنية. هي التي قطعت العلاقات مع الإمارات بلا تنسيق، ثم أبقت على قنصلية منزوعة الفاعلية، في سابقة دبلوماسية لا يجرؤ على اقترافها سوى من لا يعرف معنى الدولة ولا كرامة المواطن.

 

◄ الإمارات، ولا غيرها ممّن احتضنوا السودانيين، لا يحتاجون إلى تبرير أو تلميح، فالمواقف أوضح من البيانات، والحقائق أقوى من محاولات التزييف.

 

الأدهى أن البيان، وهو يُصاغ بقدر كبير من الانفعال وسوء التقدير، يخلو من أيّ إشارة إلى السبب الحقيقي للإبعاد. فهل تملك السلطة الانقلابية شجاعة كشف ذلك؟ أم تكتفي بمحاولة إثارة العواطف وادعاء الظلم، كما اعتادت!

 

أما محاولتها استدرار تعاطف الجالية السودانية في الإمارات، فهي إهانة مزدوجة: أولا، لأنها تتجاهل ما قدمته الدولة المضيفة من حماية ورعاية على مدار سنوات طويلة، وثانيا، لأنها تصدر عن سلطة تخلّت فعليّا عن مواطنيها، بل وتعاملت معهم كأرقام أو مصادر ابتزاز مالي حتى في أبسط حقوقهم القنصلية.

 

الحق أن الخارجية السودانية لم تعد تمثل الدولة، بل تمثل سلطة انقلابية لا شرعية لها، هي فقط أداة في مشروع تصفية ثورة ديسمبر 2018، ومحاولة لإجهاض تطلعات شعب قرر أن يبني وطنا حرّا عادلا، فواجهته رصاصات القمع، وخطابات التزوير، وبيانات كالتي بين أيدينا.

 

ختاما، لا تحتاج الإمارات، ولا غيرها ممّن احتضنوا السودانيين، إلى تبرير أو تلميح، فالمواقف أوضح من البيانات، والحقائق أقوى من محاولات التزييف. من يحتاج إلى تفسير هو هذه السلطة، التي لا تجد غضاضة في التنكر لمن احتضن شعبها، بينما تسابق الزمن لعزل السودان عن محيطه، وإغراقه في صراعات مجانية لا تخدم إلا بقاءها هي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.