بكري الصائغ يكتب: شاء ام ابي: لا حل امام البرهان الا وقف القتال.. وبدء المفاوضات في جدة او جنيف

 

شاء ام ابي: لا حل امام البرهان الا وقف القتال.. وبدء المفاوضات في جدة او جنيف

 

بكري الصائغ

 

ما من شك، ان كل من طالع بتمعن وعناية فائقة الاخبار الاخيرة التي افادت خلال التسعة ايام السابقة من هذا الشهر الحالي مايو ٢٠٢٥ ، بتعرض مدينة بورتسودان وسواكن وكسلا لوابل من القصف المكثف عليها بمسيرات كثيرة اصابت اهدافها بدقة متناهية احدثت خسائر اقتصادية جسيمة، خصوصا وان الحال المزري والقصف مازال مستمر بلا توقف، الا ان يطالب بشدة السلطة الحاكمة في بورتسودان بوقف فوري للحرب، والجنوح للسلم والقبول بالحوار مع قيادة “الدعم السريع” التي اعلنت في يوم الخميس ٧/ مايو الحالي بكل وضوح وصراحة في بيان نشر في صحيفة “المشهد السوداني” خبر تحت عنوان:- (الدعـم تدعو لحل سلمي يؤسس لدولة جديدة) جاء في سياقه:- (دعت قوات الدعم السريع إلى حل سلمي شامل يُنهي الأوضاع التاريخية المختلّة، ويؤسس لدولة جديدة لا تهيمن عليها فئة أو نخبة بعينها، ويكفل المشاركة العادلة والمنصفة للمناطق المهمشة تاريخياً والتي تمثل الغالبية العظمى من الشعوب السودانية مشيرةً إلى أن ذلك ظل من ثوابتها. وقالت في البيان إن هذه الحرب ستنتهي بالتأسيس لغدٍ مشرق، تُبنى فيه الدولة على أسس جديدة، لا مكان فيها للاستبداد أو العنصرية أو التمييز أو الاستبداد؛ وإعادة تشكيل السودان على أسس الحرية والمساواة والعدالة والسلام.).

هناك ثلاثة اسباب تعجل البرهان الاسراع بوقف القتال والقبول بمبدأ الحوار مع عدوه اللدود، وهذه الاسباب هي:
اولا:-(أ)/- النظام الحاكم في بورتسودان لم يعد عنده صديق او حليف حقيقي يقف معه ويؤازره في محنته، مصر التي كانت حتي وقت قريب من هذا الشهر الحالي مايو ٢٠٢٥ تساند البرهان طويلا، رفعت يدها منه واعلنت ذلك صراحة في الزيارة الاخيرة التي قام بها القاهرة قبل سبعة ايام مضت ، ان وجود الاسلاميين والمليشيات المسلحة لا تشجع القاهرة علي مواصلة الدعم والمشورة للنظام الحاكم في بورتسودان، فما كان من البرهان الذي كان خطط البقاء في القاهرة لمدة يومين اقتصرها ليوم واحد، عاد بعدها لبورتسودان وادلي في غضب شديد انه لا يقبل املاءات من احد -(وكل لبيب بالاشارة يفهم من المقصود!!.).

(ب)/- ليت الامر وقف عند القاهرة التي رفعت يدها عن البرهان، بل حتي الصومال هي الاخري وقفت ضد نظام بورتسودان!!، فقد نشرت صحيفة “الراكوبة” في يوم السبت ٣/ مايو الحالي، خبر جاء تحت عنوان :-(الخارجية تتهم الصومال بالتورط في نقل أسلحة لقوات الدعم السريع.)، جاء فيه:-(اتهم سفير السودان لدى إثيوبيا، الزين إبراهيم، الصومال بالتورط في نقل أسلحة إلى قوات الدعم السريع. ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن الزين قوله إن الأسلحة التي تزودها الإمارات لقوات الدعم السريع تمر عبر مطارات في المنطقة، كمطار أم جرس في تشاد وقاعدة بوصاصو الجوية في الصومال، ثم براً من تشاد ونقاط أخرى مجاورة إلى الأراضي السودانية. ولم يقدم السفير أو الوكالة وثائق تثبت تلك الادعاءات وتقديم دولة الصومال أو جكومتها لذلك الدعم.).

ثانيـا:- واحدة من اكبر الضربات القاسية التي تلقتها السلطة الحاكمة في بورتسودان، فشلها في الدعوي ضد دولة الامارات بمحكمة العدل الدولية، ونشرت الصحف الاجنبية ما معناه ان الدعوي السودانية المقدمة ضد دولة الامارات افتقرت إلى أبسط مقومات الجدية القانونية، وتحوّلت إلى واجهة عبثية أطلق من خلالها قادة الجيش السوداني – ومن ورائهم تنظيم الإخوان – حملة تضليل للتغطية على جرائم الحرب والانهيار السياسي الذي جرّ السودان إلى كارثة إنسانية مستمرة. لكن الإمارات، بثبات مواقفها، وبوصلتها الإنسانية، لم تنجرّ إلى هذا المستنقع، بل قابلت الاتهامات بالهدوء، والحقائق، والالتزام بمسار القانون الدولي. قرار المحكمة، الذي لم يُتّخذ مثيله منذ 25 عاما، لم يكن فقط تأكيدا على قوة الموقف القانوني الإماراتي فحسب، بل هو فضح موثق للفراغ القانوني والسياسي الذي يقف خلف نظام البرهان، والذي يحاول تقديم نفسه بوجه سيادي، بينما تغيب عنه شرعية الداخل ويُشكّك فيه الخارج. لدعوى لم تكن سوى محاولة يائسة للهروب من مسؤولية داخلية، فالقضية السودانية لا تتعلق بالإمارات ولا بأيّ طرف خارجي، بل تتعلق بانقلاب على مسار ديمقراطي، وبقيادة عسكرية اختارت الحرب على حساب الحوار، والدمار على حساب الاستقرار. وبدلا من التفاعل مع مبادرات السلام، لجأ القائمون على الأمر الواقع في بورتسودان إلى القضاء الدولي بحثا عن نصر وهمي.).

ثالـثا:- كميات القصف بالمسيرات التي طالت بورتسودان، – وهي كميات قصف لم تعرفه المدينة في تاريخها الطويل-، اثبتت انها (المدينة) هشة خلت من ابسط وسائل الدفاع، مدينة لم تكن امنة منذ وصول البرهان اليها في اغسطس ٢٠٢٣ حتي اليوم، ولا كانت القوات المسلحة فيها مستعدة او مهياة من الناحية العسكرية للدفاع عنها، ولو استمر الحال المزري علي ما هو عليها الان من ضعف، وعدم وجود حماية كافية للسكان والمنشأت الخاصة، والوزارات الحكومية والسفارت، قد يصل حالها الي مثل حال نيالا التي لم تنعم بالهدوء منذ عام ٢٠١٣ حتي اليوم.

لماذا لا يجنح البرهان ويفاوض من اجل سلام يعم كل انحاء البلاد، تماما كما جنح الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي قبل التفاوض مع فلاديمير بوتين لوقف الحرب، ولكن شروط بوتين الصعبة حالت دون تحقيق لقاء بينهما، ومازال الرئيس الامريكي ترامب يواصل مساعيه الجادة من اجل وقف الحرب الروسية الاوكرانية.

ان اخطر ما في موضوع ما بعد قصف بورتسودان وسواكن وكسلا، ان بعض المواقع الصحفية كتبت عن السخط الشديد الذي عم سكان ولاية البحر الاحمر، وعدم رضاهم عن وجود البرهان وجماعته في بورتسودان ، وانه جلب معه من الخرطوم الاسلاميين المتطرفين وكل مطارد وهارب من السجون، هذا الغضب العارم شمل كل السكان الغير راضين بالمرة وبصورة قاطعة عن وجوده والقوات المسلحة والاسلاميين والكتائب الاسلامية، وانه كلهم بلا استناء (ضيوف ثقلاء) غير مرغوبين في الولاية ، فالبرهان والمنظمات الاسلامية هي التي جلبت الخراب والدمار وقصف المسيرات بعد ان كانت ولاية امنة لم تعرف الحروب وعاشت طوال سنوات طويلة في من وسلام.

كل التوقعات تؤكد، انه لا حل امام البرهان – شاء ام ابي- الا ان يبادر بوقف القتال وبدء المفاوضات في جدة او جنيف، وانه في حال الرفض والعناد، قد تلحقه انتفاضة في عاصمته الجديدة، او انقلاب يوصله الي رفيق سلاحه بن عوف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.